هكذا ومن دون مقدمات أو سابق إنذار، فاجأت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات) أصحاب السيارات الخاصة والعامة العاملة على البنزين وأصحاب الدراجات النارية بتخفيض المخصّصات بطريقة “مواربة”، تفتقر للشفافية والمصارحة والمكاشفة، بإطالة زمن استلام رسائل أدوار التعبئة لعشرة أيام للسيارات الخاصة، وستة أيام لسيارات الأجرة، وعشرة أيام للدراجات النارية، وهذا يعني بطبيعة الحال ضمناً تخفيض المخصّصات الشهرية من مئة لتر إلى خمسة وسبعين لتراً للسيارات الخاصة، والحال ذاتها تقريباً طالت سيارات الأجرة والدراجات النارية، وهي كمية بالكاد تلبي احتياجات ومتطلبات التنقل في المدن الصغيرة، فما بالكم بالمدن الكبيرة كدمشق وحلب وحمص وغيرها؟!.
وقد أحدث القرار المفاجئ والمستغرب الذي قيل إنه أتى على خلفية نقص وتراجع التوريدات النفطية -خلافاً للتصريحات العديدة المطمئنة التي أُطلقت على غير مستوى حول التواتر المنتظم للتوريدات النفطية واستقرارها- الكثير من الإرباك والتسبّب بخسارة ربع المخصصات الشهرية “المخفضة أصلاً” لكل فئة وربما أكثر، وهو ما أوقعنا في مشكلة لم تكن في البال، ووضع الناس أمام خيار توقيف المركبات قسراً لحين وصول الرسائل المعدلة أو التزوّد بالبنزين الحر من خلال مخصّصات البطاقة الذكية، والتكبد بفرق السعر أو اللجوء -في أسوأ الأحوال- للسوق السوداء لتأمين الاحتياجات، وهو أمر متاح ومتوفر بكثرة تدعو للغرابة!!.
وبكل الأحوال، فإن إطالة أمد رسائل المحروقات انعكست نعمة على تجار السوق السوداء وأربابها من خلال ارتفاع أسعارها التي ستلقي بظلالها على كل شيء، وأولها أجور النقل وزيادة التزاحم والضغط على منظومة وسائط النقل العام المتعبة أساساً إلى آخر السلسلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: أين الفريق الاقتصادي والمؤسّسات المعنية بتأمين وصول تلك التوريدات؟.. وهل يعقل أنها فوجئت بعدم كفاية الكميات المتوفرة؟.. ولماذا لم تعمل على تلافي النقص ومعالجة أسبابه قبل الوقوع في المشكلة والوصول إلى هذه المواصيل؟.
صحيح أننا نعيش تداعيات حرب ظالمة وحصار اقتصادي “قيصري” يشنّ علينا كشعب، لكن الصحيح أيضاً أن المناورة في إدارة المتاح والتعاطي معه أمر ممكن وليس بمستحيل، لا بل هو مطلوب وبقوة لتفادي الوقوع في مطبات مماثلة غير محسوبة أو غير مدروسة، ولعلّ علاج الكثير من صعابنا وأزماتنا يكمن في هذه الجزئية.. أليس كذلك..؟.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات