وقع الكارثة على أصحابها جاء مضاعفاً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، ولم تكن القروض الإغاثية التي طرحت عليهم ذات جدوى للمتضررين الذين لم يفكر الكثير منهم أساساً بالحصول عليها لعدم القدرة على إيفاء أقساطها رغم تواضعها، فلمن هذه القروض؟ ولماذا لا تزال سياسات التعامل مع الكارثة غامضة؟
الخبير والمستشار بالشؤون المصرفية عامر شهدا اعتبر أن هذه القروض عاجزة عن تأدية مهامها، مبيناً أنه إذا أخذنا مثالاً قروض التنمية «الصغيرة والمتوسطة» وحيث حددت سقوف قروضها بـ18 مليون ليرة، وقسناها على دخل المنكوبين فسنلمس عجزهم مقابل أقساطها الشهرية، وإذا قارنا تضخم الأسعار مع القروض الشخصية مثلاً والتي هي مليون ونصف المليون ليرة، نجد أنها لا تكفي حتى للطعام فكيف يمكن استخدامها للترميم؟
وأكد شهدا: أن المستفيد من قروض الـ18 مليوناً وحتى القروض الشخصية هم الشريحة التي تملك دخلاً عالياً لأن أقساطها عالية، لذلك فإن هذه القروض غير مجدية ولن تشكل إلا المزيد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد، والتي سنلمسها بارتفاع نسبة التضخم بالسوق نتيجة طرح كتلة نقدية.
واعتبر شهدا أن هذه القروض لا تناسب ظروف المواطن المعيشية والغلاء الحاصل، والحل الوحيد لكل هذه الأزمات الاقتصادية هو رفع الدخل بما يتناسب مع الأسعار.
وتساءل شهدا عن بعض سياسات مصرف سورية المركزي، وعن قراره السماح بمنح قروض بالوقت الذي يشتري فيه حوالات بالقطع الأجنبي ويطرح كتلة نقدية من العملة السورية! وكأنه يسعى لرفع نسبة التضخم، ولغاية اليوم هذه السياسة غير واضحة للمجتمع وغير متناغمة مع متطلبات الوضع الاقتصادي بدليل ارتفاع الأسعار من تاريخ حدوث الزلزال وحتى الوقت الحالي، ويرى أن المطلوب اليوم من المركزي حتى يطرح كتلة نقدية بالسوق وشراء الحوالات استخدام أداة من أجل امتصاص فائض الطرح من الكتلة النقدية تفادياً للتضخم وارتفاع الأسعار.
وأوضح شهدا أننا اليوم مازلنا في مرحلة الاستجابة للكارثة، ولم ننتقل بعد لمرحلة إيجاد حلول ووضع خطط للخروج منها، وهذا دليل على غياب الفكر المسؤول في وضع الحلول، داعياً جميع القائمين على العمل الحكومي وخاصة في ظل الكارثة لإعطاء أرقام ومحصلات صحيحة ونهائية لحجم الأضرار والخسائر، وذلك من أجل بناء سياسات ومقترحات لحلول مستقبلية، فلا يمكن تقديم هذه الحلول في ظل غياب البيانات، مستشهداً بمحاولاته الكثيرة للحصول على عدد سكان سورية ووصوله نتيجة تصريحات قام بجمعها إلى سبعة أرقام، بينما المكتب المركزي للإحصاء طرح أربعة أرقام! إذاً لن تكون هناك سياسات ناجحة وتحليل للأزمات ووضع حلول في ظل غياب هذه الإحصائيات.
من جهته الدكتور في كلية الاقتصاد عدنان سليمان أكد أن القروض لن تؤدي غرضها وهي بغير وقتها، فمن هو بحاجة لقرض لن يتمكن من دفع هذا القرض.
وأوضح سليمان  :  أننا اليوم أمام كارثة، وفي الكوارث المتضرر ليس لديه ملاءة مالية ولا استقرار معيشي فهو لا يملك منزلاً ولا عملاً، والحديث اليوم عن القروض موضوع كمالي.
وأشار سليمان إلى أنه استناداً إلى التقارير المقدمة من المعنيين وهي تفيد بوجود عشرات آلاف الأسر المتضررة بفعل الكارثة واليوم مر 25 يوماً على الكارثة وحتى اللحظة لا يوجد رؤية عن تعويض المتضررين بأشكال مختلفة لتجاوز المحنة.
ودعا سليمان للاستفادة من الدول الأخرى التي تعرضت لكوارث مشابهة كتركيا مثلاً خلال تحديد الأضرار والخسائر ورسم سياسة الأولويات والتعويض لإخراج المنكوبين من أزمتهم وتقليل حجم الضرر، وتقديم استدامة الحياة لهم، مؤكداً ضرورة تجاوز إغاثة الطعام والشراب والتفكير ملياً بالسكن والعمل إضافة للتعويض المجدي.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات