تحولت شوارع العاصمة السورية “دمشق” إلى حلبات سباق يومي، إذ يحاول سائقو سيارات نقل الركاب (السرافيس) الهروب من المواطنين، الذين يحتشدون بحثاً عن أي وسيلة نقل في مشهد لا يمكن وصفه، الآلاف من الموظفين والطلاب وغيرهم من أصحاب الحاجة يصطفون على أرصفة الشوارع وحول المواقف، منتظرين قدوم وسيلة نقل تنقذهم من ساعات الانتظار الطويلة، إلا أن معظم السرافيس توقفت عن العمل نتيجة عدم توفر مادة المازوت وارتفاع سعره، مقابل توفره بكثرة في السوق السوداء، ولكن بسعر بلغ 900 ليرة سورية لليتر الواحد .
90% ملكية خاصة ..
يوضح بسام قاسم، عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة دمشق أن المشكلة ناتجة عن عدم التزام المركبات بالخطوط المخصصة لها في الظروف الراهنة، حيث أن نسبة التقيّد لا تتجاوز 50%، عدا خروج بعض الأليات (تكاسي وسرافيس) من الخدمة، بسبب أن سائقيها يقطنون في ريف دمشق، وارتفاع سعر المازوت ونقصه، عدا عن تقليص بعض أصحاب السرافيس لعدد الجولات التي كانوا يقوموا بها يومياً، والتي انخفضت من 15 دورة وسطياً إلى 4 أو 5 دورات في اليوم فقط، لافتاً إلى أن 90% من الخطوط هي ملكية خاصة ولا يمكن إجبار السائقين على العمل، علماً أن حوالي 2000 ميكرو سرفيس مسجل لدى المحافظة .
وكان أصحاب السرافيس اعتمدوا خلال الفترة الأولى من الأزمة على شراء المازوت الحر بعدما خُفضت الكميات المخصصة للتعبئة يومياً من 40 ليتراً يومياً إلى 30 ليتراً، ومؤخراً، توقف التوزيع اليومي وتحول إلى كل يومين، ما أدى إلى ارتفاع سعر السوق السوداء من 425 ليرة إلى 900ليرة لليتر الواحد، وهو ما لا يتناسب مع أجور المواصلات البالغة 100 ليرة للراكب الواحد، كما يشتكي هؤلاء.
320 باص نقل داخلي ..ثلثها للدولة
أما باصات النقل الداخلي فقد أصبحت قليلة هي الأخرى، حيث تبين أن عدداً كبيراً من باصات النقل الداخلي تعرّض للضرر خلال الحرب، فخسرت إحدى الشركات العاملة بدمشق نحو 32 باصاً، وأخرى خسرت 14 باصاً، بحسب ما يؤكد مدير الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق المهندس سامر حداد، مبيناً أن ما يعمل الآن لا يتجاوز 320 باص نقل داخلي، منها 110 باصات تابعة لشركة النقل الداخلي الحكومية و210 باصات للشركات الخاصة.
وحول الباصات المقدمة من الصين كهدية، يقول حداد إن سورية تسلمت عبر مرفأ طرطوس 100 باص نقل داخلي كهدية مقدمة من جمهورية الصين الشعبية منذ عام تقريباً، ولكن ونتيجة الاختناقات المرورية الكبيرة في المحافظات تم توزيع الباصات على كافة المحافظات السورية لتخفيف الأزمة المتكررة .
إضراب أصحاب السرافيس
وفقاً للعديد من السائقين الذين تحدثت إليهم مراسلة “آسيا”، فإن عدداً ليس بقليل من السرافيس توقف عن العمل بسبب ندرة المازوت وارتفاع سعره، كما أن بعض أصحاب السرافيس راحوا يبيعون ما يحصلون عليه من مازوت في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، ويحققون أرباحاً قد تكون متساوية مع مدخولهم اليومي من العمل على خطوط النقل، وذلك دون أن يحركوا مركباتهم.
أما في حال تحدثنا عن سيارات الأجرة “التكسي” فأصبحت أسعارها تكوي الناس، وخاصةً بعد رفع سعر البنزين، حيث أصبحت حجة سائقيها جاهزة “ارتفاع سعر البنزين وازدحام الطرق”، هذا في حال رضي صاحب التكسي أن يتوقف أصلاً.
مشكلة تولّد مشكلة اكبر
ظاهرة قلة السرافيس على معظم الخطوط، وبضمنها دمشق وريفها، أصبحت واضحة بحسب ما يقول المحلل الاقتصادي، والدكتور في جامعة دمشق باسم الشيخ، لافتاً في تصريحات لوكالة أنباء آسيا، إلى أن مشكلة عدم توافر مادة المازوت في محطات الوقود بدمشق ليست وليدة اليوم، فسائقو السرافيس يعانون منذ أشهر للحصول على المادة والاستمرار في عملهم، مبيناً أن هذا الإضراب كان قد سبقه رفع السائقين تسعيرتهم مؤخراً كنوع من الاحتجاج على عدم توافر المادة وارتفاع سعرها بالسوق السوداء في ظل رقابة حكومية غائبة.
وأضاف الشيخ:”اليوم نشاهد طوابير السرافيس أمام محطات الوقود رغم ادعاءات الحكومة بأن المادة متوافرة بالنسبة لجميع المواطنين، بالمقابل هناك مشكلة حقيقية تواجه معظم العاملين والمواطنين، وهي الاستغلال وهدر الوقت بانتظار أي وسيلة نقل ، وهي خسارة كبيرة يتعرض لها المواطن والمؤسسات العامة والخاصة.
ويتساءل الشيخ: “طالما أننا في ظروف استثنائية تمر على البلاد، فهل أخذت معظم الوزارات الأمر على محمل الجد، وعملت وفق منهجية معينة على اعتبارها وزارات أزمة؟ وهل اتخذت إجراءات استثنائية تكفل حل المشكلات التي تواجه عملها وعمل موظفيها ولو بشكل آني وقدر المستطاع”؟
ويبدو الجواب واضحاً في المشاهد اليومية القاسية لآلاف السوريين الذين ينتظرون لساعات عبور أي وسيلة تقلهم من منازلهم إلى عملهم وبالعكس!
سيريا ديلي نيوز- نور ملحم
2020-10-22 16:59:49