د.عقيل سعيد محفوض
مَثَّلَ الجولانُ أحد عوامل أو مداخل التفسيرِ للأزمة أو الحرب في سورية. ولكنه لايزال بعد عقودٍ من الاحتلال حبيسَ مدارك نمطية ومقولات في السياسة والإعلام والثقافة؛ وبقي "مجهولاً" بالنسبة لكثيرٍ من المتلقين في سورية والمنطقة والعالم، واقعاً إما تحت مدارك غير مطابقة أو مشوهة، أو موضوعاً ضمن حيز "اللا مفكَّر فيه" بالنسبة لبعضٍ منهم، أو "المستحيل التفكير فيه" بالنسبة لبعضٍ آخرَ. ويبدو أنَّ شرائح كبيرة من المتلقين وقعت تحت تأثير ما تروِّجه "إسرائيل" ووسائط الإعلام المتحالفة معها عن الجولان والصراع بين العرب و"إسرائيل".
مَثَّلَ الجولان منذ العام 1967 إحدى عُقَدِ أو متلازمات السياسة في سورية والمنطقة، ذلك أنّه جُرحٌ لم يتمكن السوريون من معالجته، ولم يتمكن "طول المدة" ولا ثقل وتعقيدات وضغوط السياسات والحروب والنزاعات في الداخل والإقليم من جعلهم ينسوه أو يطووا صفحته. وكانت حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 محاولةً لتصحيح ما جرى في حرب حزيران/يونيو 1967، واستعادة الجولان المحتل، لكنها –بفعلِ إكراهات كثيرة– لم تتمكن إلا من استعادة جزء منه. وقد تركزت السياسات وديناميات الاحتواء والتغلغل الإقليمية والدولية على ألا تكون ثمة حرب تشرين أخرى.
ينطوي الموقف الأمريكي حيال الجولان السوريّ المحتل، على دلالات متعاكسة، فهو يمثل لحظة سوداء كالحة بالنسبة للسوريين، إذ أرادت الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تجعلا الجولان من الماضي وتغلقا ملفه بشكل نهائي، بإعلان ضمه لـ "إسرائيل"، لكنهما في الواقع جدّدتا النظر إليه، وأدّتا إلى استعادة الموضوع وإدراجه في أول أولويات السوريين اليوم، حتى مع عدم القدرة في الوقت الراهن على القيام باستجابة قوية ومباشرة في هذا الباب.
أحال الموقف الأمريكي من الجولان إلى بروز تحديات متزايدة أمام فواعل السياسة داخل سورية نفسها، وكانَ قد عبّرَ الرئيس بشار الأسد عن أن سورية تواجه لحظة بالغة الصعوبة، وقال: إنَّ الحرب لم تنته، بل إنَّ أمام سورية مواجهة حرب مركبة تنطوي على عدة حروب في آن.
اختارت الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تدفعا بمؤشرات وعناصر القوة إلى أقصى مدى، ويبدو أنهما تغوصان في ما تحاولان (أو تزعمان محاولة) الهرب منه، أي التهديد والخطر؛ ذلك أن إعلان ضم الجولان هو مصدر تهديد واعتداء لا ينتج إلا المواجهة والحرب ويعجل فيهما، بدلاً من أن يخفف منهما ويحتويهما. وإذا لم يشأ السوريون الاستسلام والقبول بواقع مفروض بالقوة، فليس أمامهم إلا المقاومة، والمقاومة هي سمة تاريخية وإنسانية وحضارية لدى الشعوب والأمم الحية.
السؤال: كيف يجري التفكير في الجولان، وكيف يمكن التفكير فيه، وهل فكر السوريون بالجولان: كيف وصل الأمر إلى هنا، ولماذا لم يمكن تحريره أو استعادته بالتسوية، وهل يمكنهم التفكير فيه اليوم، بحسبان حالة الحرب القائمة في سورية، بكل تبعاتها القائمة والمحتملة، وأي منطق ممكن أو ركائز ممكنة للمقاومة؟
تتألف الورقة من مقدمة وثمانية محاور، أولاً- في المقاربة، ثانياً- متلازمة الجولان، ثالثاً- استهداف من الجولان، رابعاً- تغلغل واختراق، خامساً- لحظة كالحة، سادساً- فرصة سانحة! سابعاً- روح الشعوب والأمم الحية، ثامناً- الإشارات والتنبيهات، خاتمة.
مقدمة
قَدَّمَ مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في جلسة مجلس الأمن (27 آذار/مارس 2019) واحدة من أندر الإشارات واللفتات الذكية التي كان يطلقها دبلوماسيون سوريون طوال عدة سنوات حيال الجولان والصّراع مع "إسرائيل"، قال: إنَّ الجولان ليس مجرد مرتفعات تم احتلالها لأغراض وذرائع عسكرية، حسب الخطاب الإسرائيلي، إنما هو مجال جغرافي وبشري وثقافي واسع، تم احتلاله بالقوة والتواطؤ الدوليّ في حزيران/يونيو عام 1967.
أقام الجعفري تمييزاً معرفياً وثقافياً وسياسياً ذا حيوية ودلالة، بين رؤيتين أو مقاربتين للجولان، رؤية سوريّة تعدّ الجولان أرضاً سورية ويجب أن تعود إلى الوطن الأم، وأن كل الإجراءات الإسرائيلية بخصوص الجولان باطلة بموجب القرارات الدولية: القرار 242 في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1967، والقرار 338 في 22 تشرين الأول/أكتوبر، 1973 والقرار رقم 497 في 17 كانون الأول/ديسمبر 1981. ورؤية إسرائيلية تعدّ الجولان المحتل عبارة عن مرتفعات لها أهمية عسكرية واستراتيجية، تم احتلالها في حرب حزيران/يونيو 1967، وأنها ضرورة لازمة لأمن "إسرائيل" واستقرار المنطقة.
لا بدَّ من التفكيرِ في الجولان بكيفيّةٍ "تُفكِّكُ" المداركَ النمطيّةَ حوله لدى السوريين والإسرائيليين، و"تُميِّزُ"، معرفيّاً وثقافيّاً أيضاً، بين رؤيتنا كسوريين له ورؤية وطريقة تفكير الإسرائيليين وحلفائهم الغربيين فيه، بما ينطوي على قراءة نقدية عميقة للمدارك النمطية الشائعة والمعمّمة حول الجولان في المجال الدولي والإقليمي وحتى لدى قِطَاعٍ أو شريحة من السوريين.
وقع السوريون ضحايا اجتياح رهيب لتدفقات معادية من المواقف والسياسات، جاء بعضها من مصادر وجهات صديقة أو شقيقة! حول استحالة فعل شيء من أجل الجولان، وكون المقاومة منطقاً لا جدوى منه، بل إنه –من منظور تلك التدفقات– أصبح مقولة وذريعة إيديولوجية وعملية لدى إيران، هدفها نشر التشيُّع والهيمنة الإقليمية والتوسع على حساب العرب! حسب تعبيرات الخطاب السياسيّ والإعلاميّ، الرسميّ وغير الرسميّ، لعدد من الدول العربية.
السؤال: كيف يجري التفكير في الجولان، وكيف يمكن التفكير فيه، وهل فكر السوريون بالجولان: كيف وصل الأمر إلى هنا، ولماذا لم يمكن تحريره أو استعادته بالتسوية، وهل يمكنهم التفكير فيه اليوم، بحسبان حالة الحرب القائمة في سورية، بكل تبعاتها القائمة والمحتملة، وأي منطق ممكن وركائز ممكنة للمقاومة من قبل السوريين؟
تتألف الورقة من مقدمة وثمانية محاور، أولاً- في المقاربة، ثانياً- متلازمة الجولان، ثالثاً- استهداف من الجولان، رابعاً- تغلغل واختراق، خامساً- لحظة كالحة، سادساً- فرصة سانحة! سابعاً- روح الشعوب والأمم الحية، ثامناً- الإشارات والتنبيهات، خاتمة.
أولاً- في المقاربة
أعاد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بــ "سيادة إسرائيل على الجولان" موضوعَ الجولان والصراع مع "إسرائيل" إلى الواجهة[1]، بعدما "نَحَّتْهُ" الأحداثُ العربية لعدة سنوات، والإخفاق والتخاذل العربيّ والإقليميّ والدوليّ لعدة عقود؛ لكنها عودة ملتبسة، إذ إنها أثارت تقديرات مختلفة ومتعاكسة، بين إنهاء الملف وإغلاقه، وبين استعادته وإحيائه.
مَثَّلَ الجولانُ أحد عوامل أو مداخل التفسير للأزمة في سورية[2]، بل إنَّ الكثير مما جرى في سورية والمنطقة من أحداث وصراعات ومواجهات وتدخلات إقليمية ودولية طوال عدَّة عقود، يرتبط ارتباطاً سببيّاً وتفسيريّاً بالصراع مع "إسرائيل"[3]. نسوق ذلك ليس على قاعدة أو نظرية المؤامرة –وهي حقّ أيضاً– وإنما على قاعدة أنَّ الكثير من الأمور يفسرها ما بعدها، لجهة أنَّ "إسرائيل" والولايات المتحدة وصلتا إلى قرار ضم الجولان بعدما أخفقت السيناريوهات والرهانات المتمثلة: إما بإسقاط النظام السياسي في دمشق، أو إقامة "منطقة آمنة" في الجنوب؛ وقاعدة "المُحْكَم والمُتَشابه" و"الثابت والمتغير" في السياسة، بمعنى أن الأصل أو المحكم في سياسة "إسرائيل" والولايات المتحدة هو تحقيق أمن "إسرائيل" ومحاولة تفكيك أي مصادر تهديد محتملة، وما تبقى هو من المتشابهات!
وقد كان ذلك من العوامل "المتنكَّر لها" طوال السنوات الأولى للحرب، علماً أن المؤشرات كانت واضحة، وأولها سعي فواعل الأزمة لاستهداف قواعد الدفاع الجوي والمطارات، وبخاصّة في المنطقة الجنوبية، ثم تتالت المؤشرات حتى أخذت "إسرائيلُ" وعملاؤها بالإعلان عنها صراحةً وبلا أدنى حرج[4].
لايزال الجولان السوري بعد عقود من الاحتلال حبيس مدارك نمطية ومقولات في السياسة والإعلام والثقافة هي "بلا روح" تقريباً، وبقي الجولان "مجهولاً" بالنسبة لكثير من المتلقين في سورية والمنطقة والعالم، واقعاً إما تحت مدارك غير مطابقة أو مشوهة، أو موضوعاً ضمن حيز "اللا مفكر فيه" بالنسبة لبعضٍ منهم، أو "المستحيل التفكير فيه" بالنسبة لبعضٍ آخر. ويبدو أن شرائح كبيرة من المتلقين وقعت تحت تأثير ما تروجه "إسرائيل" ووسائط الإعلام المتحالفة معها عن الجولان والصراع بين العرب و"إسرائيل".
ثانياً- متلازمة الجولان
إنَّ الجولان الذي يجري الحديث عنه هو الجزء المحتل من الجولان، وقد مَثَّلَ منذ العام 1967 أحدَ "عقد" أو "متلازمات" السياسة في سورية والمنطقة، وجرحاً لم يتمكن السوريون من معالجته، ولم يتمكن "طول المدَّة" ولا ثقل وتعقيدات وضغوط السياسات والحروب والنزاعات في الداخل والإقليم من جعلهم ينسوه أو يطوون صفحته.
كانت حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 محاولةً لتصحيح ما جرى في حرب حزيران/يونيو 1967، وفي مقدمة ذلك استعادة الجولان المحتل، لكن إكراهات الواقع وتداخل اللعبة الإقليمية والدولية كانا أقوى من قدرة سوريّة على تحقيق هذا الهدف الحق[5]، إنما تلك الإكراهات ليست من القوة بحيث تكسر إرادة السوريين، وتفرض عليهم القبول بالتخلي عن الجولان[6].
وقد تركزت السياسات وديناميات الاحتواء والتغلغل الإقليمية والدولية على ألا تكون ثمة حرب تشرين أخرى، إذ بعد أربع سنوات من الحرب تم تحريك فواعل دينية طائفية من أجل اختلاق أزمة داخلية (أحداث الإخوان المسلمين) ما مثّلَ جرحاً آخر كان من الصعب لَأْمُهُ أيضاً[7]. ومع ذلك لم تتخلّ سورية عن مواجهة "إسرائيل"، وقد وجدت مداخل صراعٍ وحربٍ أخرى، كما قال الإسرائيليون أنفسهم[8].
ثالثاً- استهداف من الجولان
مَثَّلَ الجولانُ لبعض الوقت أحد مداخل الحرب على سورية، عندما تمكّن خصوم دمشق من استدراج أشخاص في الجولان لإطلاق تصريحات تناهض النظام السياسيّ والدولة، وتؤيد الخروج عليهما، ولو أنها أصوات بقيت "خارج السياق" في مجتمع الجولان الذي بقي محافظاً على خط عام ومتماسك ومن القوة والحزم والانتماء للوطن الأم، والولاء للرئيس بشار الأسد.
وقد اعترض أهل الجولان بشدّة على قيام "إسرائيل" بنقل مُصابي المجموعات الإرهابية المسلحة في المنطقة الجنوبية للعلاج في مستشفيات الجيش الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة، وقاوموا باستهداف سيارات النقل والإسعاف العسكرية الإسرائيلية التي تنقل الإرهابيين المصابين، وإغلاق الطرق أمامها، ولم يستجيبوا للضغوط والتهديدات الإسرائيلية، ما اضطر "إسرائيل" لتغيير مسار ونمط تلك العمليات، للمرور بعيداً عن مناطق سكن أهل الجولان[9].
لكن الاستهداف انطلاقاً من الجولان هو أسبق وأعمق، وهو استهداف سيكولوجي واجتماعي أيضاً؛ ذلك بخلقِ صورة مختلفة لدور السلطة والحكم والتابعية في المجال، زراعة واقتصاد وسياحة، وإغواء – قسر متعددة الأنماط، هذا يعزز "الشعور بالفارق" على جانبي الحدود مع الجولان المحتل، وبخاصّةٍ إذا تمَّ توسيعُ دائرة الدلالة والمقاربة لتشمل مقارنة أوضاع النازحين من الجولان بأوضاع الذين بقوا فيه. وما نقوله هنا هو عبارة عن تقدير لا يعتمد على معطيات دقيقة أو مسوح أو استقصاءات خاصة بالموضوع.
رابعاً- تغلغل واختراق
ومثلما رفع متظاهرون في مرحلة مبكرة من الأحداث علم تركيا في الساحة الرئيسة بمدينة حماه، فقد رفع متظاهرون آخرون في أحد أحياء مدينة حمص علم "إسرائيل" على أحد المباني. وكان بالإمكان تفسير رفع أعلام "إسرائيل" في مرحلة مبكرة من الأزمة بوصفه تصرفاً متهوراً كيدياً حانقاً تجاه النظام السياسيّ والدولة، لكن ماذا يمكن أن يقال عن قيام المعارضين في حمص بقتل الرجل الذي أنزل علم "إسرائيل". هذا موضوع يفيض بالدلالات والمعاني!
لم يتوقف الأمر عند رفع الأعلام وتقديم العون بالمال والسلاح من قبل "إسرائيل" لمجموعات مسلحة، بل إن الأخيرة ومعها فواعل معارضة سياسية أيضاً، نفذت خططاً إسرائيلية بقضها وقضيضها[10]، مثل العمل على استهداف البناء الرمزيّ للمجتمع والدولة، ثم طلب العون من "إسرائيل" لإسقاط النظام، بلا حرج. وظهرت دعوات تجيز التعامل مع "إسرائيل" والعمل معها ولصالحها، وتعدّها حليفاً يمكن الاعتماد عليه في المعركة من أجل إسقاط النظام السياسي والسيطرة على الدولة[11].
ثم كان الدعم الإسرائيلي للمعارضة بالمال والسلاح والتنظيم مباشرة، وعبر غرفة "موك" في الأردن وغيرها، وفتح الحدود والمعابر للسلاح والمصابين، واستقبال أشخاص ووفود معارضة، ومحاولة إقامة "منطقة آمنة" غير مسماة في المنطقة الجنوبية، ثم في منطقة قريبة من الحدود مع الجولان السوري المحتل. وكانت عملية نقل المئات من العاملين في منظمة "الخوذ البيضاء" الإرهابية إلى داخل فلسطين المحتلة ثم إلى الأردن[12]، مؤشراً على مدى عمق التورط الإسرائيلي في الحدث السوريّ، وتورط مجموعات المعارضة المسلحة على اختلاف تسمياتها في التعامل مع "إسرائيل" والغرب، والعمل لحسابهم.
خامساً- لحظة كالحة
ينطوي الموقف الأمريكيّ حيال الجولان السوريّ المحتل، على دلالات متعاكسة، فهو يمثل لحظة سوداء كالحة بالنسبة للسوريين، إذ أرادت الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تجعلا الجولان من الماضي، وتغلقا ملفه بشكل نهائي، بإعلان ضمه لـ "إسرائيل"، لكنهما في الواقع جدّدتا النظر إليه، وأدّتا إلى استعادة الموضوع وإدراجه في أول أولويات السوريين اليوم، على مستوى التفكير والنقاش، حتى مع عدم القدرة في الوقت الراهن على القيام باستجابة قوية ومباشرة في هذا الباب. ثمة تداعيات قد لا تكون مقصودة بذاتها، لكن كيف يمثل الموقف لحظة كالحة، وكيف يمثل فرصة سانحة؟
إنَّ السؤال عن الظروف التي جعلت قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممكناً يضع المتلقي أمام مدارك تهديد بالغة الخطورة، تحديداً مع تزايد التقديرات بأن الموقف من الجولان يرتبط في جانب منه بما تسمّى "صفقة القرن" و"الوطن البديل"، إلخ.
الموقف الأمريكي أحال إلى تغيُّر خطير في نمط التفاعلات والسياسات على المستوى الدولي والإقليمي، إذ إن ترامب يعلم أنه يوقع قراراً باطلاً قانونياً وغير أخلاقي، وأن العالم سوف ينظر إلى ما فعله بوصفه انتهاكاً للقانون الدوليّ وحقوق الإنسان، من قبل دولة تدّعي أنها راعية حقوق الإنسان والشرعية الدولية. ولكن ترامب توقع مع ذلك ردة فعل عربية وإسلامية وحتى دولية، شكلية وعرضية وبلاغية فحسب. وهو يدرك أنَّ العديد من الأطراف والفواعل العربية والإقليمية والإسلامية والغربية أراد من الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تفعلا ذلك وأكثر[13]. وكما هو معلوم فقد كان التدخل العسكري الأمريكي في سورية مطلبَ عددٍ من الدول العربية والإسلامية وبالطبع الأوربية.
أحال الموقف الأمريكي من الجولان أيضاً إلى بروز تحديات متزايدة أمام فواعل السياسة داخل سورية نفسها، وقد كان الرئيس بشار الأسد عبّر عن أن سورية تواجه لحظة بالغة الصعوبة، وقال: إنَّ الحرب لم تنته، بل إنَّ أمام سورية مواجهة حرب مركبة تنطوي على عدة حروب في آن[14]. وهكذا فإنَّ الموقف الأمريكي أبرز اتجاه ترامب لاتخاذ قرارات والبدء بسياسات أكثر تشدداً، ما يمكن أن ينسحب على:
- طبيعة وجود القوات الأمريكية والقوات الموالية لها والمتحالفة معها في شرق الفرات،
- دعم أمريكيّ لإقامة كيانية انفصالية أو شبه انفصالية في شرق الفرات،
- اتجاه الولايات المتحدة لـ "احتواء" عودة سورية إلى السياسة الإقليمية والدولية، أو العكس،
- قول الولايات المتحدة: إنها سوف تركز جهودها على "إخراج" إيران من سورية.
يدرك ترامب أنَّ تبعات الحرب جعلت سورية في وضعٍ صعبٍ، فهي مقيدة اليوم بتفاهمات لم تكن طرفاً فيها، كما هو حال التفاهمات بين روسيا و"إسرائيل"[15]، وبين روسيا وتركيا، وحتى بين إيران وتركيا، وهي اليوم ليست في وضع يُمكِّن لها لاتخاذ المبادرة والقيام بأي ردة فعل حيال الولايات المتحدة أو "إسرائيل".
قال نتنياهو في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية الأمريكيّ مايك بومبيو في القدس: إن الحديث يدور حول معجزة في عيد المساخر (بوريم)، مؤكِّداً أن الرئيس ترامب "صنع تاريخاً".[16] وهكذا فإن "نتنياهو والمؤسسة الأمنية اللذين، حتى الآن، رفضا الضم الرسمي للمنطقة [الضفة الغربية] وفضّلا سيطرة إسرائيليّة زاحفة، سيجدان صعوبة أكثر فأكثر في الادعاء، أنَّ "العالم لن يسمح". المستوطنون ومؤيدوهم سيسألون "لماذا اعترف ترامب بكتسرين وعين زيفان وليس بأريئيل وبيت إيل"[17].
لكن ما قام به ترامب حيال الجولان السوري المحتل، لم يكن طارئاً ولا مفاجئاً، إذ ثمة مؤشرات ومقدمات عديدة، أمريكية وإسرائيلية على ذلك، وقد سبق لـ نتنياهو أن طرح الموضوع مع ترامب في البيت الأبيض في شباط/فبراير 2017، كما تمت مناقشة الأمر على مستوى الكونغرس ووزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القوميّ، وتم إعداد مشروع قانون ينصُّ على اعتراف الولايات المتحدة بأن الجولان المحتل جزء من "إسرائيل".
وهكذا فإن "إسرائيل" غيّرت موقفها تجاه الجولان "من تسوية إقليميّة إلى ضمّ"، وهذا ما استجاب له الرئيس الأمريكيّ، "وستواصل إسرائيل غرقها في إدامة الصراع مع جيرانها، بدلاً من البحث عن سبيل من أجل الخروج منه"[18].
قرار ترامب عزز الشكوك لدى السوريين في أنَّ تغيير الخرائط السياسية والحدود بالقوة هو أمر ممكن، رسالة تلقفتها تركيا بمزيد من التفاؤل، لجهة أن ذلك يمكن أن يعزز أطماعها في شمال سورية، لكن عليها أن تقلق أيضاً من أن واشنطن قد تسلك مسالك غير اعتيادية حيال الكرد في المنطقة، بما في ذلك كرد سورية وكرد تركيا نفسها.
سادساً- فرصة سانحة!
جاء قرار ترامب في جانب منه فرصةً للسوريين وحافزاً لإعادة تفحُّص وتأكيد بداهات بدت مهجورة نسبياً لدى بعضٍ منهم، أو أنّها أقل حضوراً في تقديرات ومدارك السياسة لدى بعضٍ آخر، وبخاصّة في سنوات الحرب، ويتعلق الأمر ببداهة وأولية وأولوية المقاومة؛ ذلك أن السوريين جرّبوا مسار التفاوض بحثاً عن التسوية السياسية، وكان الجولان في قلبها، وقصة "وديعة رابين" لا تزال حاضرة[19]، وقد سبق لنتنياهو نفسه أن وافق على مبدأ "إعادة الجولان" إلى سورية وفق تسوية سياسية[20].
إلا أنَّ الأساس المفترض للتسوية لم يعد موجوداً، بل إنَّ الأمريكان و"إسرائيل" قطعا الطريق أمام مبادرة محتملة للرئيس بوتين عندما دعا في قمة هلسنكي التي جمعته بترامب للعودة إلى السياسة ومشروع السلام بين سورية و"إسرائيل"[21]. كما أن خبرة التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم توصل إلى السلام؛ بل إلى المزيد من العنف والقتل وابتلاع الأراضي، إلخ. وإذا لم يعد مبدأ "الأرض مقابل السلام" ممكناً، بعد ضم الأرض، فما الذي يمكن أن يكون أساساً للتفاوض في المستقبل، وقد قال نتنياهو نفسه: إنه لن يعيد الجولان إلى سورية في أيّ اتفاق مستقبلي مع سورية؟[22] وإذا لم يشأ السوريون الاستسلام والقبول بواقع مفروض بالقوة، فليس أمامهم إلا الحرب أو المقاومة[23]، والمقاومة هي سمة تاريخية وإنسانية وحضارية لدى الشعوب والأمم الحيّة.
اعتقدت "إسرائيل" وعملاؤها وحلفاؤها أنَّ خطابَ النظامِ السياسيِّ وحلفائه حول المقاومة والعداء لـ "إسرائيل" بعيد عن أن يكون عنواناً ممكناً أو صالحاً في سورية اليوم، ذلك أنها مثخنة بجراح الحرب، وتقع تحت تأثير ضغوط داخلية وإقليمية ودولية كثيرة: أمنية وعسكرية وسياسية، وعقوبات اقتصادية متزايدة، كما أنَّ شريحة من السوريين أصبحت لديها مدارك مختلفة عن مدارك النظام ومواليه وحلفائه حول من هو العدو ومن هو الصديق[24]، بما في ذلك "إسرائيل" والولايات المتحدة.
كانت "إسرائيل" جزءاً من فواعل الحرب في سورية، وتمكنت من إقامة علاقات مع بنى المعارضة ومجتمعها في المنطقة الجنوبية وغيرها[25]، وذلك بحجج شتّى منها أن ثمة "مصلحة مشتركة" بينها وبين المعارضة في إسقاط النظام وتفكيك حلف المقاومة، وقد طالبتها المعارضة بالمزيد من الانخراط/التورط في الحرب، كما طالبت هي المعارضة بتأكيدات وضمانات على اتباع سياسات مختلفة عن سياسات النظام حيال إيران وحزب الله وغير ذلك في حال تمكنت من الوصول إلى الحكم[26].
هذا، ومع التطورات الأخيرة حول الجولان، ستبدو الأمور مختلفة، البداهة الحاضرة هنا هي أنَّ "إسرائيل" عدوٌّ طامع بالأرض، ومن الصعب على أي طرف سوري معارض، أو حليف له، أو متعاطف معه، أن يبرر أي نمط من التفاعل مع "إسرائيل"، حتى مع إقامة "إسرائيل" لصلات واسعة مع بنى اجتماعية وفواعل وأعيان وشبكات لا تزال موجودة في المنطقة الجنوبية.
الموقف الأمريكي من الجولان أحرج عدداً من فواعل واتجاهات الرأي والسياسة في الداخل السوري من المراهنين –صراحةً أو ضمناً– على الولايات المتحدة أو غير المتحمسين لمناهضتها، ولم يعد بإمكان هؤلاء أن يقولوا: إنَّ الولايات المتحدة تتدخل في سورية من أجل مصالح الشعب السوري! بالإضافة إلى أن الموقف وضع السوريين أمام مدارك ومصادر تهديد باقتطاع المزيد من الجغرافيا السورية، بما يتجاوز موضوع الجولان إلى:
- تزايد أطماع تركيا في إمكانيّة اقتطاع جغرافيا سورية قريبة من الحدود. المدارك المشار إليها يمكن أن تكون معكوسة أيضاً حيال تركيا، كما سبقت الإشارة، ذلك أن الموقف الأمريكي يمكن أن يعزز مدارك تهديد لدى الترك من أنَّ الولايات المتحدة قد تدفع باتجاه إعادة رسم الخرائط والحدود في غير مكان من سورية والمنطقة بعامّة، وفي ما يتعلّق بالموضوع الكرديّ بخاصّة.
- يمكن أن يكونَ للموقف الأمريكي منعكسٌ على مدارك تهديد جغرافية وكيانية لدى الأردن لجهة "الوطن البديل"، ولدى الفلسطينيين لجهة اقتطاع المزيد من الأراضي لصالح الاحتلال الإسرائيليّ. كما يمكن أن ينسحب على مدارك تهديد مشابهة لدى روسيا، لجهة تشجيع عوامل وفواعل وقوى انفصالية داخل روسيا نفسها، وكذلك الأمر بالنسبة للصين وإيران.
سابعاً- روح الشعوب والأمم الحية
يمثلُ القرارُ الأمريكيُّ حول الجولان فرصةً تاريخيةً للعودة إلى بداهات السياسة بالنسبة للسوريين، أو إلى ما يظهر أنه بداهة سياسية لديهم، وهو المقاومة، والسعي لتفكيك وتجاوز المدارك النمطية والأفكار المتداولة القائلة بـصعوبة أو "استحالة المواجهة" مع "إسرائيل"، وثمة في المنطقة من واجه "إسرائيل" وتغلب عليها. وبما أن السياسة هي فنُّ الممكن، فإن مقاومة قرار "إسرائيل" بضم الجولان وقرار الولايات المتحدة الاعتراف به ليست حصراً المواجهة العسكرية، إنما التحدي ورفض التنازل والرضوخ لاختلال ميزان القوة والقدرة على الحرب.
ومن المهم في هذا الباب تفكيك "عقيدة أنور السادات" المتوارثة بين الزعماء العرب من أن 99 بالمئة من أوراق السياسة العالمية هي بيد الولايات المتحدة[27]، علماً أن الأخيرة لم تنتصر في أي حرب خاضتها منذ العام 1945، على حدّ تعبير عالم السياسة الفرنسي برتران بادي[28].
يتعلق الأمر بمقاربة بعيدة المدى حول "روح الشعوب" بتعبير جون رولز، و"الأمم الحية" بتعبير هيغل التي لا تقبل الاستسلام للاحتلال، وهذا ما يسم الشعب في سورية ومنه أهل الجولان السوري المحتل الذي يقاومون عمليات "الأَسْرَلَة" للمجتمع و"التهويد" للأرض[29]، حتى مع قلة الحيلة والوسيلة، والإجهاد الكبير الذي أصاب الوطن الأم طوال سنوات؛ بل عقود من الحرب والحصار.
- أول ما ترتكز عليه المقاومة هو أن يشعر الناس أن القضية هي قضية الجميع، لا تَفْضُلُها أي قضية أخرى، وهي ليست قضية جغرافيا محتلة، إنما قضية وطنٍ وروحِ شعبٍ ومكانتهِ وهويتهِ وكبريائهِ، ذلك أنَّ من سُنن الشعوب والأمم الحية أنها لا تقبل الخضوع لسلطة احتلال خارجي[30].
- ثاني ركيزة هي المعرفة، ونعني بذلك معرفة العدوّ، وتاريخ المواجهة معه، والأسباب التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم، كيف تمت إقامة الكيان الإسرائيلي، وما فواعل ذلك بعامّة؟ وما الفواعل والقابليات المحلية بخاصّة؟ وكيف أمكن لـ "إسرائيل" أن تحتل الجولان والأراضي الأخرى، ولماذا لم تمكن استعادة الأراضي في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، ولماذا لم يمكن أن تقوم حرب تشرين الأول/أكتوبر أخرى؟
- ثالث ركيزة مفترضة للمقاومة هي أن يتم دعم وتعضيد المقاومة في الجولان السوريّ المحتل، ارتباطاً مع بناء عناصر القوة وسياسات مقاومة في داخل البلد، ولا شك في أن الحرب الدائرة في سورية وعليها منذ آذار/مارس 2011 وتداعياتها الموجعة والثقيلة كان لهما تأثير في أهل الجولان المحتل.
ثمة ركائز عديدة للمقاومة[31]، مما يرتبط بمتطلبات بناء دولة قوية وتنمية ومشاركة، إلخ، وما أوردناه ليس ركائز تامة ونهائية، إنما هو إشارات وتنبيهات حول "خط الأسئلة" المطلوبة و"إطار المعرفة" المفترض أن تكون أساساً للمقاومة. ولا بدَّ من مراجعة المدارك والسياسات حيال الجولان وأهله من قبل فواعل المجتمع والدولة في سورية، قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه، وتبتعد المسافة أكبر بين ما نريد ونأمل وبين ما نستطيع ونفعل!
