استنجدت سوريا بمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) لمساعدتها على مواجهة تحدي الأمن الغذائي، الذي يضيق على البلاد أكثر جراء موجة الجفاف وقلة التمويلات وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي.
وتباحث وزير الزراعة محمد قطنا الاثنين الماضي، مع ممثل منظمة فاو لدى سوريا توني العتل المراحل التي قطعها مشروع “منتج واحد” الخاص بالزيتون بين الجانبين وضرورة إطلاق مشاريع مماثلة تخص التغيرات المناخية.
وقال العتل إن فاو مستعدة “للتعاون مع وزارة الزراعة السورية لتنفيذ كل المشاريع المقترحة للوصول إلى الأهداف المرجوة منها بما يخدم كل الشرائح المستهدفة ويحقق التنمية لها”.
وتعمل المنظمة الأممية منذ سنوات على برامج تستهدف تحسين واقع الأمن الغذائي على مستوى الأسر السورية من خلال دعم صغار الحائزين المحليين لإنتاج المحاصيل وتربية الثروة الحيوانية بمختلف أنواع الحزم الإنتاجية والدورات التدريبية.
كما تسعى إلى تعزيز الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة وتطبيق تقنيات الري الحديثة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد.
وعلاوة على ذلك، تتطلع فاو بالشراكة مع دمشق إلى تعزيز سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية الرئيسية على مستوى المحافظات.
ورغم محاولات دمشق لإنعاش القطاع المهم في توفير الغذاء والتنمية لسكان البلد المثقل بالأزمات الاقتصادية والمالية، فإن المشاكل لا تزال تثقل الدولة والمستثمرين وأصحاب الضيعات والبساتين.
ويعيش البلد على وقع أزمة اقتصادية ومالية خانقة بفعل الحرب والصدمات الخارجية، فيما فُقدت بعض المواد الأساسية من الأسواق مع انهيار العملة وارتفاع الأسعار، لتزيد أزمة توفير الحبوب من الواقع الصعب.
وقبل اندلاع الحرب في عام 2011، كانت سوريا تنتج نحو أربعة ملايين طن من القمح سنويا، وهو ما كان يغطي الاستهلاك المحلي مع تصدير الفائض إلى الدول المجاورة.
لكن مع تأثير الصراع وهطول الأمطار غير المنتظم ووقوع المناطق التقليدية لزراعة القمح في شمال شرق البلاد خارج سيطرة الحكومة، تراجع الإنتاج في السنوات القليلة الماضية.
وشدد قطنا خلال اللقاء مع العتل على أهمية المشاريع المتعلقة بالتغيرات المناخية وتخفيف آثارها والأمن الغذائي لتطوير إنتاج المحاصيل الإستراتيجية.
وتطرق أيضا إلى ضرورة التعاون لإعداد قانون لحفظ الأصول الوراثية والبنك الوراثي، وتسجيل الأصناف السورية التي تملك أصلا وراثيا والأصناف المستنبطة، وبذور الخضار الهجينة المنتجة من القطاع الخاص.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن قطنا قوله “يجب تطوير سبل التعاون بين الطرفين بخصوص المشاريع الزراعية المطروحة للمرحلة القادمة”، معتبرا أن “مشروع منتج واحد بمثابة أداة رئيسية لتحقيق ذلك”.
ويحتاج المشروع إلى أهمية اعتماد برنامج سلاسل القيمة لزيت الزيتون وتوفير فرص وموارد مالية تتيح تقديم كل متطلبات المزارع وتطبيق أساليب جديدة بخصوص القطاف والتسويق بما يحقق عائدا اقتصاديا جيدا.
فاو تسعى إلى تعزيز الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة وتطبيق تقنيات الري الحديثة
وأكد قطنا أن الوزارة وضعت مواصفات قياسية لعمل المعاصر ودليلا لتنظيم قطاف الزيتون، إضافة إلى برنامج إرشادي لتطوير إنتاجية زيت الزيتون، وكل ذلك يحتاج إلى دعم من قبل المنظمات.
وبحسب السلطات، فإن كميات زيت الزيتون التي تم إنتاجها لن تتجاوز 49 ألف طن فقط، وهي بالكاد تكفي لتغطية احتياج السوق المحلية حيث تتراوح احتياجات الاستهلاك بين 70 و80 ألف طن.
وتوقع المسؤولون خلال عام 2022 أن يصل الإنتاج إلى نحو 125 ألف طن من زيت الزيتون الموسم الحالي مقابل نحو 80 ألف طن قبل عام.
ويُرجع الخبراء هذا التراجع إلى العديد من المشاكل أبرزها الجفاف وقلة الدعم الحكومي المقدم لأصحاب مزارع الزيتون، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج واليد العاملة.
وتحتل زراعة الزيتون أهمية اقتصادية للبلاد وتصنف بين المحاصيل الإستراتيجية حيث تأتي في المرتبة الثالثة من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بعد القمح والقطن، لكن الحكومة  تجد صعوبة بالغة في إنعاشها.
ويقول خبراء إن ما بدأته الحرب في سوريا، أكمله الجفاف، إذ يؤكد مزارعون أن تغير المناخ أثر بشدة على الإنتاج الزراعي وأن البلد الذي كان الوحيد في المنطقة يحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، أصبح سكانه مهددين بالجوع والعطش.
ولا يعاني المزارعون من موجة حر لم يسبق لها مثيل خاصة في فصل الصيف فقط، وإنما أيضا من انقطاع المياه وإمدادات الكهرباء، وكلاهما ضروري للحفاظ على مزارعهم.
وكانت سوريا قبل الأزمة من أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا، وكانت تنتج بين 75 و85 في المئة من أغذيتها وأدويتها وألبستها وأحذيتها ويصدر الفائض منها إلى أكثر من 60 دولة، حسب الصندوق العربي للإنماء ومكتب الإحصاء السوري.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات