كتب رئيس تحرير صحفية الثورة الاستاذ علي نصر الله :
ورقة عمل حول دور الإعلام في مكافحة الفساد والإجراءات اللازم اتخاذها لتطوير الإعلام الرسمي
بداية ربما لا يَخفى على أحد أنه إذا كان صحيحاً أننا لسنا في أحسن حال، إلا أنّ الصحيح أيضاً أنّه لا يَنبغي أن نُمارس جلد الذات بين فترة وأخرى تحت عناوين التطوير، وليَبقى من المطلوب الذهاب لذلك انطلاقاً من الدوافع والأهداف التي تُلخصها غاية الوصول للأفضل أداءً، ولبلوغ مُستويات مهنية أرفع وأرقى.
نحن نسعى دائماً للبحث بالإجراءات اللازم اتخاذها لتطوير الإعلام الرسمي، "المرئي، المسموع، والمطبوع". وللبحث في آلية تُمكننا من لعب دور مُؤثر بعملية مكافحة الفساد، وقائياً وعلاجياً. ذلك ما يُوجب علينا العَصف الذهني، نُمارس فيها كل أشكال التحريض الإيجابي على التفكير لنُهيئ أسباب النجاح بتحسين الأداء، وتصويب العمل بالمؤسسات الإعلامية الوطنية.
ليُؤدي الإعلام دوره الوطني المَرسوم له، والمُنتظر منه، لا بد أن تتوفر له عوامل مُتعددة، أهمها "المال، الأدوات، الكوادر المُؤهلة، خطة العمل، الإستراتيجية، أكبر مقدار من الجدية والموضوعية والاحتراف والمهنية، وأكبر مساحة من الحُرية المَسؤولة".
عَملياً وأكاديمياً يُمكننا القول: أنه بتحديد الإستراتيجية يَتحقق نصف رزمة الأهداف، على أنّ تحقيق النصف الآخر يَكمن في حُسن تنفيذ الإستراتيجية، فما الإستراتيجية التي نَعمل عليها؟ وهل عَمدنا مرّة لقياس جَدواها اعتماداً على مَعايير واضحة؟.
إنّ أهمية القياس، واعتماد المعايير، وامتلاك الأدوات والقُدرات، وباقي عناصر ومُكونات الخطة يُمكن اختزالها بما يلي:
1- القياس يُمثل أهم مرحلة ينبغي أن تؤدي بوضوح إلى تَلمُّس واقع الخطة، نجاحها من عَدمه، إذ قد تنسف المراحل السابقة المُتمثلة بالتخطيط والتنفيذ والمراقبة والمتابعة والتقويم, ومن المؤكد أنها المرحلة التي تُحدد مقادير الرضا، ومقدار الحاجة لتطوير الخطة أو لاستبدالها.
2- إذا كان المُحتوى هو أهم العناصر المُكونة للرسالة الإعلامية، فإنّ الغِنى والتنوع فيها إلى جانب طريقة وأسلوب العرض والتقديم، عناصر تُوازي بالأهمية المُحتوى ذاته، فإما أن يَصل أو لا، والأمر يتوقف عليها.
3- المُؤشرات الأولية لا تَدفع للاعتقاد بأن ذلك يَحظى بالاهتمام الكافي الذي يَضمن تأثير الرسالة الإعلامية بالجمهور المُتلقي الذي تتوجه إليه وتَستهدفه بالخطاب ليس بهدف المُخاطبة وإنما بهدف التفاعل المُنتج.
4- "القُدرات - الموارد - الأدوات" هي من أهم العوامل التي تُسهم بالنجاح أو تُؤدي للإخفاق. فهل تَحظى هذه المُفردات بالاهتمام أثناء وضع الخطط والإستراتيجيات؟.
5- "الوضوح - المرونة - الواقعية - التنافس - الاستدامة" عناصر مُهمة إذا كان لا يَجوز غيابها عن أيّ خطة إعلامية عملية، فإنها مَطلوبة منّا اليوم بإلحاح.
نحنُ كعاملين في إعلامنا الوطني الرسمي، نَدّعي جميعاً أهمية ما تَقدم، بل نَدّعي امتلاك الرؤية، ونَدّعي حُسن التنفيذ، ونَدّعي القيام بكل ما هو لازم وضروري، ليَبقى السؤال الصادم: إذا كنا كذلك، فلماذا يَبقى الأثر الإيجابي كمَردود مُباشر لعملنا أقل من أن نتلمّسه أو نَراه؟.
السؤال الأكثر أهمية من سابقه، ويَنبغي طرحه هو:
هل نَحتاج لرؤية جديدة؟ ولخطة أخرى؟ ولإستراتيجية أكثر إحكاماً؟ ولأدوات أكثر حَداثة وتطوراً؟ ولكفاءات لا نَمتلكها؟.
إذا كنّا بحاجة لذلك، دَعونا نعمل على تَحديدها، ولنَبدأ الاشتغال على توفيرها وامتلاكها، لا يَجوز لنا أن نبقى على ما نحن عليه، إذ مُجرد طرح هذه التساؤلات، ومُجرد تذكير بعضنا البعض في كل اجتماع ومُناسبة بهذه المُحددات يَعني أننا أمام مُشكلة يجب أن نتغلب عليها وأن نَجد الحلول لها.
في دور الإعلام بمكافحة الفساد:
1- دَعونا أولاً نبدأ بأنفسنا، الإعلام أحد القطاعات الحكومية المُتهمة بالفساد، أو التي يبدو من الطبيعي أنّ يُصيبها ما يُصيب بقية القطاعات من تَرهل وفساد وسوء أداء وإنتاجية، نعم قد تتعدد الأسباب وتَختلف باختلاف قطاع العمل، طبيعته ونَوعيته، غير أننا لا نَتمتع بحصانة استثنائية تَمنع الفساد والروتين عن مُؤسساتنا.
2- نَتمسك بدورنا الوطني في الإضاءة على الإيجابيات وبإظهار المُبادرات الخَلاقة، غير أن ذلك ليس كل ما ينبغي فعله على التوازي سواء لجهة الإشارة للأخطاء، أم لناحية كَشف مَكامن الفساد بكل أشكاله، وإنّ العمل المُركز والواعي باتجاه العناية بالمجتمع ومَنظومته القيمية، قد يَتقدم بالأهمية على سواه (هذا عملٌ وقائي استباقي مُهم).
3- يقوم إعلامنا الوطني الرسمي بانتقاد العمل الحكومي كما لا يَفعل أي إعلام حكومي رسمي، وإنّ المساحات التي يُخصصها لذلك واسعة وكبيرة، لا شك أنّ دائرتها يُمكن أن تُصبح أكثر اتساعاً إذا مُنح الإعلام ضَوءاً أخضر أكثر سطوعاً لمُمارسة النقد والتصويب الموضوعي على الأخطاء وعلى الفاسدين.
4- التعاون والتسهيلات، تُمثل عنصراً أساسياً بالعمل، تَوفرها يَمنحه فُرصة النجاح، وغيابها يَحكم عليه بالإعدام والفشل المُؤكد، إذ من أين للإعلام أن يَكشف بالوقائع والأرقام قضية ما، إذا امتنعت إدارة المؤسسة (س) أو (ع) المَعنية عن تقديم المعلومة والرقم؟ أو إذا تَعمّدت عَرقلة عمل الإعلامي بالوصول إلى الحقائق وجَذر المُشكلة؟.
5- يجب أن نَعترف بأنّ الثقة بين الإعلام والمُتلقي ليست بحالة صحية، إذا كانت مُتضررة فينبغي تَرميمها، وإذا كانت مَوجودة يجب تَعزيزها، وإذا كانت مَفقودة فيجب استعادتها .. نَحتاج أدوات قياس لنَتعرف إلى الحالة، ولنَبني على الشيئ مُقتضاه.
6- يُعتقد أنّ العمل بالصدمة هو ما يَخدمنا كإعلام وطني رسمي، وهو ما يُحقق رزمة من الأهداف الوطنية، أولها لعب دور مُؤثر بمكافحة الفساد، وليس آخرها استعادة ثقة المجتمع واستقطابه وكَسبه.
في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير الإعلام الرسمي:
1- إدارياً:
العودة لتَسمية مُديري وسائل الإعلام ورؤساء التحرير بمرسوم رئاسي لا بقرار حكومي، ذلك يُحرر الإعلام جُزئياً من السلطة الحكومية المُباشرة عليه.
2- مالياً:
أ- تَعديل القوانين والأنظمة بما يُتيح العودة إلى مَنح الصحفيين والإعلاميين تَعويض العمل المُجزي 55% من الراتب، وليس 6% أو 13% .
ب- تنفيذ القرارات القاضية بإلغاء حَصرية الإعلان عن طريق مُؤسسة الإعلان، ذلك يُوفر مَوارد مالية كبيرة للمؤسسات الإعلامية "تلفزيون – إذاعة – صحف"، واقتراح الإبقاء على حَصرية الإعلان عن طريق المؤسسة للقطاع الخاص "تلفزيون – إذاعة – صحف – نشرات إعلانية مُتخصصة"، إضافة لعمل المؤسسة بمجالات الإعلان الطُرقي وسواه.
ت- تنفيذ القرارات الخاصة بتحرير الصحف من حَصرية التوزيع عن طريق مؤسسة التوزيع، ذلك يُوفر لها مَردوداً مالياً أفضل، ويُتيح لها الرقابة المُباشرة على توزيع مُنتجها ومُتابعته ورصد الحاجة الحقيقية لطباعة كميات أقل أو أكثر.
3- مهنياً:
أ- تصحيحُ أوضاع العاملين الذين تَسللوا في غفلة من الزمن إلى الجسد الإعلامي "جميع المؤسسات"، بإخضاعهم لدورات تُؤهلهم وتُعدهم لأداء عمل مُنتج واحترافي بعد إعادة فَرزهم وفق مُحددات تَشمل الشهادة والخبرة والمُمارسة، وحسب الحاجة الحقيقية لهم.
ب- افتتاح دورات مهنية بشكل دوري لجميع العاملين بغاية تطوير مَهاراتهم وزيادة خبراتهم، على السواء في التحرير كما في المجالات الفنية "المونتاج والإخراج والتصوير والتقديم .. الخ".
ت- توفير أدوات حديثة ومتطورة للعمل "تجهيزات، آليات، مطابع .. الخ".
سيريا ديلي نيوز
2021-11-07 19:56:39