تلعب المصارف دوراً مهماً في رفد الخزينة العامة للدولة بالموارد المالية والخزينة سوف تخسر أحد أهم منابعها إذا أصاب هذا القطاع الشلل أو توقفت الدورة الاقتصادية التي يشكلها من خلال عملية الإقراض لمجموع المتعاملين، والخزينة بدورها لن تحقق دخلاً يسهم في عملية النمو الاقتصادي، وهي حين تكون غنية بالموارد المالية فالحكومة تصرف على كل شيء، وإلا فالنقص سوف تؤول إليه المشروعات بكل أشكالها وهو ما توقف حتى الحديث عنه بعد كل هذه المدة الزمنية من عمر الأزمة والحرب الشرسة التي تشن على سورية ، ولأن بعض المصارف توقفت عن منح القروض منذ سنوات عدة بحجة إعادة تقويم للأداء وبقرار من مجلس النقد، وبعضها الآخر يقوم بالإقراض في الحدود الدنيا لعدم توفر السيولة كما يقولون، عدا عن المصارف الخاصة التي توقفت عن الإقراض بشكل تام ولأسباب غير مبررة،باستثناء عدد قليل من العمليات المصرفية التي توفر لعدد محدود من الزبائن خدمات ساهمت التشريعات القانونية في تكريسها كخدمة تجيير سندات مجموعة من التجار لمصلحتها، فإن دورة الأعمال تكاد تكون متوقفة لأسباب تتعلق باستنفاد أصحاب الدخل المحدود لمدخراتهم، ولعدم وجود أعمال تعوضهم عما فقدوه في ظل أزمة طال أمدها ، ولتركز السيولة النقدية في أيد قليلة من أفراد المجتمع تتمثل في طبقة التجار والصناعيين .
تقديم الخدمات كافة
عصام نحاس مدير المصرف العقاري في حمص قال :إن المصرف العقاري كان سباقا في تحديث نظام عمله وهو الأسرع في عمليتي الإيداع والسحب اللتين لا تستغرقان سوى دقائق معدودة ،و لدينا منظومة عمل متطورة نسبيا وفرع حمص بوضعه الحالي يقدم كامل الخدمات المصرفية للمواطن بدءا من عمليات السحب والإيداع بمختلف أنواعها إضافة لقبول كفالات التجنيد ورسوم التعليم الموازي ورواتب المتقاعدين ومنح القروض المسموح بها في الفترة الحالية وتسديد أقساط القروض إضافة إلى جدولة القروض .
وعن الحركة المستندية في المصرف قال :إنها تنفذ الكترونيا مع الاحتفاظ بنسخة ورقية وتحدث عن تنفيذ أعمال إضافية كدفع الفواتير الكترونيا عن طريق الانترنيت الخاص بالعقارات وأضاف لولا ظروف الأزمة لأصبحنا اليوم بمصاف البنوك العالمية التي تقدم الخدمات كافة ،والعقاري هو أول بنك أطلق الصرافات الآلية ،وأي مواطن له حساب يستطيع سحب المبلغ الذي يريده إذا كان له رصيد في المصرف .
وعن دور المصارف العامة خلال الأزمة قال نحاس :إن دورها كان إيجابيا ولا نستطيع أن نغفل الدور الذي قام به المصرف العقاري في مجال بناء العقارات قبل الأزمة .
نوه نحاس إلى أن المصرف العقاري أسس ثلاثة مكاتب خدمة لزبائنه ضمن صالات خدمة المواطن في أحياء عكرمة والعدوية والأرمن ويسعى إلى زيادة العدد ،وفي هذه المكاتب يستطيع الزبون أن يقوم بعمليات السحب والإيداع إلى مبلغ /500/ألف ليرة سورية .
تسوية أوضاع المتعثرين
منذر دردر مدير المصرف الصناعي في حمص قال :توقف الإقراض في الشهر الخامس من عام 2011 بقرار من مجلس النقد وحتى تاريخه لا يوجد قروض صناعية باستثناء إعطاء كفالات مصرفية موجهة للقطاع العام لمتعاملين مع المصرف ،وأضاف :لدينا مكتب في حسياء هو المكتب الوحيد مصرفيا وضمن المبنى الحكومي هناك مهمته دفع أقساط متعاملين وحسابات للقطاع العام من كهرباء وماء ،وإن مجموع ما تم ترحيله في عام 2014 من هناك بلغ مليارا و400 مليون ليرة سورية .
وعن عمل المصرف في ظل الأزمة قال دردر :تم إغلاق مقر الفرع في جورة الشياح في 29/1/2012 وبعدها أكملنا عملنا في فرع طرطوس وبالتزامن مع فتح مقر جديد الذي باشرنا عملنا فيه في في أيلول 2013 م هنا في مدينة حمص يقوم المصرف حاليا بتقديم الخدمات المسموح بتقديمها كافة من إصدار كفالات وإجراء حوالات ضمن وخارج المحافظة وفتح ودائع وحسابات مختلفة (توفير وجاري) ،وتمت تسوية نصف مديونية المصرف حسب المراسيم الصادرة بتسوية أوضاع المتعاملين المتعثرين مع المصرف .
أضاف دردر :إن حجم الديون التي تمت تسويتها حوالي المليار ليرة سورية وفرع حمص كان الأول على مستوى المحافظات في تسوية الديون على الرغم من الظروف الصعبة التي عاشتها المحافظة وحتى اليوم تمت الموافقات اللازمة أصولا لافتتاح مكتب في منطقة شين الذي سيقوم بتقديم الخدمات التي يتم تقديمها في الفرع ،وحاليا دخل المصرف في مجال الصرافات الآلية وأول صراف تم تركيبه في المبنى الحكومي في حسياء وصراف ثاني سوف يتم تركيبه في صالة الخدمة في المحافظة .
الأزمة شماعة التأجيل
كان يفترض بالمصارف الخاصة القيام بدورها في دورة الحياة الاقتصادية من خلال الموائمة بين استقطاب وفورات القطاع الأهلي المجمدة والتي صبّ معظمها خلال الأزمة عندها على شكل قطع أجنبي ،وبين دفع تلك الوفورات في سوق قطاع الأعمال الذي يحرك عجلة التنمية عادة ،ولكن الأزمة كانت شماعة التأجيل إلى أن تبدأ عجلة الحياة بالدوران من جديد ،ومن التقيناهم من القائمين على إدارة تلك المصارف كانوا متحفظين عن التصريح لأسباب تتعلق بالأزمة الحالية التي تمر بها سورية في هذه الحقبة الزمنية .
مصارف عربية
بلغ عدد المصارف العربية في عام 2008 نحو 400 مصرف، منها نحو 20 مصرفاً تزيد موجوداتها على 20 مليار دولار، ولذلك فهي مصارف صغيرة وتقليدية حيث تتسم بضعف الكفاءة وتدني الربحية، حيث يسيطر أول 100 مصرف منها على نحو 90 بالمئة من موجودات المصارف العربية، وهذا يعني أن المصارف العربية شديدة التركيز في بعض الدول النفطية ولبنان، وذلك يبدو واضحاً من خلال عدم تناسب المصارف والفروع المصرفية العربية مع الكثافة السكانية إضافة إلى تدني جودة وضآلة الخدمات والمنتجات المصرفية التي تقدمها المصارف العربية، حيث تقدم نحو 50 خدمة مصرفية معظمها تقليدية، بينما وصل عدد الخدمات المصرفية في المصارف المتقدمة والكبيرة العاملة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا واليابان نحو 500 خدمة مصرفية شاملة ومتطورة.
من ذاكرة الأرشيف
بلغ إجمالي أصول المصارف السورية في عام 2007 نحو 1500 مليار دولار كما بلغت ودائع العملاء في ذلك الحين نحو 800 مليار دولار، ولمعرفة ما تعرضت له المصارف السورية للخسارة نتيجة الأزمة فإن إجابة محددة لم نحصل عليها على الرغم من أن المصارف كافة أحصت خسارتها خلال الأزمة النقدية التي نهبت في عدد من المحافظات وغيرها من الخسائر التي تتعلق بالمقرات والتجهيزات .
يبقى هناك تساؤل ملح وهو أين وظفت المصارف السورية أموالها بالقطع الأجنبي، وهل لحقها خسارة أيضا خاصة تلك التي مولت شركات خاصة .
سيريا ديلي نيوز - العروبة
2015-11-08 17:46:59