لم يعد قدوم أول الشهر بشرى سارة للموظفين المعتمدين في قبض رواتبهم على خدمة الصراف الآلي العقاري , فهم على موعد إما مع بداية رحلة شاقة من البحث عن صراف لا يعنون على جبينها إلا العبارة المشؤومة «خارج الخدمة حاليا» أو عليهم التقاط نفس طويل يساعدهم في رحلة البحث المستمرة.
«تشرين» جالت على عدد من الصرافات الآلية ونقلت هموم المواطن مع هذه الخدمة التي وضعت أساسا لإراحته من عبء آلية المعتمد المالي المعمول بها سابقا, لكن يبدو أن القائمين على آلية عمل الصرافات الآلية ومتخذي قرارها أرادوا تكحيل عيون الموظفين برؤية سريعة وعصرية للراتب فأعموها بطول الانتظار وعناء البحث وغيرها من هموم تثقل كاهل الموظف.
نقمة علينا
فراس سليمان موظف قال بدل أن تكون خدمة الصراف الآلي نعمة لنا أصبحت نقمة علينا وذلك بسبب الأعطال المتكررة وإفلاس الصراف من النقود, وهذا ما أكدته تيما مسعود التي تضيف على الأسباب السابقة وجود صرافات دون تفعيل بشكل مستمر ومنها هيكل الصراف الموجود تحت جسر الرئيس, بينما أكد غدير علي أنه يضطر إلى تأجيل قبض راتبه إلى منتصف الشهر أحياناً ليقع في مطب العطل الرسمية المفاجئة التي تعطل معها الصرافات في حين اشتكت شيرين محمود «موظفة» من عدم تفعيل الصراف الموجود في ريف دمشق وعند الرجوع للمسؤولين يتذرعون بالأسباب الأمنية، وهناك صعوبة في تغذية الصراف.
سبب الازدحام
المهندس مجد سلوم مدير المعلوماتية في المصرف العقاري عزا أسباب الازدحام الشديد على الصرافات إلى إعادة التوزع الديمغوغرافي للسكان في سورية نتيجة الأوضاع الراهنة والهجرة الداخلية وازدياد الضغط السكاني في العاصمة دون غيرها، موضحاً أن آلية تموضع الصرافات قائمة على حجم الكثافة السكانية في كل منطقة إلا أن التبدل الحاصل غيّر المعادلة على الأرض مادفع الكثير من سكان الأرياف للتوجه إلى العاصمة، حيث توجد الصرافات وعلى الرغم من ذلك أعاد المصرف العقاري آلية توزيع صرافاته وانتشارها من جهة واستطاع معالجة حتى موضوع انقطاع التيار الكهربائي بتزويد بعض الصرافات بخدمة التيار الكهربائي المدعومة بالمولدات الكهربائية في العاصمة لكنّ هذا الأمر زاد أيضاً من استقطاب المزيد إلى تلك الصرافات دون غيرها وبالتالي الازدحام، مضيفا أن المصرف العقاري قدم الكثير من الحلول البديلة لتخفيف الضغط ومنها تعديل رواتب المتقاعدين العسكريين إلى الخامس عشر من كل شهر ورواتب المتقاعدين المدنيين إلى العشرين من كل شهر وتأخير رواتب المحافظة إلى الثالث من كل شهر إضافة إلى إرسال توجيهات إلى الجهات الرسمية بموافاتها بجداول العاملين فيها بدءاً من السابع والعشرين من كل شهر.
ليست خدمة بسيطة
أما عن التأخير أحياناً في تأدية الخدمة فأوضح سلوم أن خدمة الصراف ليست خدمة بسيطة بل مركبة ومرتبطة بأكثر من جهة وقطاع يشارك العقاري في تأديتها ومنها مثلاً الاتصالات والكهرباء والتأمينات الاجتماعية، وكل ذلك يوجب علينا الالتزام بضوابط تضعها تلك الجهات ولا نستطيع الخروج عنها علماً بأن أي تأخير في عمل أي منها يؤثر في خدمة الصراف.
