سيريا ديلي نيوز- د.نهلة عيسى
رغم أن حلّ الألغاز وتحليل الإشارات ليسا من هواياتي، إلا أنه اليوم لديّ رغبة خفيّة بقراءة خطوط يد الوطن الممحيّة، نتاج عوامل التعرية غير الطبيعية، وصعوبة التهجئة وعسر القراءة وقصر النظر بفعل السهر والأرق على عمر يضيع، ووطن كان سيّد الأبجدية.
لديّ رغبة، لأن طالع الوطن يشير، إلى أن داعش ومنابعها وروافدها ورعاتها والمدّعين حربها وخصومها، والمقتتلين معها على تقاسم رعبنا ودمنا ورقابنا، باقون إلى أمد ليس قريباً، وأن المجتمعين المتعارضين حولنا، لن ينقصهم سيجار ولا كافيار، فقط ينقصهم شعبٌ يمثلونه، ووطن ينتمون بحق إليه، وهدف (غير تقسيم الوطن) يتفقون عليه، وبندقية واحدة يمكنهم إسكاتها!.
وهذا يعني، أن الهدنة وهم، وأن الحرب طويلة، وأن السيناريوهات لن تتوقّف لأن الحالمين بالنجومية على حساب دمائنا كثر، والراغبين في تحويلنا إلى كومبارس في وطننا، أيضاً كثر، وأن الحل في شقّين لا ثالث لهما، الأوّل خوض المعركة حتى النهاية، لأن التراجع لا يعني السلامة، بل هو أكبر أفعال الندامة، لأنه العامل الأخطر في تمزيق الوطن. والثاني خوض معركتنا في الداخل على تجار بيع الوطن تحت لافتة الحب واللهفة والمسؤولية، لأن هؤلاء هم العدو الأكبر، لأن ساحة خرابهم أوردة الوطن، وقوت وصبر الناس على الموت وهو حق، لكن الجوع كافر!.
لديّ رغبة، لأن في تعاريج الكف رموزاً تدلّ، على أن القادم من الأيام في جيناته الوراثية، هو الابن الشرعي للأيام الفاجرة المنصرمة، حيث الحصار حصاران، حصار العدو وحصار الصديق، وأن ليله بهيم وحبل غيّه طويل، حتى تقوم ساعته في حضن أمل ما زال يقاوم سكرات الموت، بالإصرار على أن سبعَ يوسف العجاف، قاربْنَ على الانتهاء.
لديّ رغبة، لأن خطوط الأصابع، تتشابك على وهن، وترسم مسارين واحتمالين، وربما واحد منهما يقود إلى الآخر، الأول: إشارة نصر، والثاني: ربما عامان، تراه نصراً يأتي بعد عامين؟. أخاف أن أفقد حظوتي ومكانتي بين مصافّ المنجّمين الواعدين، لو قلت لا أعرف، فما الحل، وأمامنا بحر وخلفنا عدو، ولا مفر، كما قال طارق بن زياد يوماً لجنده؟.
الحل؟ أظنني أعرف الحل، فأنا قارئة مخضرمة لحروف قلوب حماة الوطن الذين كلما قابلتهم، يعدون بالثأر لدماء رفاقهم، ويبشرونني بهزيمة خصوم الوطن، وهم كما عهدتهم أصدقنا وأنقانا وأطهرنا، وهم يقيننا، في غياب كل يقين، وهم مبرر صمودنا في معركتنا التي تلوح نذرها، معركة الأمعاء الخاوية!.
لديّ رغبة في قراءة كل ملامح الوطن، ولكني أخاف أن أخطئ، لأني لا أجيد التجديف في الضباب، ولكني أعرف، أنني مستعدّة ليس فقط لادعاء معرفة غيبٍ، لا يعرفه سوى صاحب الغيب وسيده، بل أيضاً لتحدّي أيوب في صبره، ما دام ذلك سينتهي بي يوماً أنا والوطن، ولو بالتقسيط على عامين أو أكثر، في بداية طريق العمر الجميل المنتظر، حيث يمكن حينها، لي ولحرّاس الوطن، أن نغفو آمنين في حضن الوطن.
سيريا ديلي نيوز
2016-05-15 19:07:46