كان من الممكن أن تلعب المصارف العامة دوراً مهماً في الاقتصاد المحلي تنمية ودفعاً للأمام لو أن عملية تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة وحتى متناهية الصغر سارت كما يجب بدلاً من الحال القائم راهناً تبعاً لجملة من العوامل التي

تعتبر صغائر أمام الفائدة المجنية من هذه التمويلات بالنسبة للمصارف ثانياً وللاقتصاد الوطني وراغبي العمل في هذه المشروعات أولاً.‏

 

النشاط التمويلي واستئنافه كان الهاجس الأكبر للمصارف العامة خلال الفترة القصيرة الماضية لما لهذا الأمر من أهمية في تأمين قنوات تسليفية قليلة المخاطر إن لم تكن معدومة بعد أن تضيقت مجالات توظيفاتها لتقارب الصفر في بعضها، فبعد أن عملت المصارف العامة بشكل جدي لتحسين سيولتها ورفع معدلاتها أصبحت في موقع الجاهزية لاستئناف النشاط التمويلي كضرورة ملحة لدعم الإنتاج وخاصة الشقين الزراعي والصناعي منه لما له من تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني بالتوازي مع ما يحققه من أرباح تؤدي - بالتالي- إلى زيادة خطط المصارف العامة استثمارياً ناهيك عن رفد خزينة الدولة بجزء كبير من هذه الأرباح لتعود المصارف العامة إلى لعب دورها المعتاد وتنميته مجدداً.‏

 

كما عمدت المصارف العامة في هذا السياق إلى دراسة الأسباب التي أعاقت تنفيذ قرار مجلس النقد والتسليف (رقم 1241) المتعلق باستئناف القروض التشغيلية للمشاريع المتوسطة والصغيرة ورفعت المقترحات اللازمة في هذا الشأن إلى الجهات الوصائية، وتؤكد المصارف العامة أنها ستتابع العمل مع الجهات الوصائية للوصول إلى مرحلة تنفيذ مقترحاتها التي تراها ضرورة وذات حيثية في تحقيق أهداف الحكومة بالنسبة لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة، في حين اقترحت المصارف العامة استئناف النشاط التمويلي عموماً ضمن أسس محددة وواضحة من حيث القطاعات المستهدفة وآلية التمويل وسقوف القروض الممنوحة وضماناتها وذلك بعد أن وافقت وزارة المالية على اقتراح المصارف العامة بإعداد دراسة بهذا الخصوص، كما تتابع المصارف العامة العمل وبالتنسيق مع وزارة المالية للوصول إلى تطبيق مقترحاتها نظراً للقناعة المتجذرة لدى المصارف بضرورة استئناف النشاط التمويلي لما له من فوائد متعددة اقتصادياً وحتى اجتماعياً، بالتوازي مع متابعة العمل على تفعيل مؤسسة ضمان مخاطر القروض المحدثة (بموجب القانون رقم 12 لعام 2016) لما لها من دور مهم مساعد وداعم لعملية التمويل.‏

 

جزء مهم من العمل الذي تتولاه المصارف العامة يقوم على العنصر البشري المؤهل والخبير وكذلك المدرب ولكن وبعد سنوات تقارب الست من الأزمة تبدو المصارف غير مرتاحة لأوضاع كوادرها تبعاً لما تسرب منها خلال سنوات خلت، وفي هذا السياق تشير المصارف العامة إلى تعرضها لتسرب كبير في الكوادر البشرية نتيجة الأوضاع الراهنة ولا سيما ذروة الأزمة التي وقعت بين منتصف العام 2012 ومنتصف العام التالي له 2013، وللخروج من هذا الواقع فقد عملت المصارف العامة على خطة من محاور ثلاثة.‏

 

أول هذه المحاور يتمثل بتدريب وتأهيل الكوادر الموجودة حالياً لديها وضمن الإمكانيات المتاحة من خلال وضع خطط للتدريب الداخلي مع تكليف المديرين المركزيين في المصارف نفسها وبعض أصحاب الخبرات من الفئات الأخرى لتأهيل العاملين سواء بالنسبة للبرامج المعلوماتية المعتمدة والمتطورة أم العمليات الأساسية للمصارف، مع الاعتماد أيضاً وعند الضرورة وعدم توفر الخبرة القادرة على التدريب على مركز التدريب والتأهيل التابع لمصرف سورية المركزي وذلك بالتنسيق مع المركز مع بداية كل عام من خلال اقتراح الدورات الضرورية ليدرجها كل مصرف في خطة عمله القادمة.‏

أما ثاني هذه المحاور فيقوم على العمل على ملء الشواغر الموجودة لدى المصارف سواء من خلال نقل ما يمكن نقله من العاملين لدى المؤسسات الأخرى في القطاع العام من الاختصاصات المطلوبة لدى المصارف إضافة إلى إجراء مسابقة لتعيين موظفين لدى المصارف العامة ولكل الفئات، وقد حصلت المصارف - في هذا الإطار- على موافقة لإجراء مسابقة مشتركة حيث تعمل حالياً على إنجاز المسابقة والتي دخلت الآن في طور إعداد الاختبارات بالتنسيق مع جامعة دمشق، وفيما يتعلق بالمحور الثالث فيتلخص بمتابعة العمل مع الجهات الوصائية على تأمين فرز مهندسين من اختصاص المعلوماتية لمصلحة الإدارات العامة للمصارف وفروعها في محافظة دمشق بالنظر إلى أن المعلوماتية تشكّل العصب الحيوي والرئيسي لعمل المصارف العامة.‏

سيريا ديلي نيوز


التعليقات