لوحظ مؤخراً ارتفاع واضح في نسب الوفيات نتيجة التعرّض لأزمات قلبية، ليُشكّل الشباب الفئة الأكبر، ما أثار موجةً من القلق، وخاصةً مع تسجيل إصابات شبه يومية لدى تلك الفئة، حيث قُدّرت نسبة الوفيات بنحو 20% من مرضى الاحتشاء، يموت نصفهم قبل الوصول للمشفى نتيجة اضطرابات النظم البطينية، وفق ما أكد الدكتور إياس الخير أستاذ أمراض القلب في كلية الطب رئيس شعبة القثطرة القلبية الوعائية في مشفى تشرين الجامعي.
وبيّن الخير أن احتشاء العضلة القلبية عند الشباب يُعرف بأنه الاحتشاء الذي يحدث قبل سن الـ 45 مع تسجيل تلك الفئة نسباً تفوق كبار السن في معدل الوفيات، لتتراوح ما بين 8 إلى 15% حسب آخر الإحصائيات، مع ملاحظة أن هذه النسبة في ازدياد مستمر، ويرجع البعض السبب إلى نمط الحياة الغربية الذي يلعب دوراً في معدل الإصابات كـ (البدانة، المأكولات الجاهزة، التلوث البيئي، نقص النشاط الفيزيائي) من دون إغفال الدور الواضح للأثر لنفسي بحدوث الاحتشاء عند المرضى الشباب الذي يفوق بكثير الأثر النفسي عند الكبار، ما قد يؤدي للاكتئاب والوسواس القهري في بعض الحالات.
كما بيّن الخير أيضاً أن احتشاء العضلة القلبية (أو ما يُعرف بالجلطة القلبية) يتمثل بحدوث إغلاق تام مفاجئ بأحد الشرايين الإكليلية، ما ينتج عنه من توقف الدم وتوقف إمداد الأكسجين لأحد مناطق العضلة القلبية، وبالتالي بدء تموّت الخلايا القلبية، لتتشارك الأسباب التقليدية مع كامل الفئات العمرية، كالتصلب العصيدي الذي يبدأ بمرحلة الطفولة ويزيد مع التقدّم بالعمر وتمزق العصائب وما ينجم عنها من تفعيل شلال التخثر والعوامل الوراثية، التي تلعب دوراً واضحاً، حيث لوحظ أن 39% من مرضى الاحتشاء الشباب لديهم قصة عائلية للداء الإكليلي وارتفاع كولسترول الدم، إذ يقدّر أن 65% من مرضى الاحتشاء الشباب لديهم ارتفاع كولسترول الدم، لتنحصر الأسباب النادرة، وفق ما أوضح الخير، بارتفاع الهوموسسيتسن وخاصةً مع استخدام العقاقير الممنوعة، حيث قدّرت الدراسات أن نسبة 6% من احتشاءات الشباب سببها استخدام العقاقير الممنوعة والتي قد تكون قاتلة أحياناً بسبب اضطرابات النظم البطينية، لتضاف للأسباب غير التقليدية المثبتة كتسلخ الشريان العضوي والجسر العضلي ومتلازمة القلب المكسور التي تحدث بعد شدة نفسية أو عاطفية، وتؤدي لحدوث أعراض تشبه تماماً احتشاء العضلة القلبية، مع تدهور الوظيفة القلبية بشكل حاد، لتبقى الشرايين الإكليلية سليمة بالقثطرة ويعزى ذلك إلى الارتفاع الشديد بعد الانفعال بالهرمونات الودية والتي تُسمّى (الكايتكولاجينات).
وأشار الخير إلى مجموعة من الأسباب غير المدروسة بشكل كافٍ حتى الآن، على الرغم من أنها قد تكون السبب وراء زيادة نسبة الاحتشاءات عند الشباب، أولها التدخين الذي زادت نسبته بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وفق ما بيّنت دراسة انكليزية قدّرت أن 92% من مرضى الاحتشاء عند الشباب مدخنون، لافتاً إلى أن للتدخين تأثيراً كبيراً على التصلب العصيدي وعلى وظيفة البطانة، لتحلّ البدانة ثانياً، خاصةً وأن 50% من مرضى الاحتشاءات الشباب يعانون من البدانة، إضافةً لسببٍ آخر يتمثل بالفيروسات كـ”كوفيد” والذي لوحظ في الفترة الأخيرة كثرة حدوث الاحتشاءات عند المرضى المصابين به، ويعزى ذلك إلى الأذية القلبية بسبب نقص الأكسجة وأذية البطانة وفرط الخثارية وتفعيل الصفيحات، وأخيراً فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV والذي يزيد خطورة الاحتشاء بنسبة الضعفين، إضافةً إلى أسباب أخرى كانقطاع التنفس أثناء النوم والاكتئاب والملوثات الغذائية والجوية، كما يرى الخير.
ومن الجدير ذكره هنا أن الأثر النفسي الكبير الذي سبّبه حدوث الزلزال مؤخراً، ساهم بتردي الأوضاع بشكلٍ كبير جداً ما زاد الوضع سوءاً على سوء ليزيد ولو بشكلٍ غير مباشر من ارتفاع الأزمات القلبية حتى عند الفئات العمرية الصغيرة جداً.
سيريا ديلي نيوز
2023-03-09 20:16:01