وصف الأستاذ في كلية الاقتصاد بدمشق الدكتور عدنان سليمان أن قرار مجلس النقد والتسليف القاضي بالسماح للمصارف المرخص لها بمنح قروض بالعملات الأجنبية بالقرار الصحيح والسليم لكن في حقيقة الأمر ومن خلال ما لمسناها خلال سنوات الأزمة أن المصارف الخاصة لم تقرض كثيراً للمشاريع التنموية والاستثمارية وحافظت في أغلب الأحيان على السيولة النقدية المتضخمة، وهذا التوجه من مصرف سورية المركزي في هذا التوقيت هو توجه صحيح ومنطقي لتفعيل الكتلة النقدية الكبيرة سواء كانت بالليرة السورية أو بالقطع الأجنبي.
قرارات سليمة
موضحاً في تصريحه أنه بعد صدور هذا القرار أن وجد مستثمر يرغب بالاقتراض واستيراد آلات أصبح هذا الشيء متاح وميسر، لكن المشكلة الآن في وجود صناعيين وتجار لديهم الرغبة بالاقتراض بالقطع الأجنبي ودفع أقساط شهرية لأن الاستثمار الخاص حذر في أوقات الأزمات والحروب ولا يخاطر كثيراً حتى لو توفرت السيولة، مشيداً بتوجه مصرف سورية المركزي خلال الأشهر الأخيرة إلى تحرير سعر الصرف جزئياً بمعنى تعويمه بشكل مدار وموجه حيث بدأ الأمر بتحرير سعر صرف الحوالات ليصبح قريباً بالتداول من سعر صرف السوق الموازي لحد ما وهو متغير متحرك يتغير يومياً أو أسبوعياً وهذا القرار سليم يستقطب قسم كبير من الحوالات الخارجية ثم صدر منذ أيام قليلة قرار ثاني بتحرير سعر الصرف في نشرة المصارف ورفعه بنسبة ٤٥% وهذا القرار جريء ليأتي قرار منح قروض بالعملات الأجنبية.
المرحلة المقبلة
وأوضح سليمان أن أي مستثمر وخصوصاً المستثمرين القادمين من الخارج تتجه أنظارهم إلى سعر الصرف بغض النظر إذا كان قريب أو بعيد عن السوق الموازي فاستقرار الصرف هو أحد الشروط الأساسية للاستثمار لأي مستثمر سواء جاء على قانون الاستثمار أو بأي شكل أخر، مبيناً أنه كما هو واضح فأن سورية مقبلة على متغيرات إقليمية وسياسية واقتصادية كبيرة جداً و ما يترتب على ذلك من دخول شركات واستثمارات خليجية وأجنبية بالتالي القرارات المتعلقة بالتعويم المدار لسعر الصرف هي سليمه رغم أنها تأخرت كثيراً وكان يجب أن تصدر منذ سنوات.
شرط التصدير
وأشار دكتور الاقتصاد في جامعة دمشق إلى أن هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى توضيح فيما يتعلق بحجم الفائدة وقيمة القسط المترتب على المقترض والتي قد تكون كبيرة ولا تتناسب مع معدلات التضخم العالية، مؤكداً أبن المشروعات الممولة بالاقتراض يجب أن تدر منتجات تصديرية لأن تمويل مشروعات داخلية تنتج منتجات للسوق المحلية سوف يدر أرباح بالليرة السورية وفي هذه الحالة القرض غير مجدي والشرط الأساسي أن تكون المنتجات تصديرية وبأسعار منافسة وتنتج دخل يستطيع تغطية القسط ويحقق ربح جيد في ظل معدلات التضخم المرتفعة وعلينا انتظار صدور التعليمات التنفيذية لمعرفة سقف القرض والفائدة لأنه بطبيعة الحال المصارف هي شركات، ومن الطبيعي أن تكون مهتمة بمسألة الربح وكل شيء سيتضح بالأيام القادمة.
سعر الصرف
وعن تأثير منح هذه القروض على سعر الصرف قال سليمان: من الواضح في شروط منح القرض أن يستثمر في مشاريع استثمارية وليس في القطاعات الخدمية والعقارية والسياحية على اعتبار أن هذه القطاعات لا تنتج قيم مضافة ولا تولد فرص عمالة ولا تنتج منتجات تصديرية لأنه إذا كان العائد بالليرة السورية فالمستثمر لن يكون قادر على تسديد القرض بالقطع الأجنبي وتعيد المستثمر للبحث عن القطع في السوق الموازي مما يشكل ضغط على سعر الصرف وهذا ما يحتاج إلى متابعة دقيقة من المصرف المركزي عن طريق المنح بضمانات وجدوى اقتصادية، لافتاً إلى أن المستثمر الذي يحتاج للقطع الأجنبي وليس لديه حسابات خارجية تمول مشروعه أصبح لديه اليوم مصدر للقطع داخل البلاد الأمر الذي يعفيه من مسألة البحث عن القطع في السوق الموازية ويسهم في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
واختتم الدكتور عدنان سليمان أن ما كنا ننتظره من مصرف سورية المركزي لاستكمال هذه المجموعة من القرارات وهو السماح للتاجر والصناعي أن يمول مستورداته من حساباته الخارجية أو من أي حسابات أخرى لمصارف مراسلة دون السؤال عن مصدر القطع الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الحرية في انسياب السلع والاستيراد وتحقيق الاستقرار لسعر الصرف وهذا القرار ضروري ومهم جداً.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات