تحقيق لجريدة السفير يلقي الضوء على الخلافات والخلايا النائمة في سوريا ويتحدث عن تخزين السلاح وأجندات متعارضة بين أطراف متناحرة.ويلقي الضوء على بعض العمليات التي نفذتها المجموعات المسلحة من داخل الأرضي التركية بحق عدد كبير من ضباط الجيش السوري وعناصره وذلك باعتراف أحد منفذيها لكاتب هذا التحقيق.
وفي هذا السياق يكشف من يدّعي أنه "العقيد" قاسم سعد الدين من مخبئه في حمص وعبر برنامج «سكايب» للاتصالات، وفي اجتماع مع مجموعة من بينها محمد بسام العمادي، يكشف أن التيار السلفي الجهادي، وبدعم من جماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا، يخزنون الأسلحة لاستخدامها لاحقا، وهذه المجموعات السلفية لديها أجندة خاصة، ويقول المتحدث: "نحن نحارب وننجز المهمة الأصعب، وهم يريدون الوصول إلى السلطة على ظهرنا ومن دون عناء. فالسلاح الذي يخزن الآن سيستخدمونه فيما بعد للوصول إلى السلطة".
وأثناء اللقاء يرن جرس الهاتف والصوت لمسؤول لوجستي يبلغ فيه سعد الدين أن اثنين من المعارضة السورية اختلفا وأطلق أحدهما النار على الآخر. وقد بدأ الإشكال عندما طلب رجل أعمال سوري مقيم في السعودية من معارض سلفي من حلب يدعى «أبو جميل الجبنة» أن يكشف له ماذا حل بالسلاح الذي اشتراه بقيمة 30 ألف يورو وهربه إلى سوريا.
وكان التاجر قد أتى خصيصا إلى "هاتاي" لمقابلة «أبو جميل» ومعرفة مصير المساعدة المالية التي قدمها، وبعدما أصر التاجر السوري على معرفة ماذا حصل بالمبلغ، وأين ذهب السلاح، رفض «أبو جميل» أن يتجاوب وانتهى الخلاف بإطلاقه رصاصتين على التاجر، ما استدعى نقله في وقت متأخر من الليل إلى أحد المستشفيات الحدودية في تركيا، وقد اعتقلت الشرطة التركية «أبو جميل» بتهمة حيازة سلاح غير شرعي وإطلاق النار لمحاولة القتل، كما أبقت على التاجر المصاب تحت المراقبة الأمنية في المستشفى.
وفي هذا الاجتماع يقر العميل العمادي أن مجلس اسطنبول لا يمثل المسلحين السوريين وان هناك تيارات إسلامية تعمل على حسابها، ويوافقه الرأي سعد الدين، الذي يقول عبر برنامج الـ«سكايب» أن" «المجلس يجب استبداله، فالأداء السياسي والميداني لرئيسه برهان غليون موضع جدل كبير ضمن أوساط المعارضة والمسلحين، فغليون فشل في إقناع المجتمع الدولي بتزويدنا بالأسلحة".
وتتابع الصحيفة تحقيقها الذي تقول فيه وحسب العميلين العمادي وسعد الدين أن المعارضة المسلحة لا ترى في المجلس أو في غليون ممثلا قويا يتحدث باسمها، إضافة إلى ذلك، تواجه المعارضة المسلحة انقسامات حادة داخل بعضها البعض، فسعد الدين يتهم رياض الأسعد بـ«شق الصف» بسبب أدائه الضعيف الذي أدى إلى انشقاقات داخل ما يسمى «الجيش الحر»، مشيرا إلى أن حالات الانشقاقات تقف وراءها المجموعات السلفية أو تلك التي تدور في فلك حركة الإخوان المسلمين. ويتهم المنسق العام لهيئة حماية المدنيين هيثم رحمة بأنه «فاتح إمارة إسلامية في حمص على حسابه، وجماعته يقسمون بالولاء للأمير وليس للوطن".
وتشير الصحيفة في تحقيقها إلى أن فصائل المعارضة السورية تحاول إقناع الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، برفع مستوى الدعم من سياسي ومعنوي ومالي ولوجستي محدود إلى المستوى التسليحي الذي وصل إليه المسلحون الليبيون.
يقفل قاسم سعد الدين برنامج «سكايب» آملا تنفيذ الوعود التي حصل عليها، بمده بالعناصر والسلاح عما قريب، ويدخل المدعو خالد الحبوس على الخط ليقول: « إن النظام لن يسقط حتى نخلق بديلا له، والمجتمع الدولي لن يمد لنا يمد العون إذا لم نجد بديلا قادرا على إدارة البلاد، هناك معارضون بغاية السوء، ومجلس اسطنبول هزيل وضعيف ولا يمثل إلا نفسه، لقد حان الوقت لإنشاء مجلس جديد أو حكومة برئاستك أنت»، متوجها بالكلام إلى العمادي، مشيرا بالقول: أن الأسلحة التي بحوزتهم لا تكفي «فنحن بحاجة إلى مضادات للدروع ومضادات للطائرات وقواذف ار بي جي وأنواع أخرى من الأسلحة الثقيلة. المعركة ستكون أقسى عما قريب لأن خطة (المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا) كوفي انان لن تنجح، وهي فاشلة".
تركيا متشددة لذا نحن مضرون للتعامل مع إسرائيل
وتتابع الصحيفة تحقيقها من داخل الأراضي التركية بالقول: في الصباح المتأخر اصطحبنا المسؤول اللوجستي المعارض ورفيقه العراقي إلى شريط القرى المتاخمة للحدود التركية مباشرة، ويشرح العراقي خريطة القرى التركية، ويقول إن هناك قرى ومناطق في تركيا موالية للنظام في سوريا وتعمل على مساعدته بكل الأساليب، ودليل ذلك اعتقال حسين هرموش الذي تم بمساعدتهم.
وتمر السيارة بمحاذاة مخيمات النزوح المقفلة أمام الصحافيين والزوار، والتي يحرسها الجيش التركي، وأكثر المخيمات المفروض عليها حراسة مشددة هو مخيم من يقال أنهم ضباط وجنود فارين، ويقع على سهل في العمق التركي وليس مباشرة على الحدود.
ندخل إلى قرية نشرين التركية التي تبعد بضعة كيلومترات عن قرية خربة الجوز السورية، وندخل منزل حجري بالقرب من الطريق الرئيس المطل على الجانب السوري، نلتقي فيه بالمدعو «أبو بدر" متطوع جزائري - فرنسي، ترك عائلته في مدينة مرسيليا الفرنسية ووصل إلى الحدود السورية - التركية قبل شهرين، وهو مؤمن أن ما يقوم به جهاد إكراما «لله وللدين" حسب قوله، متابعا: كان حلمي أن أنضم إلى "المجاهدين" الليبيين، ولكن لم أتمكن من ذلك، عوضتها في سوريا. ومثل حاله من الأجانب كثر حسب الصحيفة.
في أحد غرف المنزل يجلس عناصر مسلحة تنتشر على طول الحدود مع سوريا منذ أكثر من شهرين. وعدد عناصر كل مجموعة يصل إلى نحو ٢٥، يقضون وقتهم في التدريبات العسكرية ومتابعة الأحداث، مهمتهم لم تأت بعد، وذلك حسب "محمد" المسؤول عنهم.
ويشتكي «محمد» بدوره من نقص العداد العسكري، قائلا «لدينا مقاتلون كثر ولكن ينقصنا السلاح، السلطات التركية متشددة كثيرا، والأمن التركي يقوم بمداهمة المنازل والأماكن التي نحن فيها باستمرار بحثا عن السلاح لمصادرته. كما أن الجيش التركي اعتقل ضباطا وعناصر أثناء محاولتهم تهريب سلاح أو عتاد إلى الداخل السوري، من الصعب علينا أن نفهم الموقف التركي، فهم متشددون ضدنا على الأرض ولكن تصريحاتهم السياسية تطالب بإسقاط النظام".
وتتابع الصحيفة تحقيقها الذي تكشف فيه أنi حتى العمادي، الذي كان على علاقة يومية ووطيدة مع الاستخبارات التركية، لاحظ التغـير والتشدد التركي تجاه المعارضة السورية. وتؤكد الصحيفة حسب من التقتهم أو تحدثت معهم أن المجموعات «النائمة» لا تقوم في الوقت الحالي بأعمال عسكرية، ولكن هناك معارضين مسلحين يرفضون إيقاف القتال، وذلك من خلال لقائها مع المطلوبين عبد السلام دلول والبطريق، وذلك في منزل حجري يقع في واد ممتلئ بشجر اللوز الذي يفصل القريتين السورية والتركية بعضهما عن بعض، فعبد السلام دلول (٤١ عاما) ومحمد أحمد عبد الوهاب الملقب «بالبطريق"، وهو معروف بين سكان قرى الشريط الحدودي، حيث ظهر أكثر من مرة على قناة «الجزيرة"، ويعمل منذ فترة في تهريب كل ما يمكن تهريبه إلى الداخل السوري، أما عبد السلام فهو من أكثر المطلوبين السوريين على الحدود، ويقود مجموعات تقوم بحرب عصابات ضد الجيش السوري.
يصف عبد السلام نفسه بأنه مقاتل مستقل، له مجموعاته وينسق مع ما يسمى «الجيش الحر»، لا يتقيد بتعليمات أو أوامر مجلس اسطنبول الذي لا يمثله، كما يقول. كما أن وقف إطلاق النار أو أي هدنة تتفق المعارضة مع النظام عليها لا يتقيد هو بها. ويروي أنه «قبل أيام قليلة، أي بعد اتفاقية كوفي أنان قمت وستة عناصر آخرين بمهاجمة مواقع للجيش السوري في الداموس قرب قرية خربة الجوز وقتلنا ٤٥ ضابطا وعنصرا. كل عملياتنا العسكرية ننفذها بأسلحة خفيفة. نحن ننتظر تزويدنا بأسلحة صاروخية وثقيلة للسيطرة على كل الشريط الحدودي، عندنا ما يكفي من المقاتلـين ولكن ينقصنا السلاح".
وكغيره من المنتشرين على طول الحدود يشتكي عبد السلام من الموقف التركي المتشدد، ويضيف، بصوت مرتفع، «نحن مسـتعدون للـتعاون مع أي جهة كانت، حتى لو كانت تلك الجهة هي إسرائيل، للحصول على السلاح وإسقاط النظام في سوريا".
السفير
syriadailynews
2012-05-12 11:48:05