كشف مصدر مسؤول  أن 99 بالمئة من الأساتذة في الكليات الطبية ضمن الجامعات الحكومية يدرّسون في الجامعات الخاصة ضمن سياق الإعارة الكلية أو الجزئية ومنهم من يستلم مناصب إدارية، مؤكداً أن الظروف التي يعيشها الأستاذ الجامعي تدفعه للاعتماد على الجامعة الخاصة كأولوية ولاسيما في ظل الرواتب الكبيرة التي يتقاضونها للتخصصات النوعية المطلوبة، علماً أن هناك أساتذة معارين لمدة 5 سنوات وغيرهم ليوم واحد ضمن الأسبوع.
وبين المصدر أن أساتذة الكليات الطبية (الطب البشري- طب الأسنان- الصيدلة) يحتلون المرتبة الأولى للأجور المرتفعة بواقع 14 مليوناً لمن يشغلون مناصب إدارية و12 مليوناً لبقية الأساتذة، أي بزيادة 25 ضعفاً عن الراتب الذي يتقاضاه عضو الهيئة التدريسية في الجامعة الحكومية.
وأضاف المصدر: يأتي ثانياً وبفارق كبير أساتذة الهندسة المعلوماتية وهندسة العمارة ليتراوح راتبهم بين 5 إلى 6 ملايين ليرة شهرياً، وكذلك الأمر بالنسبة لاختصاص الكيمياء والعلوم والفيزياء، يلحقه في المرتبة الثالثة بقية الأساتذة في مختلف التخصصات بحيث يتراوح الراتب ببين الـ1.5 والـ3 ملايين ليرة.
وأكد المصدر أن المطلوب هو زيادة عدد الطلاب الذين يحصلون على الدكتوراه سنوياً وخاصة في الكليات الطبية، الأمر الذي يخلق منافسة ويزيد من العدد ما ينعكس على صعيد إتاحة الفرصة لأساتذة آخرين باختصاصات عدة، ما يعكس عدم تحكم بعض الأساتذة بمقاعد التعيين.
وأوضح المصدر أن الرواتب الكبيرة تشكل عامل إغراء للعديد من الأساتذة ولاسيما في ظل النزيف الحاصل في الكليات الطبية وقلة عدد الحاصلين على الدكتوراه، مضيفاً: هناك كليات لم تمنح شهادة دكتوراه في بعض الأقسام منذ سنوات، وبالتالي لابد من حلول واضحة ومعالجة لهذا الموضوع.
وحسب المصدر من الممكن إجراء تعديل يسمح لأعضاء الهيئة التدريسية المتفرغين جزئياً وليس كلياً بالتدريس في الجامعات الخاصة ليس فقط يوم السبت وإنما ليومين في الأسبوع، علماً أن هذا الأمر كان متبعاً سابقاً.
و  أكد الباحث الأكاديمي وأستاذ القانون في جامعة دمشق الدكتور عصام التكروري أن هجرة الأدمغة السورية يثير الكثير من الشجون، ولاسيما أن واقع الحرب السورية فرض على الكثيرين من أصحاب الاختصاص مغادرة البلد بغية مساعدة من بقي لهم فيه، على صعيد القطاع التعليمي في سورية.
مضيفاً: لم تعد هجرة الأدمغة اليوم مقتصرة على مغادرة البلاد بل أصبح من الممكن أن تتم الهجرة من قطاع التعليم العام إلى قطاع التعليم الخاص، إذ نلاحظ أن نسبة كبيرة من أصحاب الاختصاصات العلمية في مجالات الطب والصيدلة والهندسة والمعلوماتية يتم استقطابها من خلال الجامعات الخاصة التي تعرض على أصحاب هذه الاختصاصات رواتب شهرية بأضعاف ما يحصلون عليه من الجامعات الحكومية.
وتابع التكروري بالقول: لاشك بأنه ثمة ضوابط مهمة وضعتها وزارة التعليم العالي لضبط هذا «النزوح» بحيث لا يؤدي إلى الأضرار بمرفق التعليم الجامعي العام، ففي نهاية المطاف الأغلبية الساحقة من العاملين به هم موفدون تم تمويل دراستهم من الخزينة العامة للدولة، وعليه، ما دامت الأمور مضبوطة بما يضمن سلامة العمل في قطاع التعليم العام فإنه من الجيد أن يعمل العاملون به في قطاع الجامعات الخاصة فالطلاب الدارسون فيها هم أبناء هذا البلد في نهاية المطاف.
وأضاف: بالمقابل يجب على وزارة التعليم العالي أن تحمي حقوق الأساتذة الجامعين في العلوم الإنسانية (حقوق، علوم سياسية، آداب.. إلخ) الذين يتعرضون –بتقديري- إلى استغلال يصل إلى درجة الابتزاز لدى تعاقدهم مع الجامعات الخاصة، ولاسيما أن الراتب الشهري لأحدهم يزيد قليلاً على راتبهم الشهري الذي يتقاضونه من الجامعات العامة بعد الزيادة الجيدة الأخيرة، فضلاً عن أن الأغلبية الساحقة من هذه الجامعات لا تقيم وزناً حقيقياً للمكانة العلمية أو للخبرة التدريسية لهؤلاء الأساتذة، وتسعى في أغلب الأحيان للتعاقد مع أساتذة حديثي العهد بالعمل التدريسي حتى تدفع لهم الحد الأدنى من الراتب والذي يقبل به أحياناً حتى أصحاب الخبرات العالية نتيجة الحاجة.
ودعا التكروري وزارة التعليم العالي أن تتدخل وبحزم في تحديد الحد الأدنى من الرواتب بالنسبة لأعضاء الهيئة التدريسية العاملين في الجامعات الخاصة، وألا يقل هذا الحد عن ثلاثة أضعاف الراتب الشهري الذي تمنحه الجامعات العامة لهم، فضلاً عن ضرورة تدخلها لكي تضبط عملية التعاقد مع الجامعات الخاصة التي يبدو أن بعضها لا يقيم – أحياناً – وزناً للعقد الموقع مع الأساتذة، الأمر الذي يضر بحقوقهم، مضيفاً بالقول: «هذا ما حصل معي شخصياً هذا العام».

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات