تُعَد الهجرة من الدول النامية إلى الدول الغنية تحدّيًا بارزًا للبلدان المعنية. فالأفراد الذين يتجهون إلى هذه الوجهات يبحثون عادة عن فُرص عمل ودخل أفضل.
ومع ذلك، ينطوي هذا التحول السكاني الكبير على تزايد الضغوط على الاقتصادات المضيفة.
يتطلب إدماج المهاجرين في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للدول الغنية إجراءات محددة واستثمارات كبيرة.
وهذا يمكن أن يتسبب في توترات في سوق العمل المحلي ويؤثر على الفرص الوظيفية والدخل للمواطنين الأصليين.
وفقًا لأحدث البيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن الهجرة الدولية إلى الدول الغنية وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2022.
يُعزى هذا الارتفاع إلى الأزمات الإنسانية العالمية والطلب على العمال.
تقديرًا من المنظمة، توجّه نحو 6.1 مليون مهاجر دائم جديد إلى دول الأعضاء البالغ عددها 38 دولة خلال العام الماضي.
هذا يشكل زيادة بنسبة 26٪ عن العام 2021 وبنسبة 14٪ عن العام 2019.
الأرقام الأولية لعام 2023 تشير إلى زيادة جديدة، وهذا يشير إلى أن الزيادة في العام الماضي لم تكن مجرد استعادة بعد الجائحة.
من المتوقع أن تستمر التدفقات البشرية والتدفقات المرتبطة بالعمل على مستويات عالية، حيث تشكّل الأخيرة نسبة متزايدة من الهجرة بسبب ندرة العمال على نطاق واسع.
يُشير المؤسسات إلى أن الأسباب وراء هذه الزيادة في الهجرة إلى الدول الغنية تشمل الأوضاع الأمنية والنزاعات الداخلية في البلدان المنشأة للمهاجرين، التغيرات المناخية، وارتفاع معدلات البطالة وغمر البلدان بالفقر.
تُظهر هذه الأزمات العالمية تأثيرها على الهجرة والبحث عن فرص أفضل.
تعكس هذه التحديات التحولات في حركة الهجرة عبر الحدود والضغوط التي تفرضها على البلدان المضيفة، والتي يتعين عليها التعامل مع هذا التحدي بذكاء واستدامة.
يشير الخبير المالي والاقتصادي محمد يسلم الفيلالي من بريطانيا إلى أن الهجرة هي ظاهرة طبيعية تشهد تصاعدًا سريعًا في السنوات المقبلة.
يعزى ذلك إلى التغيرات المناخية التي من المتوقع أن تدفع السكان نحو الهجرة بحثًا عن بيئات آمنة واستقرار اقتصادي.
ويؤكد الفيلالي أن الهجرة تلعب دورًا حاسمًا في توازن التوزيع السكاني، وخاصة في المناطق التي تشهد انخفاضًا في معدلات الولادة.
فإذا لم تكن هناك هجرة، فإن السكان الأوروبيين سينخفضون بمقدار نصف مليون في عام 2019.
وقد بلغ إجمالي المواليد 4.2 مليون والوفيات 4.7 مليون، وزادت التحديات بعد جائحة كورونا التي أثرت على العدد السكاني في عام 2022.
ويشير الفيلالي إلى أن بيانات الاتحاد الأوروبي تُظهر زيادة في تصاريح الإقامة الجديدة لتتجاوز 2.9 مليون في عام 2021 بعد الجائحة.
هذا دفع ببعض البلدان إلى تغيير قوانين الهجرة والمفاهيم المتعلقة بالمواطنة.
وفيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، يُوضح الخبير الاقتصادي أن للهجرة تأثيرًا مزدوجًا على النمو الاقتصادي.
من ناحية، يُسهم المهاجرون المهرة في زيادة الإنتاجية والابتكار وريادة الأعمال، مما يعزز التقدم الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدوا في التنوع الثقافي ورفع الاقتصاد من صناعات الثقافة.
من ناحية أخرى، تؤدي الهجرة بأعداد كبيرة إلى الضغط على الموارد العامة، مما يؤدي إلى تحديات مالية وضغط على الأجور نحو الأسفل، مما يسبب التوترات الاجتماعية.
يُختم الفيلالي حديثه بالإشارة إلى أن المعضلة تكمن في القدرة على إدارة هذه التفاعلات للاستفادة من الإسهامات الاقتصادية الإيجابية للهجرة بينما يتم التخفيف من تأثيراتها السلبية.
تأثيرات الهجرة على اقتصاد الدول الغنية
من جهتها، تقول الدكتورة سمر عادل، باحثة في الاقتصاد الدولي من القاهرة، إن دخول المهاجرين إلى الدول الغنية يؤدي إلى تأثيرات إيجابية وسلبية.
من الناحية السلبية، يتعرض هذه الدول لضغط كبير على مواردها وميزانيتها واحتياجاتها الأساسية ونموها الاقتصادي، مما يؤدي إلى رفع أسعار السلع الغذائية وإيجارات المنازل، بالإضافة إلى زيادة معدلات البطالة.
ومع ذلك، هناك تأثير إيجابي بعد عملية اندماج المهاجرين في سوق العمل، حيث يمكن أن يكون لديهم قيمة مضافة قوية.
وتؤكد الباحثة أن نوع العمالة المهاجرة يلعب دورًا مهمًا.
يمكن استغلال العمالة رخيصة الثمن في الأعمال الصغيرة، بينما يمكن توظيف العمالة المهرة في المهن التي تحتاج إلى مهارة عالية وسيكون لها تأثير إيجابي على اقتصاد الدول الغنية.
سكاي نيوز عربية

سيريا ديلي نيوز


التعليقات