ثامناً- الإشارات والتنبيهات
- وقع السوريون ضحايا اجتياحٍ رهيبٍ لتدفقاتٍ مُعاديةٍ من المواقفِ والسياساتِ، حول استحالة فعل شيء من أجل الجولان، وكون المقاومةِ منطقاً لا جدوى منه، بل هو مقولة وذريعة إيديولوجية وعملية لدى إيران.
- كيف يجري التفكير في الجولان، وكيف يمكن التفكير فيه، وهل فكّر السوريون بالجولان، وكيف وصل الأمر إلى هنا، ولماذا لم يمكن تحريره أو استعادته بالتسوية أو بالقوة، وهل يمكنهم التفكير فيه اليوم.
- لايزال الجولان السوري بعد عقود من الاحتلال حبيس مدارك نمطية ومقولات في السياسة والإعلام والثقافة هي "بلا روح" تقريباً، وبقي الجولان "مجهولاً" بالنسبة لكثير من المتلقين في سورية والمنطقة والعالم، واقعاً إما تحت مدارك غير مطابقة أو مشوهة، أو موضوعاً ضمن حيز "اللا مفكر فيه" بالنسبة لبعضٍ أو "المستحيل التفكير فيه" بالنسبة لبعضٍ آخرَ.
- الجولان هو أحد عُقد أو متلازمات السياسة في سورية والمنطقة، إنّه جرح لم يتمكن السوريون من معالجته، ولم يتمكن "طول المدة" ولا ثقل وتعقيدات وضغوط السياسات والحروب والنزاعات في الداخل والإقليم من جعلهم ينسوه أو يطوون صفحته.
- كانت حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 محاولة لتصحيح ما جرى في حرب حزيران/يونيو 1967، وفي مقدمة ذلك استعادة الجولان المحتل، لكن إكراهات الواقع وتداخل اللعبة الإقليمية والدولية كانا أقوى من قدرة سورية على تحقيق هذا الهدف.
- ينطوي الموقف الأمريكي حيال الجولان السوري المحتل، على دلالات متعاكسة، فهو يمثل لحظة سوداء كالحة بالنسبة للسوريين، إذ أرادت الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن تجعلا الجولان من الماضي وتغلقا ملفه بشكل نهائي، بإعلان ضمه لـ "إسرائيل"، لكنهما في الواقع جدّدتا النظر إليه، وأدّتا إلى استعادة الموضوع وإدراجه في أول أولويات السوريين اليوم.
- إن السؤال عن الظروف التي جعلت قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممكناً يضع المتلقي أمام مدارك تهديد بالغة الخطورة، تحديداً مع تزايد التقديرات بأن الموقف من الجولان يرتبط في جانب منه بما تسمّى "صفقة القرن" و"الوطن البديل"، إلخ.
- إنَّ سورية في وضع صعب، فهي مقيدة اليوم بتفاهمات لم تكن طرفاً فيها، كما هو حال التفاهمات بين روسيا و"إسرائيل"، وبين روسيا وتركيا، وحتى بين إيران وتركيا، وهي اليوم غير قادرة على اتخاذ المبادرة والقيام بأي ردة فعل حيال الولايات المتحدة أو "إسرائيل".
- قرار ترامب عزّز الشكوك لدى السوريين في أنَّ تغيير الخرائط السياسية والحدود بالقوة هو أمر ممكن، رسالة تلقفتها تركيا بمزيد من التفاؤل، لجهة أن ذلك يمكن أن يعزز أطماعها في شمال سورية، لكن عليها أن تقلق أيضاً من أن واشنطن قد تسلك مسالك غير اعتيادية حيال الكرد في المنطقة، بما في ذلك كرد سورية وكرد تركيا نفسها.
- اعتقدت "إسرائيل" وعملاؤها وحلفاؤها أنَّ خطابَ النظامِ السياسيِّ وحلفائه حول المقاومة والعداء لـ "إسرائيل" بعيدٌ عن أن يكون عنواناً ممكناً أو صالحاً في سورية اليوم، كما أن شريحة من السوريين أصبحت لديها مدارك مختلفة عن مدارك النظام ومواليه وحلفائه حول من هو العدوّ ومن هو الصديق، بما في ذلك "إسرائيل" والولايات المتحدة.
- بما أنَّ السياسةَ هي فنُّ الممكن، فإنَّ مقاومة قرار "إسرائيل" بضم الجولان وقرار الولايات المتحدة الاعتراف به ليست حصراً المواجهة العسكرية، إنما التحدي ورفض التنازل والرضوخ لاختلال ميزان القوة والقدرة على الحرب.
- يتعلق الأمر بمقاربة بعيدة المدى حول "روح الشعوب" و"الأمم الحية" التي لا تقبل الاستسلام للاحتلال، وهذا ما يَسِمُ الشَّعب في سورية ومنه أهل الجولان السوري المحتل الذي يقاوم عمليات "الأَسْرَلة" للمجتمع و"التهويد" للأرض، حتى مع قلة الحيلة والوسيلة، والإجهاد الكبير الذي أصاب الوطن الأم طوال سنوات؛ بل عقود من الحرب والحصار.
- أول ما ترتكز عليه المقاومة هو أن يشعر الناس أن القضية هي قضية الجميع، وثاني ركيزة هي المعرفة، ونعني بذلك معرفة العدو، وثالث ركيزة هي أن يتم دعم وتعضيد المقاومة في الجولان السوري المحتل، ارتباطاً مع بناء عناصر القوة وسياسات مقاومة في داخل البلد، ولا شك في أن الحرب الدائرة في سورية وعليها منذ آذار/مارس 2011 وتداعياتها الموجعة والثقيلة كان لها تأثير في أهل الجولان المحتل.
خاتمة
تزعم الولايات المتحدة أن قرارَ الاعترافِ بـ "سيادة إسرائيل على الجولان" مدفوعٌ بالحاجة لدعم وحماية "إسرائيل"؛ بينما المطلوب من منظور السوريين هو العكس، إذ دفع السوريون في يوم واحد في الحرب المجنونة ضدهم منذ العام 2011 أكثر مما دفعت "إسرائيل" منذ تأسيسها المشؤوم! ولا يزال السوريون يدفعون الأثمان منذ بدايات القرن الماضي، ولم يعيشوا أبدا في أمان. ثمة تهديدات مُسَلَّطَةٌ عليهم على الدوام، بلدهم تمت هندسته هكذا، تحت تهديد من الداخل أو الخارج أو الاثنين معاً. وحتى من تحت (النزاع على مصادر الطاقة)، ومن فوق (صراع الأديان والمذاهب والرسالات)!
الجولان مسألة وطنية سورية حية، لا يمكن أن تسقطها الأزمات والحروب، خارجية كانت أم داخلية، ولا تسقط بالتقادم أو بالهيمنة الخارجية، ولا بقرار أمريكي باطل من نمط قرار ترامب المذكور. وقد سبقت الإشارة إلى أن روح الشعوب والأمم الحية لا تقبل بأن تبقى لها أرض تحت الاحتلال.
ورغم ما راهنت عليه "إسرائيل" طوال سنوات الحرب من جعل الجولان جزءاً من الماضي، والدفع باتجاه تفاهمات جديدة حول الانسحاب من (أو عدم التدخل في) المنطقة الجنوبية مقابل "سكوت" سورية عن موضوع الجولان المحتل، بشكل مباشر أو غير مباشر؛ إلا أن مسارات الأمور بدت أكثر تعقيداً، وتراجعت أمام إصرار سورية على استعادة الجنوب، في إطار تفاهمات متعددة الأطراف، وبخاصّة بين روسيا والولايات المتحدة والأردن و"إسرائيل" نفسها. وقد قال الإسرائيليون: إنَّ روسيا ضامنٌ آمن وموثوق لعدم "تموضع" حزب الله وإيران قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل. تفاهمات ذات تداعيات ثقيلة على سورية، لكن ربما لم يكن بالإمكان أفضل مما كان.
تبدو "إسرائيل" اليوم أكثر مغامرةً واندفاعاً تُجاه المشهد السوريّ، إذ ثمة انقلاب على أوليات السياسة لديها منذ حرب 1967، فامتلاك عناصر القوّة والتفاهمات والفرصة المهيأة لاستخدامها في الحرب السورية، لا يعني أنَّ القوّة هي السبيل الأفضل.
