تنتظر الكثير من العائلات موعد قطاف المواسم الزراعية والعمل بها بفارغ الصبر حيث تستقطب هذه المواسم عدداً كبيراً من الشباب يعمل معظمهم بقطاف الزيتون مثلاً لكونه يوفر فرص عمل موسمية يعين هذه الأسر على توفير الحد الأدنى من متطلبات المعيشة لبعض الوقت، ولاسيما مع ارتفاع الأسعار الذي طال جميع السلع الأساسية والخدمات.
أبو شادي مدرّس في مدرسة إعدادية يضطر في كل عام إلى العمل في هذه المواسم سواء الزيتون والبرتقال والتبغ والرمان حيث إنها وبحسب تعبيره مصدراً مهماً لكسب العيش وسد الفجوة والحد من الجوع وزيادة الدخل؛ مضيفاً : العمل في المواسم الزراعية فرصتي الوحيدة لتأمين مازوت التدفئة لعائلتي مع حلول فصل الشتاء حتى لو كان بالسعر الحر.
أما سماح فهي الأخرى معلمة ترافق زوجها في كل عام من أجل العمل في هذه المواسم لافتة إلى أنه وعلى الرغم من أنها فرصة عمل مؤقتة ( لعدة أشهر) إلّا أن أي شخص قادر على أن يحقق دخلاً مادياً يكفيه خلال فصل الشتاء.
ويشير المزارع أبو عبد الله وهو صاحب أرض زراعية إلى أن عمل العائلات في قطاف الزيتون هو السمة الغالبة خلال الموسم، حيث يتعاقد أصحاب المزارع والمستثمرون مع عدد من الأسر بكامل أفرادها القادرين على العمل، مقابل ٢٥ ألف ليرة كل كيس يزن ٥٠ كيلو يتم قطافه.
بدورها أم هيثم وهي سيدة تبلغ من العمر (٥٠ عاماً) تشير إلى أن إجمالي العائد الذي تحققه يومياً من أجر قطاف الزيتون هي وعائلتها وهم ٤ أشخاص يبلغ حوالي ١٥٠ ألف ليرة حيث يقومون بالقطاف وتجميع كل ٥٠ كيلو في كيس، فرغم اتساع المساحات المزروعة بالزيتون إلّا أن عمليات القطاف لا تزال تقليدية وتتم بوساطة الأيدي من دون استخدام التقنيات الحديثة لعدم توفرها ما يجعل المهمة صعبة على العاملين، كما أنها مكلفة بالنسبة للمزارعين والمستثمرين.
وبحسب مزارع آخر فإن هناك فرص عمل كبيرة توفرها المواسم الزراعية الموسمية، فالبعض يعمل في قطاف الزيتون، وآخرون في المعاصر أو عمليات النقل وآخرون في شك الدخان وتنشيفه وبعضهم في قطاف البرتقال وعصر الرمان واستخراج الدبس لذلك فإن هذا يساعد الشباب والنساء وحتى الموظفين الذين يعملون صباحاً في تخفيض معدل البطالة وإن كان لعدة أشهر.
الجدوى الاقتصادية
الخبير الزراعي أكرم عفيف  بين أن المواسم الزراعية تشغل عدداً كبيراً من الأسر التي تود العمل وخاصة في الأرياف؛ وقيمة الدخل الذي تحصل عليه هذه الأسر من المحاصيل أحياناً يصل إلى أكثر من قيمتها نفسها فيساعدها على إنجاز أكثر من أمر ؛ وتعتبر هذه المواسم فرصة لعمل طلاب الجامعة خلال فصل الصيف وتجميع ما يلزمهم خلال العام الدراسي وإطعام الأسر إضافة لذلك هناك بعض المحاصيل لاتحتاج إلى جهد مثل( شك الدخان ) ممكن أن تعمل بهذه المهنة سيدة سبعينية وهي جالسة في منزلها لأنه لا يحتاج إلى بذل مجهود.
وبالتالي المجتمع يعيش حياة إيجابية وهي الحياة المنتجة والمرتبطة بالعمل؛ فالإنتاج الزراعي عبر التاريخ كان يستقطب عدداً كبيراً من العمالة؛ أما اليوم فقد تدهور وتدهورت معه العمالة نتيجة سياسة التسعير التي دمرت المنتجين والمستهلكين معه.
ولم تعد الجدوى الاقتصادية ذات منفعة والسبب في ذلك بحسب الخبير الزراعي أكرم عفيف نتيجة رفع أسعار الكلف والمحروقات والمواد المستورد التي لها علاقة بالإنتاج، مثل المبيدات والأسمدة، هذا أدى بشكل كبير لزيادة التكاليف، وبالتالي هذه المواسم لم تعد ذات شأن فالمزارع مظلوم والعامل الزراعي كذلك مظلوم لأنه يعمل ٣ ساعات بـ٨٠٠٠ ليرة وفي أكثر الأحيان ١٠٠٠٠ عشرة آلاف ليرة وهذه لاتفي بالغرض.
فالمعلمون والموظفون يعملون لأنهم بحاجة إلى العمل الإضافي وهو رديف للوظيفة العامة لأن الرواتب لم تعد كافية لمدة ٥ أيام.
وفي رده حول ما هي البدائل أجاب عفيف: زيادة العائد المادي للمزارع أو للعامل الزراعي يكون من خلال العمل على تخفيض تكاليف الإنتاج – سعر السماد- والعمل على إنتاج نوعي ومنافس بسعر أعلى ممكن بهذه الحالة أن يصبح هناك مردود ينعكس على العامل الزراعي وصاحب الأرض في آن معاً.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات