ربما تكون عبارة «الحل السياسي» هي الأكثر تداولاً بين المفردات التي يعبر من خلالها المجتمع الدولي عن موقفه من الأزمة السورية، إذ لا يخلو تصريح أو بيان أو حديث إعلامي لهذه الدولة أو تلك من هذا المصطلح، الذي يبدو ظاهرياً مطمئناً لأي إنسان يكره العنف والقتل والإرهاب، إلا أنه عملياً قد يكون في بعض الأحيان بمنزلة فاتحة فصل أكثر سوءاً من العنف والمستقبل القاتم.
يتحدد مفهوم الحل السياسي ومدى تجسيده للمعنى الذي يحمله تبعاً لطريقة إعداده وصياغته وتنفيذه، ومع أن بعض الحلول السياسية يتضح مسارها ومستقبلها منذ مرحلة الإعداد إلا أن حلولاً أخرى لا تتبلور صورتها إلا في المرحلة النهائية المتعلقة بالتنفيذ..
فمثلاً الموقف الغربي من البرنامج النووي الإيراني لا يمكنه إنتاج حل سياسي نظراً لتجاهله منذ البداية لحق الشعوب في الحصول على الطاقة النووية السلمية وإن تم فهو حل غير قابل للحياة والتنفيذ، بينما عملية السلام في المنطقة، التي انطلقت بناءً على قرارات دولية واضحة ومبادئ أساسية، تشهد منذ سنوات طويلة جموداً تاماً بسبب عدم التزام الكيان الصهيوني بتنفيذ ما استندت إليه عملية السلام ومتطلباتها.
ولذلك فإن الحديث عن تأييد الحل السياسي للأزمة السورية لا ينطلق دوماً من رغبة حقيقة في حقن دماء السوريين وإنهاء الأزمة كما يتمنى السوريون جميعاً، فهذا الحل لدى بعض الدول والأطراف عبارة عن بوابة لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية، ودون أدنى اكتراث لمدى شعبية هذا الحل أو نتائجه على المدى البعيد..
إذ لا يمكن القول إن الحل السياسي الذي تؤيده واشنطن وأدواتها الصغيرة في المنطقة، هو نفسه الذي تؤيده موسكو وبكين...
فالأول ينطلق من محددات وسيناريوهات مرسومة مسبقاً تتطابق والمصالح الغربية –الصهيونية، ولذلك فهو حل إن استطاع تجاوز مرحلة الإعداد فلن يجد من يصيغه، أي إن مصيره المحتوم هو الفشل وما قد يستتبعه ذلك من تأزيم للأوضاع السورية بفعل التدخل الخارجي المفضوح في دعم الإرهاب وتهريب السلاح والمسلحين، بدليل التصعيد الميداني المعتاد للمجموعات الإرهابية إثر فشل كل محاولة عربية وغربية في مجلس الأمن ضد سورية.
أما الثاني فهو يستند إلى ما يقرره السوريون بأنفسهم بعيداً عن أي تدخل خارجي في توجهاته، الأمر الذي يجعل منه حلاً قابلاً للتنفيذ والديمومة حتى وإن تحركت بعض القوى والأطراف العربية والإقليمية والدولية لعرقلة تنفيذه، فالإجماع الوطني يبقى كفيلاً بتجاوز ما يُفتعل من صعوبات ومشاكل...
وهكذا يكون الحل السياسي إما مدخلاً لمزيد من العنف والإرهاب.. وإما بوابة لإعادة الأمن والاستقرار وتحقيق تطلعات السوريين.
سيريا ديلي نيوز - تشرين
2012-09-10 13:45:58