وقد اختارت الولايات المتحدة و"إسرائيل"، أن تدفعا بمؤشرات وعناصر القوة إلى أقصى مدى، ويبدو أنهما تغوصان في ما تحاولان (أو تزعمان محاولة) الهرب منه، أي التهديد، ذلك أن إعلان ضم الجولان هو مصدر تهديد واعتداء لا ينتج إلا المواجهة والحرب، ويعجل فيهما بدلاً من أن يخفف منهما ويحتويهما، أو يوصل "إسرائيل" إلى الأمن والسلام.
المراجع
الكتب
- بادي، برتران ودومينيك فيدال. من يحكم العالم، أوضاع العالم 2017. ترجمة: نصير مروة. بيروت: مؤسسة الفكر العربي، 2016.
- حماد، مجدي. السادات وإسرائيل: صراع الأساطير والأوهام. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2019.
- دار الجليل. قضية شراء الأراضي والاستيطان الصهيوني في الأردن وحوران والجولان. عمان: دار الجليل، 2003.
- ديب، كمال. تاريخ سورية المعاصر: من الانتداب الفرنسي إلى صيف 2011. بيروت: دار النهار، 2011.
- سعيد، إدوارد. إسرائيل، العراق، الولايات المتحدة. بيروت: دار الآداب، 2004.
- سلامة، غسان. المجتمع والدولة في المشرق العربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1987.
- سيل، باتريك. الأسد: الصراع على الشرق الأوسط. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط 12، 2015.
- الشرع، فاروق. الرواية المفقودة. الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015.
- محفوض، عقيل. خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية. بيروت: دار الفارابي، 2017.
- هاني، إدريس. روح المقاومة وفلسفة الزمان. بيروت: دار الولاء للطباعة والنشر، ط 1، 2015.
الدراسات
- محفوض، عقيل. الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟. دراسة. دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018.
- ........... دروس الحرب: أولويات الأمن الوطني في سورية. دراسة. دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2016.
الدوريات
- أبو فخر، صقر. "الجولان: شهادات نازحين عن أيام الحرب والحاضر". مجلة الدراسات الفلسطينية. المجلد 11، العدد 42، ربيع 2000.
المواقع الإلكترونية
- "أبرز تصريحات بوتين وترمب في قمة هلسنكي"، الجزيرة مباشر، 16 تموز/يوليو 2018. http://bit.ly/2G6aGZ7
- "إسرائيل تجلي المئات من عناصر "الخوذ البيضاء" وعائلاتهم من جنوبي سوريا"، بي بي سي، 22 تموز/يوليو 2018. http://www.bbc.com/arabic/middleeast-44915629
- "الحكومة السورية تصف إجلاء إسرائيل عناصر "الخوذ البيضاء" من سوريا بأنه "عملية إجرامية""، بي بي سي، 23 تموز/يوليو 2018. http://www.bbc.com/arabic/middleeast-44928572
- "المعارضة السورية: لن نعادي إسرائيل بعد سقوط الأسد"، البوابة، 9 شباط/فبراير 2013. http://bit.ly/2IbCnD5
- "المقاومة السورية لتحرير الجولان تضع يدها على الزناد بعد قرار ترمب"، إندبندنت عربية، 27 آذار/مارس 2019، http://bit.ly/2ULse69
- "ترامب يوقع إعلاناً يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان"، رويترز، 25 أذار/مارس 2019. https://ara.reuters.com/article/idARAKCN1R61XM
- "تفاصيل إجلاء إسرائيل لـ "الخوذ البيضاء" عبر الجولان المحتل"، رصيف، 22 تموز/يوليو 2018، http://bit.ly/2IblZTj
- "دروس من عودة الدولة السورية إلى الجنوب، تقرير الشرق الأوسط"، مجموعة الأزمات الدولية، رقم 196، 25 شباط/فبراير 2019، http://bit.ly/2X4Cvrl
- "غليون يتعهد بمقاطعة إيران وحلفائها"، الجزيرة، 2 كانون الأول/ديسمبر 2011. http://bit.ly/2D64VKk
- "فورين بوليسي: إسرائيل تسلح وتمول معارضين سوريين"، الجزيرة، 7 أيلول/سبتمبر 2018، http://bit.ly/2P0LDus
- "كلمة الرئيس بشار الأسد أمام رؤساء المجالس المحلية"، سانا، 17 شباط/فبراير 2019. https://www.sana.sy/?p=897175
- "نتنياهو سيلتقي زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل للبحث في الأزمة في الجولان"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية نقلاً عن هآرتس، 24 حزيران/يونيو 2015. https://www.palestine-studies.org/institute/solr-search?page=5496#191358
- "نتنياهو يرحب بإعلان ترامب استعداده للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان"، موقع شجون عربية نقلاً عن يسرائيل هيوم، 22 آذار/مارس 2019. http://bit.ly/2KGCbOz
- "نتنياهو يقول إنه سيضم مستوطنات في الضفة الغربية"، رويترز، 6 نيسان/أبريل 2019. https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1RI0K8
- "نتنياهو: الجولان سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد"، سبوتنيك، 6 حزيران/يونيو 2017. https://sptnkne.ws/e943
- "وثيقة تؤكد قبول نتنياهو الانسحاب من الجولان خلال ولايته السابقة»، الدستور، 10 أيلول/سبتمبر 2009. http://bit.ly/2KoR0oA
- الأمين، إبراهيم. "هل يثور السوريون رفضاً للمقاومة؟"، الأخبار، 3 كانون الأول/ديسمبر 2011. https://al-akhbar.com/Politics/98585
- بن، ألوف. "تحرُّر الولايات المتحدة من التبعية لنفط الشرق الأوسط وراء اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان؟"، موقع شجون عربية نقلاً عن هآرتس، 22 آذار/مارس 2019. http://bit.ly/2IsihUK
- عاموس غلبواع، "الشعب ما زال متمسكاً بالجولان"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية نقلاً عن معاريف، 13 شباط/فبراير 2012. https://www.palestine-studies.org/daily/mukhtarat-view/135360
- محفوض، عقيل. "تحديات ماثلة: حول المسارات والإكراهات الرئيسة في الأزمة السورية"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 17 أيلول/سبتمبر 2017. http://bit.ly/2Krf5eD
- ........... "هل توحد إسرائيل العرب؟"، صحيفة ميسلون، 16 أيار/مايو 2017. http://bit.ly/2X028cR
عقيل سعيد محفوض
- كاتب وأستاذ جامعي.
- تتركز اهتماماته العلمية حول المنطقة العربية وتركيا وإيران والكرد.
- عضو الهيئة العلمية في مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مِداد.
- يكتب تحليلات ومقالات رأي في عدد من المنابر الإعلامية والسياسية والبحثية.
- صدر له:
- كتب
- جدليات المجتمع والدولة في تركيا: المؤسسة العسكرية والسياسة العامة، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2008).
- سورية وتركيا: الواقع الراهن واحتمالات المستقبل، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2009).
- السياسة الخارجية التركية: الاستمرارية – التغيير، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012).
- تركيا والأكراد: كيف تتعامل تركيا مع المسألة الكردية؟ (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012).
- تركيا والغرب: "المفاضلة" بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2013).
- الأكراد، اللغة، السياسة: دراسة في البنى اللغوية وسياسات الهوية، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013).
- خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2017؛ بيروت: دار الفارابي، 2017).
- كورد نامه: في أسئلة السياسة والحداثة لدى الكرد (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018؛ بيروت: دار الفرقد، 2018).
- مخطوط
- الأمن في عصر الحداثة الفائقة: المفاهيم، الأبعاد، التحولات، (مخطوط تحت النشر).
- ليفياثان المشرق: حول نشوء "الدولة الوطنية" أو "دولة ما بعد الاستعمار" في سورية، مقاربات تفسيرية، (مخطوط).
- دراسات وأبحاث
- سورية وتركيا: "نقطة تحول" أم "رهان تاريخي"؟ (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012). (إلكتروني).
- الحدث السوري: مقاربة "تفكيكية"، (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012). (إلكتروني).
