الإضراب حق مشروع مادامت هناك مطالب جادّة، وتفاوت كبير في سلم الرواتب والأجور في أيّة بقعةٍ من العالم، ولذلك لا بد أن يعترض العامل ويطالب بحقوقه في كلِ زمانٍ ومكان.
فالعمال السوريون يواجهون صعوباتٍ جمَّة عند لجوئهم إلى دول الجوار هرباً من الأوضاع المأسويّة جراء الأزمة التي تعيشها سورية منذ أربع سنوات، ليجدوا أنفسهم أمام واقع لا مفرَّ منه، إما العودة إلى الوطن.. وإما الدخول في سوق عمل لا رحمة فيه.
يضاف إلى ذلك تضييق حكومات الدول المستقبلة للاجئين بقراراتها الكيديّة على السوريين وملاحقتهم للعمال السوريين في أماكن عملهم وسكناهم من الشرطة. أو استغلال أرباب العمل لظروفهم، إذ يجبرونهم على العمل لساعات طويلة، وأجور متدنيّة تتراوح ما بين 100 دولار و 300 دولار حسب طبيعة العمل، وهذا لا يكفي ثمن آجار المواصلات والغذاء، والغالبيّة العظمى من العمال السوريين يعاملون كعمال مياومين في ورشات البناء والمعامل وفي المطاعم والمحال التجارية والأعمال الزراعية.
وهم يستأجرون منازل أو محالٍ صغيرة يسكنون فيها بالعشرات، وهي أماكن لا تصلح للسكن أو تليق يكرامة إنسان، إضافة لوجود جيش من العمال السوريين العاطلين عن العمل، والذين يبحثون بشكل يومي عن أيّ عمل وبأيَّ أجرٍ كان. كما يتعرض العمال السوريين أيضاً لمضايقات من أرباب العمل إذ تأخذ معاملة معظمهم طابعاً تمييزيّاً.
إضرابات «مرسين» للنقل
يعاني العمال السوريين في تركيا من تدنيّ الأجور والتمييز العلنيّ بينهم وبين العمال الأتراك، وهم مهددون بشكل دائم بالفصل، وكثيراً ما يفصل رب العمل العمال بعد أن تنتهي حاجته لهم، ويبقي على الفئة العاملة من الأتراك، والسبب المباشر لهذا التعامل بحسب تصريحات بعض المسرحين، لعدم وجود من يدافع عن العمال السوريين في الخارج، لذلك هم معرضون لكل أشكال الاستغلال والضغوط النفسية، وقد واجه العمال السوريون هذا التعامل بالإضراب، إذ نظّم في نهاية شهر كانون الأول 2014 إضرابات عدّة مطالبة بزيادة الأجور والمساواة بين العمال السوريين والأتراك، وتحت الضغط المتواصل للعمال السوريين استجاب صاحب العمل لمطالبهم مضطراً، حيث وعدهم بزيادة الأجور للعمال السوريين بمعدل 5 إلى 10 ليرات تركية لكل عامل، بعد أن كان العامل التركي يحصل بشكل يوميّ على 51 ليرة تركية، والعامل السوري على 35 ليرة تركية فقط والإثنان يقومان بالعمل ذاته.
فيما أكد عمال آخرون أن العمال السوريين في تركيا يعملون في مجال النسيج وورشات الخياطة أيضاً لساعات طويلة تتراوح بين 11 و 13 ساعة عمل؛ وبأجور متدنية ومخزيّة، وفي القوانين التركية الحد الأدنى للرواتب لا يقل عن 1202 ليرة تركيّة أيّ ما يعادل 522 دولار بحسب التحديثات التي أصدرتها الحكومة التركية لعام 2015، وهذه الأجور هي بصيغ قانونيّة يتلقاها العمال الأتراك في الورشات، ويدفعون عليها الضرائب وهم مسجلون في الضمان الاجتماعيّ. بينما من النادر أن تجد عاملاً سورياً يعمل وفق عقد وراتب قانونيّ وضمان اجتماعي!!.
إضرابات «اسطنبول» للخياطة
أضرب عشرون عاملاً في منطقة «زيتون بورنا» في مدينة اسطنبول بتاريخ 10/2/ 2015 بسبب تأخر رواتبهم لمدة شهرين في إحدى الورشات الكبيرة للخياطة، تضم عمالاً سوريين وأتراك، ويتقاضى كما هي العادة في بقية المناطق والورش العمال الأتراك رواتبهم بانتظام، أما السوريون دائماً مصيرهم التأجيل المستمر لأيام وأسابيع لتصبح شهرين في الآونة الأخيرة، وكانت أجور العمال تبلغ 1200 ليرة تركية شهرياً، ونجح العمال المضربون في تحقيق أهدافهم، وتلقوا جميع الرواتب المتراكمة، بالإضافة لزيادة على الراتب مقدارها 100 ليرة تركيّة، وأصبحت أجرة العامل 1300 ليرة تركية.
فيما أكد عامل آخر في اتصال مع «قاسيون» أنها المرّة الأولى التي يشارك فيها في إضرابٍ عمالي بكل ما للإضراب من معنىً، مشيراً أن قوة الإضرابات العماليّة تظهر في سلميتها وفي مطالبها المشروعة والمحقّة.
إضراب العمال السوريين في لبنان
نفذ المئات من العمال السوريين في لبنان إضراباً شاملاً عن العمل لمدة ثلاثة أيام 12-15 كانون الثاني 2015 احتجاجاً على مظاهر التمييز التي تمارس ضد العمال السوريين. ورداً على هذه الحملة قام أصحاب العمل في بيروت بتهديد العمال السوريين بالفصل والتسريح التعسفيّ لكل عامل داعا للإضراب أو مشارك وداعم فيه.
وأجمع أصحاب العمل في حديث لـ«لبنان 24» على أنه « في حال أضرب العمال السوريون، نستطيع توظيف غيرهم خلال ساعات فقط»، وأضافوا: «عدد النازحين الذين يأتون بالعشرات يومياً سائلين عن عمل جديد، ناهيك عن وجودهم في تجمعات يومية في عدد من الساحات بانتظار أيّة فرصة عمل تسد رمقهم نهاية النهار.
سيرياديلي نيوز
2015-02-20 21:57:34