كتب د. دريد درغام الحاكم الاسبق لمصرف سورية المركزي تحت عنوان "السبع بحرات مقدمة لسبعة تساؤلات لمختلف الساحات".
الحاكم الاسبق وعبر صفحته الشخصية في فيسبوك عقب على إعادة تأهيل دوار السبع بحرات الكائن امام مبنى المصرف المركزي وسط العاصمة دمشق مستنتجاً من تجميل الدوار (الساحة) عدم وجود خطط لعقود قادمة من أجل وضع أنفاق تقضي على الاختناقات المرورية التي تحتاجها الساحات المركزية ومنها "السبع بحرات والمحافظة وعرنوس والميسات والبرامكة والحجاز وغيرها.
واشار درغام إلى أنه في ساحتي الأمويين والعباسيين استغرق الأمر سنيناً طويلة لمعرفة أي تجميل يناسبنا وتابع: "بعدها اكتشفنا ضرورة العمل الجراحي فتم إزالة آثار آخر تجميل وتم التركيز على أنفاق لتسهيل حركة المرور وتقصير وقت المسافرين وتسهيل حركة المارة عموماً ومنظر أكثر جمالاً.
وأضاف درغام: "يعزى تأخير أو إلغاء أو عدم التفكير بمشاريع حيوية مثل الأنفاق وغيرها إلى أسباب كثيرة منها التمويل وإعاقة الحركة التجارية والمرورية عموماً. ولكن تزايد أعداد العاطلين عن العمل والركود الاقتصادي و أزمة الوقود الحالية وانخفاض أعداد السيارات وقبول العطل الرسمية بسبب أزمة الوقود وصعوبة النقل قد تكون مدخلاً لنقاش موسع لدعوة ممولي هذا المشروع لمساهمات أكبر وسخاء أسمى لتكوين مقدرات مالية كافية بالتكافل مع الغير لإجراء نقلة نوعية في إعادة هيكلة البنية التحتية للأنفاق تحت الساحات الرئيسية عموماً.
وبحسب د. درغام: "قد يقول البعض إن إنفاق المال على البنية التحتية أمر خاطئ ولكن قد يكون هناك وجهات نظر مختلفة تدعو للتركيز على تحويل الضائقة إلى فرج والأزمات إلى فرص. وتطرح التساؤلات في العمران وخاصة للساحات والطرقات بآفاق 100 عام على الأقل ومنها التساؤلات السبع التالية:
1- لماذا لا نقوم كما في جميع دول العالم أثناء الأزمات الخانقة والركود الاقتصادي بتشجيع مشاريع البنى التحتية التي تلعب دوراً حيوياً في إنعاش الاقتصاد؟ معظم مركبات البنية التحتية إما من مصدر وطني أو يمكن الحصول عليه من الجهات المعنية مقابل مزايا ضريبة أو تسهيلات مالية تسمح لهم بالحصول على حوافز مقبولة مقارنة بمساهمتهم في تقديم مباشر أو غير مباشر أو تمويل لمستلزمات العمل (مثل الاسمنت والحديد والبحص والرمل والاسمنت ومعدات الحفر والبناء وخلافه..). ولنتذكر أن مشاريع البنية التحتية مثل نفق الثورة والمحلق الجنوبي وغيرها لعبت في الثمانينيات دوراً حيوياً في إنعاش العاصمة ونهضتها اللاحقة رغم كل الانتقادات التي واكبتها بسبب الأزمة الخانقة في تلك الفترة.
2- لماذا أثناء تصميم هذه المشاريع لا يتم العمل على تزويدها بخلايا طاقة شمسية تجعل إنارتها مستدامة كونها مستقلة عن الشبكة العامة؟ ولماذا لا نخصص مسارات وأماكن اصطفاف للدراجات أثناء إعادة هيكلة الأنفاق والساحات والشوارع؟
3- لماذا لا يتم تركيب سقوف للخلايا الشمسية في مختلف أماكن اصطفاف السيارات بحيث توزع أماكن اصطفاف للدراجات (غير ملحوظة حالياً بمعظم الشوارع والساحات) وتجبر الأكشاك المنتشرة حالياً على وضع مآخذ كهربائية تسمح بشحن الدراجات الكهربائية مقابل أجور مناسبة لمختلف الأطراف؟
4- لماذا لا تكون هذه المشاريع مساهمة قوية في توفير فرص عمل مهمة جداُ لعاطلين عن العمل تزايدت أعدادهم بشكل كبير في الآونة الأخيرة؟
5- لماذا لا تكون الحاجة لتمويل هذه المشاريع مقدمة لإعادة نظر شاملة في هوية الاقتصاد الحالي؟ فقد تتسبب الضائقة الاقتصادية وأزمة الوقود بترشيد متزايد لمخصصات مختلف الجهات من الوقود وقد يكون للجهات العامة حصة كبيرة من الترشيد. وقد يكون الوضع ملائماً للتذكير بطروحات مكررة منذ ما قبل عام 2009 ومنها ضرورة الاعتراف بأن ترشيد نفقات غير مبررة ليس ترشيداً فالمطلوب هو اقتناص الفرص الصحيحة في الوقت السليم. فالقطاع العام مؤلف من أعداد محدودة من العاملين المنتجين وأعداد غفيرة من المداومين غير المنتجين. وهذا يتطلب أبنية وأثاث وصيانة ونقل وغيرها من النفقات التي يمكن توظيفها بشكل أسلم. لذا إذا تم قبول مبدأ تعويض البطالة للمداومين وتخصيص رواتب لائقة للمنتجين وتوزيع قروض ميسرة للأشخاص والشركات الراغبة بخدمة هذه البنى التحتية يمكننا ضمان مدخلات الانتاج للمشاريع وتخصيص ريع تأجير (لمدة مناسبة عشرين عاماً أو أكثر) لجزء من الأبنية العامة الفاخرة أو ذات المواقع المميزة لتمويل مشاريع أهم لكل المجتمع الأهلي وليس لجزء منه. وهذا يتطلب نظرة شمولية تعيد النظر بأعداد الوزارات والشركات العامة ونوعيتها لتكون أقل تبعثراً وأكثر إنتاجية وكفاءة وفاعلية.
6- لماذا التأخير في تنفيذ هذه المشاريع في ظل أجواء تضخمية تجعل أية مساهمات مجزية حالياً بلا قيمة لاحقاً؟ وفي حال إقرارها لا بد من التركيز على اختيار شركات تقبل بأسعار "عادلة" وبكفاءة عالية ودون مماطلة.
7- لماذا لا يتم الشرح للمجتمع الأهلي مزايا المشاريع المرتبطة بهويته مسبقاً وليس لاحقاً؟ سيكون من المفيد الشرح المسبق لمزايا هذا النوع من المقاربات لأهل كل مدينة (وعلى رأسها العاصمة) بحيث توضع دراسات جدوى توضح الفائدة المرجوة من المشروع. وإذا كانت شركة عين الفيجة مثالاً حياً عن قدرة الأهالي على التكافل لتمويل مشاريع ربحية فهي تدل على الرغبة والقدرة لدى الأهالي على تمويل مشاريع أكبر قد لا تكون ربحية بالمعنى التقليدي والمباشر ولكنها تعتبر شرطاً حيوياً لإنعاش وسط دمشق (ومركز أي مدينة سورية) وزيادة الحركة التجارية لمختلف المحال والورش المتواجدة فيه.
سيريا ديلي نيوز
2022-12-27 18:00:21