- الخرائط المتوازية: كيف رسمت الحدود في الشرق الأوسط؟ (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2016).
- دروس الحرب: أولويات الأمن الوطني في سورية، مقاربة إطارية، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2016).
- صدوع الجزيرة: في تحديات وتحولات المسألة الكردية في سورية، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2016).
- مفهوم الأمن: مقاربة معرفية إطارية، (الرباط: مؤسسة مؤمنون بلا حدود للأبحاث والدراسات، 2016).
- مراكز التفكير: المحددات، الكيفيات، التحديات، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2017).
- القنفذ والثعلب: الولايات المتحدة إزاء الأزمة السورية، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2017).
- العنف المقدس: في الأسس الثقافية لعنف الجماعات التكفيرية، (الرباط: مؤسسة مؤمنون بلا حدود للأبحاث والدراسات، 2017).
- ضفدع نيتشه؟ مقاربات معرفية في قراءة الأزمة السورية، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2017).
- حيث يسقط الظلّ! الولايات المتحدة إزاء الأزمة السورية، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018).
- عودة المسألة الشرقية تحولات السياسة والدولة في الشرق الأوسط، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018).
- سُوريّة والكُرد: بين المُواجَهَة والحوار، أي أَجِندة مُمكِنَة؟، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018).
- الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟،(دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018).
- رايات بيضاء: حول سياسة المصالحات والتسويات في الأزمة السورية، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018).
- استلاب الكرد: صورة مشروع "قوات سوريا الديمقراطيّة"، ولادتها وموتها!، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2019).
- إعادة التفكير في الدّولة: قراءة في ضوءِ الأزمة السوريّة، (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2019).
- أوراق بحثية في مؤتمرات أو كتب جماعية
- "العرب في تركيا": محور تواصل أم تأزيم؟ بحث في مؤتمر العرب وتركيا نُشِرَ في كتاب جماعي (2012).
- سياسات إدارة الأزمة السورية: "الإدارة بالأزمة"؟ بحث في كتاب جماعي، (2013).
- الشرق الأوسط بعد 100 عام على الحرب العالمية الأولى: من "المسألة الشرقية" إلى "الدولة الفاشلة"، هل هناك سايكس-بيكو جديد؟ (مؤتمر بيروت 19 -22 شباط/فبراير، 2015).
- من المظلومية إلى الفعل: تحديات فواعل المقاومة في عالم ما بعد الأحدية الغربية، في مؤتمر: (غرب آسيا في عالم ما بعد الأحادية الغربية: تحديات المرحلة الانتقالية، بيروت، 7 أيلول/سبتمبر 2017).
- في ثقافة الكراهية: الظاهرة الدينية، الحرب، التوحش، (المؤتمر الدولي الأول لحوار الأديان، بيروت، 12-13 أيلول/سبتمبر 2017).
- العبور إلى الهوية: في الاستجابة الممكنة لتحديات ما بعد الحرب في سورية، (مؤتمر الهوية الوطنية: قراءات ومراجعات في ضوء الأزمة السورية، دمشق، 20-21 كانون الثاني/يناير 2018).
- إعادة التفكير بالدولة في حالات ما بعد الحرب: قراءة في ضوء الأزمة السورية، (المؤتمر الثقافي السوري، دمشق، 16-17 كانون الأول/ديسمبر 2018).
[1] "ترامب يوقع إعلاناً يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان"، رويترز، 25 أذار/مارس 2019. https://ara.reuters.com/article/idARAKCN1R61XM
[2] عقيل محفوض، الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟، دراسة (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، تموز/يوليو 2018).
[3] بل إنَّ الدراسات أظهرت اهتماماً صهيونياً مبكراً بمنطقة الجولان، منذ القرن التاسع عشر على أقرب تقدير، وحتى قبل أن تتشكل المنطقة دولاً وأشباه دول بعد سايكس بيكو وتعديلاتها اللاحقة. انظر مثلاً: كمال ديب، تاريخ سورية المعاصر: من الانتداب الفرنسي إلى صيف 2011 (بيروت: دار النهار، 2011)، ص 283 وما بعدها؛ ودار الجليل، قضية شراء الأراضي والاستيطان الصهيوني في الأردن وحوران والجولان (عمان: دار الجليل، 2003)، ص 189 وما بعدها. بالإضافة إلى أن الوثائق حول المياه تشير إلى أطماع مبكرة بالجولان.
[4] ظلت "إسرائيل" تموّل وتسلّح طوال عدة سنوات 12 مجموعة على الأقل من المجموعات المسلحة. ونسبت مجلة "فورن بوليسي" الأميركية، في تقرير حصري نشرته (6 أيلول/سبتمبر 2018) إلى نحو 25 من قادة ومقاتلي المجموعات المسلحة، وإلى صحافيين محليين القول: إن "إسرائيل" تزودهم بالأسلحة المختلفة، وسيارات النقل وتسلمهم مرتبات شهرية وأموالاً إضافية للمجموعات لشراء أسلحة من السوق السوداء. وبحسب المجلة، بدأت "إسرائيل" عام 2013 دعم مجموعات مسلحة تابعة لـ "الجيش الحر" بالقنيطرة ودرعا والمناطق الجنوبية من ضواحي دمشق، ومن هذه المجموعات ورد اسما "فرسان الجولان" و"لواء عمر بن الخطاب". وظل هذا الدعم ثابتاً لفترة، لكنه توسع بشكل كبير في العامين 2017 و2018، وتمكنت "إسرائيل" من خلق علاقات من مجموعات تشمل مئات المقاتلين إلى مجموعات لديها الآلاف. ورد في: "فورين بوليسي: إسرائيل تسلح وتمول معارضين سوريين"، الجزيرة، 7 أيلول/سبتمبر 2018، http://bit.ly/2P0LDus
[5] كمال ديب، تاريخ سورية المعاصر: من الانتداب الفرنسي إلى صيف 2011، مرجع سابق.
[6] باتريك سيل، الأسد: الصراع على الشرق الأوسط (بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط 12، 2015).
[7] المرجع السابق، وغسان سلامة، المجتمع والدولة في المشرق العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1987).
[8] نحيل هنا إلى مقال صحافيّ للكاتب يقول: «استطاع السوريون العثور على الأسلوب الأنجح من أجل تنكيد حياتنا من خلال استخدام وسطاء [الصحيح شركاء]، فحولوا لبنان إلى حدود لهم، واستخدموا أراضيه للقيام بعمليات إرهابية [الصحيح: عمليات مقاومة] ضدنا من خلال الفلسطينيين وحزب الله. كما كانت حركة "حماس" من بين الوسطاء [الشركاء] الذين استخدمتهم سورية، وكان مركز قيادتها حتى الفترة الأخيرة في دمشق. وينبغي ألاّ ننسى أن قرب الجولان من دمشق كان من بين الاعتبارات التي منعت سورية من زيادة حدة عملياتها العدائية تجاه إسرائيل». عاموس غلبواع، "الشعب ما زال متمسكاً بالجولان"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية نقلاً عن معاريف، 13 شباط/فبراير 2012. https://www.palestine-studies.org/daily/mukhtarat-view/135360
[9] انظر مثلاً: "نتنياهو سيلتقي زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل للبحث في الأزمة في الجولان"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية نقلاً عن هآرتس، 24 حزيران/يونيو 2015. https://www.palestine-studies.org/institute/solr-search?page=5496#191358
[10] عقيل محفوض، الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟، دراسة، مرجع سابق؛ عقيل محفوض، "تحديات ماثلة: حول المسارات والإكراهات الرئيسة في الأزمة السورية"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 17 أيلول/سبتمبر 2017. http://bit.ly/2Krf5eD
[11] قالت مجلة فورن بوليسي: «إلى أنه بسبب الدعم الإسرائيلي العسكري والإنساني، بدأ عدد كبير من سكان جنوب سورية يعتبرون إسرائيل حليفاً. ونشرت تل أبيب برنامجها الذي أطلقت عليه اسم "حُسن الجوار" بالعربية، ويشمل ما تسميه "العمليات الإنسانية" بجنوب سورية وعلاج مصابي المجموعات المسلحة والأفراد من العملاء والمرتبطين بها، في المستشفيات الإسرائيلية». وتختم المجلة بالقول: «إنه مع وصول قوات النظام إلى غرب درعا، بدأ بعض أتباع المعارضة المدعومة إسرائيلياً التواصل مع الجهات الإسرائيلية لطلب اللجوء خوفاً من انتقام دمشق، لكن إسرائيل لم تسمح إلا بدخول عدد قليل من القادة وأفراد أسرهم، وصدت الآخرين الذين فضلوا البقاء بمنازلهم وتسليم أنفسهم للنظام بدلاً من اللجوء إلى إدلب». ورد في: "فورين بوليسي: إسرائيل تسلح وتمول معارضين سوريين"، الجزيرة، مرجع سابق.