لسنا معتمداً مالياً
أضاف سلوم إلى أسباب التأخير سبباً آخر يتمثل في تأخر بعض المؤسسات الحكومية في إرسال إشعاراتها لتحويل رواتب موظفيها وبالتالي يلقي المواطن غير العارف لتفاصيل هذا الأمر كامل المسؤولية في الأخير على عاتق المصرف فهو لا يعلم أن المصرف مؤسسة مالية وليس معتمداً مالياً وهو غير ملزم قانونياً بموعد محدد لصرف الرواتب وهذا الأمر يجهله كثيرون, في حين نفى سلوم توقف الصرافات الآلية في أيام العطل الرسمية. وقال: إن المصرف حتى في فرعه المركزي الذي يحوي العديد من الصرافات يستمر بتقديم خدماته يوم السبت وفي العطل الرسمية على الرغم من أنه غير ملزم قانونياً وفي الأصل ممنوع قانونياً نقل الأموال يوم السبت لكنه يتحمل مسؤولية ذلك لتقديم أفضل خدمة للمواطن.
6,5 مليارات ليرة تصرف شهرياً
أما عن عدم تفعيل بعض الصرافات في الأرياف فرد سلوم أن للمصرف العقاري صرافات منتشرة في كل تجمع بشري وفي الأرياف لكن الكثير منها لا نستطيع الوصول إليه نتيجة الأوضاع السائدة و على الرغم من ذلك يصرف 6.5 مليارات ليرة سورية شهرياً للرواتب. وعن الصراف الموجود تحت جسر الرئيس وعد سلوم بمعالجته قريباً، موضحاً سبب خروجه نتيجة الإساءة المتكررة من قبل بعض المواطنين، علما بأنه تم إصلاحه أكثر من مرة لكن عبثاً، منوها بأن العقوبات المفروضة على سورية تمنع وصول قطع الغيار الخاصة بالصرافات وتعد من المعوقات التي تعرقل نوعاً ما تحسين مستوى الخدمة.
عيوب واقتراحات
من جانبه رأى المحلل الاقتصادي محمد الكوسا أن هناك عيوباً تعتري آلية عمل المصرف العقاري وتتمثل بالتقصير في إيجاد حلول بديلة على أرض الواقع لمعالجة مشكلة توزع الصرافات جغرافيا بما يتناسب مع الظروف الراهنة, منتقداً ارتفاع اسعار الحسومات التي يقطعها المصرف على المواطن مقابل خدماته الإضافية من تسديد فواتير وتحويل وحدات واستعلام عن الرصيد ناهيك بوجود عشرات الصرافات في منطقة واحدة والتي تنتهي خدمتها مع انتهاء الدوام الرسمي في أغلب الأحيان, واللافت أكثر وجود صرافين متجاورين، أحدهما يعمل والآخر معطل وهذا دليل واضح على ضعف في آلية المتابعة لتحسين الخدمة المقدمة، منوها بأن الإجراءات التي اتخذها المصرف في صرف الرواتب على مراحل من الشهر تجنبا للازدحام جاءت بناء على طلب واقتراح المؤسسة العامة للتأمين و ليس المصرف من بادر بها، ورأى الكوسا أن مبادرة كل المصارف في سورية بما فيها المصارف الخاصة للعمل بشكل موحد تحت شبكة وطنية واحدة بحيث يقبل كل مصرف بطاقة الآخر والعمل على زيادة عدد المصارف لتواكب نوعاً ما عدد المستفيدين من خدمتها, تعد حلاً منطقياً مقبولاً يخفف من الضغط الهائل على الصرافات.
لمن يهمه الأمر
للأمانة ردود المصرف العقاري على شكاوى المواطنين منطقية وواضحة لكن لا ضير من اقتراح قد يساهم في تخفيف العبء على المصرف العقاري واراحة المواطن في آن واحد فما بالك وحسب مصادر في الصرف العقاري أن هناك 600ألف بطاقة مصرفية عقارية مقابل 191 صرافاً عقارياً فعالاً في سورية و 110 صرافات منها في دمشق في حين كان عدد الصرافات في سورية قبل الأزمة 300 صراف عقاري لتكون نسبة أضرار الصرافات المتضررة من الإرهاب ما يقارب 30% إضافة إلى أن 60 % من توطين الرواتب في سورية يقع على عاتق المصرف العقاري وكل ذلك أرقام تستحق الوقوف عندها والعمل على خلق حالة من التوازن في عمل الصرافات ما ينعكس إيجابا على
خدمة المواطن.
سيرياديلي نيوز
2015-11-10 12:26:34