أقفلت السوق السوداء أبوابها أمس على سعر صرف يوازي 8200 ليرة لبنانية للدولار الواحد. ومن غير المستبعد أن يصل إلى عشرة آلاف ليرة الشهر المقبل، في غياب أي سقف أو ضوابط من مصرف لبنان. لا بل أصبح حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لاعبا رئيسيا في رفع سعر الدولار، وما المنصة الالكترونية التي ابتدعها بحجة ضبط سعر الدولار الا محفزا اضافيا لابقائه متفلتا. فبالأمس عمد سلامة الى رفع قيمة الدولار في المنصة الى 3850 ليرة بدلا من 3000، فاعتمدت المصارف هذا السعر للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار. والواقع أن سلامة يحاول عبر قرارات مماثلة تغطية خسائره بالدولار من أموال المودعين عبر اجبارهم على سحبها بالليرة. فيما يقدم عملية «الاحتيال» هذه على أنها «إنجاز» لمصلحة المودعين، بعد رفع سعر الصرف الرسمي داخل المصرف من 1500 الى 3800 حاليا، مستغلا حاجة الناس الى المال مع تسارع الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة. ويبدو أن جزءاً كبيراً من أصحاب الودائع استسلم لـ«هيركات» الحاكم، إذ بات الطموح اليوم سحب المبلغ الأكبر من المال المحتجز في المصارف ولو بخسارة، لكنه يبقى الحل الأفضل في ظل تبخر الدولارات وعجز الحكومة ومجلس النواب عن حماية ودائع المواطنين. رئيس الحكومة حسان دياب الذي يردد في مجالسه أن سلامة لا يتصل به ولا يضعه في صورة ما يقوم به، خضع لحكم المصرف والمصارف. والسلطة السياسية الممثلة في مجلس الوزراء أقرت ضمنا بعجزها عن اتخاذ أي قرارات عملية تساعد في وقف النزيف الاقتصادي أقله عبر تخفيف استيراد السلع، من أجل اراحة السوق الداخلية والحدّ من مضاربة التجار ومساهمتهم في رفع سعر الدولار بشكل جنوني. يترافق الفشل المالي والنقدي والاقتصادي مع فشل في تأمين أي تسهيلات وحوافز وبرامج دعم للمزارعين والصناعيين وأصحاب الحرف.لا يحتاج الأمر لـ100 يوم أخرى من عمر الحكومة حتى يبنى على الشيء مقتضاه. الصورة بغاية الوضوح: الطبقة المهيمنة تنتصر مجددا، ليس بحماية أموالها وأعمالها وحسب، بل أيضا في تسليمها كليا للادارة الأميركية واعلانها دون مواربة التصاقها بالغرب وما يطلبه. وبالتالي، لم يعد مفاجئا الرضوخ للسفيرة الأميركية دوروثي شيا وتقديم مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي اعتذارا لها عما سماه «تداعيات» قرار القاضي محمد مازح، ولا استدعاء مجلس القضاء للقاضي مازح للاستماع اليه اليوم بذريعة تصريحه بلا إذن. اذ وجد «دعاة الحرية» قشة يتمسكون فيها لتبرير خضوعهم للادارة الأميركية. على الخطى نفسها، سار وزير الخارجية ناصيف حتي الذي استدعى شيا للوقوف على خاطرها، متلطيا خلف «قدسية حرية الاعلام وحق التعبير عن الرأي». طبعا لم يجد حتي ما يستدعي ولو الاشارة همسا الى تدخل السفيرة الوقح في الشؤون اللبنانية وتحريضها على حزب يمثل شريحة واسعة من المجتمع اللبناني. وهو ما شجع شيا على التمادي في وقاحتها خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته عقب الاجتماع، فعمدت الى اسكات الصحافيين ومنعهم من طرح الأسئلة. وأعلنت أن «صفحة القرار القضائي الذي أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور قد طُويت، على أن يصبّ التركيز في الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها البلد». كما أشارت الى ايجابية الاجتماع والى أن «العلاقات الثنائية بين البلدين ستبقى ثابتة، والولايات المتحدة ستستمر في مساعدة لبنان ما دامت الحكومة اللبنانية تتخذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة للخروج من أزمتها».
على صعيد آخر، وقع حادث امني خطير امس، قرب مستديرة شاتيلا في بيروت. إذ أصيب فتى في الـ15 من عمره برصاصة في رأسه، أثناء إشعال إطارات احتجاجاً على الاوضاع المعيشية. ولم يُعرف مصدر الطلق الناري، فيما نُقِل الفتى المصاب إلى المستشفى حيث لا يزال بحال حرجة
سيريا ديلي نيوز
2020-06-30 19:03:51