سيريا ديلي نيوز- فادي رجب- ألمانيا
مايسمى "الربيع العربي" أو "عصر الثورات العربية"، هكذا دأب العالم من سياسيين ومثقفين ووسائل إعلام ومعهم ملايين من قطيع الشعوب العربية على تسمية ما حدث ويحدث في العالم العربي منذ ما بقارب الخمس سنوات.
"ربيع" كان جهنماً أُصليَ بها ناراً على شعوب هذه المنطقة التي شهدت هذه الفوضى التي أسموها "ثورات"!!! ناراً أحرقت الشعوب وأحرقت معها ثرواتها، إقتصادها، آثارها وتاريخها، ودُمّرت معالمها ووصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من مآسٍ لا تُعَد ولا تحصى ..
فوضى أدت منذ بدايتها إلى غياب الأمن على تلك الشعوب من خلال شيطنة كل ما هو مرتبط بتلك الأنظمة (جيوش، شرطة، أمن، مؤسسات دولة، وغيرها)، فغاب الأمن في بعض تلك البلاد، وتراجع في بعضها كسورية ومصر والعراق وتونس، وانهار وتفكك في بعضها الآخر كاليمن وليبيا .. وباتت الفوضى والإجرام هي العنوان السائد في هذه البلاد. وتحولت بعض بلاد الثورات من حكم الديكتاتور الواحد (على حد تعبير البعض) إلى حكم ديكتاتوريات متمثلة بعصابات ومجرمين وإرهابيين، كما هو الحال اليوم في ليبيا على سبيل المثال ..
يبدو أن غياب القبضة الأمنية عن مجتمعاتنا العربية في عصر "الفلتان العربي" لم يؤدِ فقط إلى ظهور فئة كبيرة من الحثالات والوحوش البشرية التي دمرت وساهمت بتدمير البلاد، فتارةً من خلال تفريغ أحقادها الشخصية عن طريق التلفظ بألفاظ الطائفية المقيتة والسب والشتم لكل من يخالفها رأيها، وتارة أخرى من خلال حمل السلاح في وجه الدولة (جيشا وشعبا) وقتل الآخر من الشعب الذي لا يوافقها أفكارها المتخلفة وسلوكها الشيطاني، بل تعدى الأمر في أن غياب القبضة الأمنية أدى إلى ظهور تشريع العهر والدعارة على الملأ، فبات ظهور إحدى الداعرات العاهرات من (مجاهدات النكاح) في مقابلة على وسائل الإعلام أمراً طبيعياً وهي تتباهى وتصف بالتفصيل كيف أنها مارست الجنس (جهاد النكاح) مع مئة دابة بشرية خلال سبعة وعشرين يوماً، وكأنها حققت الانجاز والاعجاز العلمي في اكتشاف عقار لمرض السرطان مثلاً.
عندما قلنا منذ بداية الفلتان العربي أن هذه الشعوب لا يليق بها سوى أن تحكم والقبضة الأمنية على رؤوسها وألسنتها، كان ذلك لعلمنا بأن مطالبتها بالحرية ليس إلا شعار تم استحضاره من مراكز صنع القرار في CIA والموساد وأجهزة المخابرات العالمية وتسويقه في حظائر وزرائب القطيع العربي الذي هاج وهاش في الساحات باللعب على وتر الغرائز والطائفية من خلال بعض وسائل الحرب الاعلامية والمحطات الفضائية الممولة صهيونياً، شعار الحرية الذي استخدم كذريعة وخطوة على طريق تنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي يبدأ بتدمير بعض البلاد العربية والقضاء على جيوشها وسيادة (الفوضى الخلاقة) هذه البلاد وتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وتحويل كل قطر عربي إلى دويلات صغيرة مشتتة مفتتة تصل إلى ما يطلق عليه مصطلح (الدولة الفاشلة)، المصطلح الذي يستخدمه حلف النازيين الجدد (NATO) في التمهيد لاحتلال دولة ما في العالم بعد تدميرها اقتصاديا واجتماعيا وأمنياً ..
إن رأينا منذ البداية في أن هذه الشعوب لا يمكنها أن تحكم إلا من قبل دكتاتوريات "من نوع خاص"، ليس لأننا نعشق حكم الديكتاتوريات وليس لأننا ضد الحرية والديمقراطية، إنما لأن الواقع أثبت ومن خلال ما أسموه "ثورات عربية" أن ما كان موجوداً من حريات وسبُل حياة (كهرباء، ماء، وسائل اتصال،... الخ) وأعمال وسياحة واقتصاد وتجارة وأمن وأمان وحرية عبادة في عصر تلك الديكتاتوريات، صار معدوماً تماماً بعد سقوط بعض الأنظمة. فما أن رفعت القبضة الأمنية عن تلك الشعوب تحولت البلاد التي شهدت هذه الفوضى وهذا الاجرام منقطع النظير الذي أسموه عنوة (ثورات) إلى غابات تسود فيها شريعة الغاب، مستنقعات مليئة بالجراثيم والأوبئة والحثالات البشرية، ووحوش تقتل وتذبح وتقطع الرؤوس وتأكل القلوب البشرية وتدمر وتحرق وتفجر، وعاهرات وداعرات يمارسن الدعارة التي شرعها لهم أصحاب اللحى القذرة ممن يسمون أنفسهم شبوخ وعلماء دين فأسموها (جهاد نكاح).
رأينا هذا، كان لعلمنا أن فئة كبيرة من هذه الشعوب تفتقد لأدنى مقومات ممارسة الحرية والديمقراطية، جهلها بثقافة الحرية، فالحرية من وجهة نظرها تتجسد بأن تمارس كل المحرمات الدينية والاجتماعية، تمارس الدعارة والعهر على الملأ، والسب والشتم لرموز وشخصيات ولأفراد يخالفونها في الرأي والتوجه السياسي والفكري والانتماء الديني والمذهبي والطائفي إلى الحد الذي تشرع فيه قتله وذبحه وتقطيعه دون أن يحاسبها أحد، ودون أن يكون هناك أجهزة ومؤسسات في الدولة تحاسبها على ذلك وتضبط هذا الفلتان الأخلاقي والاجتماعي، لذلك عمدوا وعملوا منذ البداية على تدمير الدولة ومؤسساتها، فعلى سبيل المثال أول ما بدأوه في سورية من حرق كان حرق القصر العدلي في درعا ..
بعض الفطاحل الفيسبوكية "الثائرة" يرجع افتقاد ثقافة الحرية والديمقراطية إلى الأنظمة الديكتاتورية، كما جرت العادة في تعليق كل الأخطاء والنواقص والأمراض الاجتماعية والانتهاكات الإنسانية على شماعة الأنظمة الحاكمة، حتى أن السذاجة وصلت إلى حد القول أن التربية المنزلية والأخلاق وانعدامها يعود إلى تلك الأنظمة، وما يكذّب ادعاءاتهم وسذاجتهم وسخفهم هو وجود ملايين الأشخاص الذين يتمتعون بأخلاق عالية وتربية سليمة ودين متسامح يرفض القتل والاجرام والسب والشتم تحت أية ذريعة، وهم في ظل ذات الحكومات والأنظمة (الديكتاتورية) .. وفي النهاية أختم ... قبل أن نقوم بثورات على أنظمتنا الدكتاتورية القمعية بهذا الشكل الهمجي الاعتباطي غير محسوب العواقب الوخيمة والمأساوية علينا أن نقوم بثورات على نفوسنا الحاقدة وضمائرنا الميتة وعقولنا المتكلسة المتصدئة, علينا ان نقوم بثورات على تربية اطفالنا التي انتقلت في السنوات الاخيرة الى خادمات المنازل الاسيويات البعيدات عن ثقافتنا والى التلفاز والى الشارع, علينا ان نقوم بثورات على فهمنا الخاطئ لديننا ودنيانا, وجهلنا بحقيقة الله تعالى , علينا ان نقوم بثورات على لغتنا الطائفية القبيحة, وثورات على التبعية المطلقة لرجال الدين, علينا ان نقوم بثورات على فساد نفوسنا وفساد بيوتنا, ثورات على الكذب والخيانة, ثورات على الثرثرة والنميمة, ثورات على كرهنا لبعضنا, وثورات على ما نكنه لبعضنا من ضغائن, علينا ان نقوم بثورات على عروبتنا المشوّهة وإسلامنا الذي شوّهه بعض أصحاب اللحى المستعارة القذرة.
لن تنجح كل ثورات الدنيا على أنظمتها الإستبدادية ما لم تثور على كل ما سبق ... أعلم ان ذلك اقرب للمستحيل لأننا ببساطة (شعوب عربية)
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]
سيريا ديلي نيوز
2015-01-19 00:20:24