لا نعتقد أن الأمر يحتاج إلى كثير من الشرح، وربما بالإمكان الجزم أن العناوين هذه المرة تعكس في جوهرها الكثير من التفاصيل حيث التسخين السياسي يتوازى على الأرض مع إرهاب يشكل وقوده وقاطرته.. في توقيت فاصل ومصيري لا يخفي بدوره الرسائل التي يحملها.
ليس من الصعب قراءة هذه المحاولات المحمومة، وفي كل الاتجاهات ولا هذا الاستنفاد في استخدام كل الأوراق والأدوات، ما استخدم منها في السابق وما لم يُستخدم.. ما كان مكروراً ونمطياً وما هو مستحدث بحكم الحاجة تحت ضغط الخشية من تعثر البدائل، وربما غيابها المطلق.
في استجابة الإرهابيين والمسلحين للتسخين السياسي، تبدو الرسالة الأولى متضمنة في الداخل الذي يريدون تحويله إلى ساحات مواجهة وسط تساؤلات قد تتضمنها تلك الرسالة، لكنها، ربما لا تستطيع أن تقدم الإجابات عنه، وقد لا تريد أن تجيب، كي يبقى الغموض ممراً إجبارياً لطرح ما هو أبعد من ذلك، وبالتالي البناء على استنتاجات متسرعة ومغلوطة.
وفي التسويق لهذه الاستجابة تكمن أكثر من رسالة، بغض النظر عن تراتبية أولوياتها، حين تريد الإيحاء بأن المشهد لا يعاني من ركود أو جمود، يتحرك تحت ضغط القراءات المتسرعة لكثير من الظواهر السطحية أو المعلومات المغلوطة تحت بنود وعناوين تتلون وفق المعطيات ومشاهد التوظيف السياسي لها.
وفي الاتجاه الآخر، تتعدد الأسئلة الموازية، فيما التساؤلات تحاول التقاط الإجابة من تفاصيل الحراك السياسي والتحضير للمنازلات التي ستشهدها الأروقة الأممية، ولاسيما حين يخرج وزير الخارجية الروسي، ليخصص مؤتمراً صحفياً للرد على الكثير من الأسئلة الموازية تلك والتساؤلات الملحقة بها، بما تعكسه من مزاج الجدل داخل القاعات الأممية، وبما تترجمه من مناخ تصعيدي في الإلحاح على المنازلة حتى النهاية.
اللافت أن الرد الروسي كان أشد وضوحاً مما سبقه.. وتفصيلياً إلى حد الإسهاب في قراءة المشهد وتحديد التفاصيل الصغيرة وشروحاتها، حتى الجانبية أو الهامشية، حيث إنها تضمنت كل القرائن والأدلة والشواهد على مستوى التسخين السياسي وما يوازيه من تصعيد في الإرهاب، من قبل التنظيمات المسلحة وما يعادلها من استنفار في الأدوات والمرتزقة في المنطقة.
فحين تتوفر الإجابات السياسية بتفاصيلها، يمكن التقاط الإجابات الموازية لها على الأرض في مواجهة واضحة للإرهاب، وأدواته ومرتزقته والداعمين له والأطراف الموغلة في تورطها بتفاصيله.
وإذا كان المعيار اختيار عوامل القوة وأوراق الرد السياسي والدبلوماسي، وحتى العسكري، فإنه اختيار فشل في تمرير المكائد والدسائس الملحقة بها، وعجز عن خلق بدائل لخيارات الغرب على المستويين.
أما إذا ما اعتبر مقياساً لتأكيد الحضور الإرهابي وقدرة الغرب على تحريكه وخصوصاً في إيقاظ خلاياه النائمة أو تلك التي لم تستخدم بعد، فإن أحداً لا يستطيع إنكار هذه الحقيقة ولا تجاهلها، فالإرهاب في المنبت والصناعة والإنتاج والترويج والاستخدام ماركة مسجلة باسم هذا الغرب، وكان الأداة المطواعة له في كل حروبه القذرة، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم ككل.. وليس في سورية فقط، بل في دول عديدة.
فعملية استيلاد الإرهاب وإيراده وتسويقه وتشجيعه برعت فيها الدوائر الغربية، وتبنتها سياسات دول فاعلة في المجتمع الدولي.. واليوم نسجل لهم «نجاحهم» في إعادة حضوره في الساحة السورية وغيرها.. وهو أمر لا نجادل فيه.
على هذه القاعدة يمكن تفصيل المشهد بضفتيه، بل يمكن تحديد المعادلة بطرفيها، والعناصر الداخلة في كل طرف.. وفي الوقت ذاته، نستطيع أن نجزم وفق تلك القاعدة أن الإرهاب هذا في كل استثماراته السياسية، كان له نتائجه الوخيمة وارتداداته الخطيرة التي تعود إلى المنبت الذي أيقظه وحركه.. وأمثلة التاريخ واضحة..
أما المواجهة معه بعد إدراك أدواته وأطرافه وداعميه ورعاته، فنعتقد أنها محسومة.. خضناها في الماضي وكسبناها بجدارة.. ونخوضها اليوم وسنربح المعركة معها وسنخوضها غداً لنسجل انتصارنا فيها..!!
الثورة
بقلم: علي قاسم
سيريا ديلي نيوز
2012-07-17 15:45:04