انجلت سحب الدخان من سماء دمشق، وزال الغبار من المباني والشوارع لتتسارع الخطى بوتيرة عالية فبليلة واحدة فقط سقط القناع عن الدولار ليتبين أن هذا المارد ماهو إلا بعبع..

ومع انجلاء حقبة قديمة من مجلس الشعب بقدوم مجلس جديد باستفتاء شعبي يرافقه حكومة جديدة تنهض من حياتنا المأساوية التي نعيشها كل ليلة، تبدأ نشوة النصر ليبلغ صداها أرجاء الكون، فيترجمها عواء أردوغان المنكسر على بوابات حلب، وتترجمها مخططات فشلت لطالما دأبت الرياض على رسمها وإغداق الأموال الطائلة لتحقيقها.

حتى زحف ولي العهد السعودي لتقبيل أقدام الأمريكيين، لم يعبر عن عظمة تلك المتغيرات.

ما كشفته كواليس الإرهاب أن سورية ولاّدة بكل شيء، وأن قدرات السوريين قيادة وشعبا كانت متلاحمة في التصدي لتلك الجرائم والمخططات الإرهابية وتدميرها وجعل الأعداء يتخبطون في أوحال الهزائم .

فما السر الكامن وراء قوة سورية ؟
ومن أين يستمد اقتصادنا هذه القدرة على مواجهة أعتى حرب كونية عليه؟ يمتاز اقتصادنا باعتماده اعتمادا كليا على طاقات أبناءنا وثروات بلادنا ورغم وجود أزمة حقيقية على أراضينا، نرى إلى الآن أن كل مايحتاج إليه المواطن متوفر.. وإلى الآن نستطيع تأمين متطلباتنا رغم كل العقوبات والحصار الاقتصادي.

ومع ظهور مشكلات اقتصادية خانقة في أسواقنا في فترة الأخيرة، كأزمة الدولار و مايرافقه من تبعات، ومن الهجمة الإرهابية الشرسة على حلب تبقى الدولة حاضرة تثبت أنها موجودة وإلى صف المواطن تستمر بتأمين كافة احتياجاته من طبابة وسلع وتعليم وغيرها...
وإلى الآن وبعد مضي ستة أعوام مايزال الموظف السوري يقبض مرتبه وهذا بحد ذاته إنجاز.

إن ضرب العديد من المراكز الحيوية الاستراتيجية في اقتصادنا سبب ارتفاع الأسعار، فحسب ميزان العرض والطلب أي خلل في هذا الميزان سيؤثر على تابعهما وهو السعر فأغلب المعامل المؤثرة في اقتصاد البلد ضربت إرهابيا وجشع تجار الأزمات للحصول على أرباح إضافية، ولو كان على حساب الوطن، دفعهم إلى احتكار السلع.

فتتأثر قيمة العرض المتوفر بالنقصان، وأما الطلب فثابت لفترة.

لكن بدأت تصيبه حُمَّى الارتفاع نتيجة خوف الناس من افتقاد السلع، و هذا سيسبب ارتفاعات متوالية في الأسعار لعدم القدرة على إشباع الطلب المتنامي.

والمواطن أصبح مستعد للحصول على السلعة بأي ثمن، وغدا طرفا أساسيا بالارتفاع.. فلو طبق مفهوم المقاطعة والتحول لسلع بديلة فبالتأكيد لن يحصل هكذا ارتفاع.

ناهيك عن الممارسات الإرهابية في ضرب قلب المدن السورية وتقطيع أوصالها وهذا يؤثر على عملية الشحن بين المحافظات ومايترتب على ذلك من مخاطر على البضائع المشحونة بدوره سيؤثر على ارتفاع الأسعار، لأن كثير من الموردين عزفوا عن التوريد خوفا من سرقة بضائعهم وأجور الشحن تضاعفت بشكل كبير نتيجة صعوبة الحصول على وقود النقل "المازوت".

كذلك الأوضاع الأمنية السيئة في كثير من المناطق لأن التنقل أصبح مخاطرة كبيرة، هذا سيضاعف أجور الشحن بشكل كبير، وسيتوزع على تكلفة المواد ولاعلاقة له بسعر الدولار بل هذا واقع ملموس يخلق نفقات إضافية تنعكس على الأسعار.

ولكن رغم كل ماحصل شهدت أسواقنا انخفاضات حقيقية للأسعار تراوحت بين 20%--25%على الرغم من وجود عقوبات جوهرية على اقتصادنا، ولكي نحصل على انخفاضات حقيقية علينا دعم انتاجنا الوطني وحمايته و حماية المعامل من الإرهابيين وتأمين ممرات آمنه لوصول البضائع بين المحافظات وهذا موقف تاريخي بين المواطن والدولة.

فعلى الدولة أن تهتم بالقطاع العام أكثر وتوكله تحت إشرافها مهمة القيام باستيراد السلع الأساسية مع إضافة هامش ربح بسيط أو أن تقيم في كل محافظه ولو فرع انتاجي يلبي حاجة كل محافظة في أوقات الأزمات. والأنجع أن تحتكر الدولة للسلع الأساسية والإستراتيجية وتقوم بتأمينها للمواطن عندها ستضبط الأسعار بنسبة كبيرة وتمنع تجار الأزمات من استغلال المواطن والتلاعب بمصير دولة اقتصاديا.

كما تجاوزنا أزمات اقتصادية خانقة في الماضي فإننا سنتجاوزها اليوم ونؤسس لمستقبل جديد يكون فيه منتجنا الوطني هو عنواننا مدعوما بثقافات جديدة كالاقتصاد بالنفقات والابتعاد عن التبذير وهدر المال العام وصيانة المؤسسات الحكومية لأنها الضامن الوحيد لتحقيق العدالة وتحقيق نهضة المواطن والبلد معا ورغم وجود فاسدين يطفون في الأزمات على السطح إلا إن هنالك درر مخبأة ستعيد لسورية ألقها وقوتها وأمنها الاقتصادي مهما طال الزمن.

سيريا ديلي نيوز - سامر البشلاوي


التعليقات