[12] انظر مثلاً: "إسرائيل تجلي المئات من عناصر "الخوذ البيضاء" وعائلاتهم من جنوبي سوريا"، بي بي سي، 22 تموز/يوليو 2018. http://www.bbc.com/arabic/middleeast-44915629
وانظر: "الحكومة السورية تصف إجلاء إسرائيل عناصر "الخوذ البيضاء" من سوريا بأنه "عملية إجرامية""، بي بي سي، 23 تموز/يوليو 2018. http://www.bbc.com/arabic/middleeast-44928572
وحول بعض تفاصيل عملية الإجلاء استناداً لمصادر إعلامية إسرائيلية، انظر مثلاً: "تفاصيل إجلاء إسرائيل لـ "الخوذ البيضاء" عبر الجولان المحتل"، رصيف، 22 تموز/يوليو 2018، http://bit.ly/2IblZTj
[13] عقيل محفوض، "هل توحد إسرائيل العرب؟"، صحيفة ميسلون، 16 أيار/مايو 2017. http://bit.ly/2X028cR
[14] "كلمة الرئيس بشار الأسد أمام رؤساء المجالس المحلية"، سانا، 17 شباط/فبراير 2019. https://www.sana.sy/?p=897175
[15] حول تصريحات روسيا و"إسرائيل" عن تفاهماتهما والتزاماتهما في المنطقة الجنوبية وإمكانية وجود إيران وحزب الله قرب الحدود مع الجولان السوريّ المحتل، انظر مع التحفظ على اتجاهات وتقديرات التقرير والمجموعة: "دروس من عودة الدولة السورية إلى الجنوب، تقرير الشرق الأوسط"، مجموعة الأزمات الدولية، رقم 196، 25 شباط/فبراير 2019، http://bit.ly/2X4Cvrl
[16] "نتنياهو يرحب بإعلان ترامب استعداده للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان"، موقع شجون عربية نقلاً عن يسرائيل هيوم، 22 آذار/مارس 2019. http://bit.ly/2KGCbOz
[17] ألوف بن، "تحرُّر الولايات المتحدة من التبعية لنفط الشرق الأوسط وراء اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان؟"، موقع شجون عربية نقلاً عن هآرتس، 22 آذار/مارس 2019. http://bit.ly/2IsihUK
[18] المرجع السابق. وبالفعل فقد صرح بنيامين نتنياهو بعد أيام بأنّه يعتزم ضم مستوطنات في الضفة الغربية، انظر: "نتنياهو يقول إنه سيضم مستوطنات في الضفة الغربية"، رويترز، 6 نيسان/أبريل 2019. https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1RI0K8
[19] فاروق الشرع، الرواية المفقودة (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)؛ كمال ديب، تاريخ سورية المعاصر، مرجع سابق.
[20] «كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن وثيقة تشير إلى موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال فترة ولايته الأولى قبل نحو عشر سنوات على انسحاب إسرائيل الكامل من هضبة الجولان السورية المحتلة. وتضمنت الوثيقة التي تنشر لأول مرة مسوَّدة معاهدة سلام بين سوريا وإسرائيل قدمها مبعوث نتنياهو في حينها رجل الأعمال اليهودي الأميركي رون لاودر إلى الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. ونصت المسودة على انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية التي احتلت عام 1967 إلى حدود متفق عليها تعتمد على خط الرابع من حزيران عام 1967، بشرط موافقة سوريا على بقاء محطة إنذار أميركية فرنسية على جبل الشيخ لمدة عشر سنوات بعد الانسحاب. ورد في: "وثيقة تؤكد قبول نتنياهو الانسحاب من الجولان خلال ولايته السابقة»، الدستور، 10 أيلول/سبتمبر 2009. http://bit.ly/2KoR0oA
[21] "أبرز تصريحات بوتين وترمب في قمة هلسنكي"، الجزيرة مباشر، 16 تموز/يوليو 2018. http://bit.ly/2G6aGZ7، عقيل محفوض، الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟، دراسة، مرجع سابق.
[22] "نتنياهو: الجولان سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد"، سبوتنيك، 6 حزيران/يونيو 2017. https://sptnkne.ws/e943
[23] انظر مثلاً تقديرات مبكرة حول الاستجابة السورية لقرار ترامب الاعتراف بـ"السيادة الإسرائيلية" على الجولان السوري المحتل، في: "المقاومة السورية لتحرير الجولان تضع يدها على الزناد بعد قرار ترمب"، إندبندنت عربية، 27 آذار/مارس 2019، http://bit.ly/2ULse69
[24] عقيل محفوض، خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية (بيروت: دار الفارابي، 2017)، وعقيل محفوض، دروس الحرب: أولويات الأمن الوطني في سورية، دراسة (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2016).
[25] عقيل محفوض، الجبهة الجنوبية: هل تسعى إسرائيل لتعديل اتفاق الفصل 1974؟، دراسة، مرجع سابق؛ وعقيل محفوض، "تحديات ماثلة: حول المسارات والإكراهات الرئيسة في الأزمة السورية"، مرجع سابق.
[26] قال رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب في حوار مع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أجراه معه رونين برجمان محرّر الشؤون الأمنية في الصحيفة «إنَّ النظام الجديد في سوريا لن يعادي إسرائيل، وإنَّ المعارضة ستعمل جاهدة لتفادي وقوع الأسلحة الكيماويّة في أيدي حزب الله». في "المعارضة السورية: لن نعادي إسرائيل بعد سقوط الأسد"، البوابة، 9 شباط/فبراير 2013. http://bit.ly/2IbCnD5 . وورد في مواقع إلكترونية ومنابر إعلامية عديدة. وقام عدد من قيادات المعارضة بزيارات سرية وعلنية إلى "إسرائيل". وفي تصريحات مبكرة قال برهان غليون أول رئيس لـ "المجلس الوطني السوري" المعارض، في حوار مع وول ستريت جورنال: إنَّ حكومة يرأسها مجلسه المعارض سوف تقطع علاقاتها مع إيران وحزب الله، وسوف تلتزم باستعادة الجولان "عن طريق المفاوضات"، في: "غليون يتعهد بمقاطعة إيران وحلفائها"، الجزيرة، 2 كانون الأول/ديسمبر 2011. http://bit.ly/2D64VKk
وانظر أيضاً: إبراهيم الأمين، "هل يثور السوريون رفضاً للمقاومة؟"، الأخبار، 3 كانون الأول/ديسمبر 2011.
https://al-akhbar.com/Politics/98585
[27] انظر مثلاً: مجدي حماد، السادات وإسرائيل: صراع الأساطير والأوهام (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2019).
[28] برتران بادي ودومينيك فيدال (محرران)، من يحكم العالم، أوضاع العالم 2017، ترجمة: نصير مروة (بيروت: مؤسسة الفكر العربي، 2016)، ص19.
[29] صقر أبو فخر، "الجولان: شهادات نازحين عن أيام الحرب والحاضر"، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 11، العدد 42، ربيع 2000، ص 119 وما بعدها.
[30] انظر مثلاً: إدوارد سعيد، إسرائيل، العراق، الولايات المتحدة (بيروت: دار الآداب، 2004)، ص56-61.
[31] انظر مثلاً: إدريس هاني، روح المقاومة وفلسفة الزمان (بيروت: دار الولاء للطباعة والنشر، ط 1، 2015).
سيريا ديلي نيوز - مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد"
2019-04-11 18:26:05