الدكتور سنان علي ديب ..... يحاوره : سليمان أمين

دكتور تحدثنا في الحلقة الماضية عن منعكسات الأزمة على صعيد المجتمع وفتحنا الباب على بعضها واليوم سنكمل معك حديثنا عن باقي المؤسسات اجتماعية التي تضررت بشكل كبير خلال الحرب الدائرة على بلدنا الغالي سوريا ... سيريا ديلي نيوز : دكتور سنان قطاع التعليم الذي يمر الآن بأسوء حالاته ماذا تحدثنا عنه ؟ لقد أصيب قطاع التعليم الذي كان يعاني من ثغرات ببعض الفوضى وعدم الاستقرار لدى الطلاب واكتظاظ الجامعات بالمدن الآمنة، والضغط الكبير على الطلبة وعلى الكوادر، وخروج الكثير من المنشآت نتيجة الدمار الذي طال أكثر من 3000 مدرسة، والتسرب الكبير لآلاف الطلبة خارج سورية أو داخلها، وفوضى بالعملية التدريسية، إضافة إلى فرض مناهج جديدة، ومغادرة للسوريين النازحين بمراكز الإيواء، ورغم كل ما حصل لم تغير الوزارة من خطتها السابقة القائمة على رفع رسوم وتكاليف التعليم، ورفع المعدلات لتنشيط الجامعات الخاصة على حساب العامة، وكذلك كانت قوانين نقل الطلاب الاضطرارية ظالمة بحيث لم يستطيعوا الوصول لصيغة تحدد عدد المواد التي يجب تحميلها للطالب في حال النقل، وإنما حصلت حالات تحميل الطالب 14 مادة وأكثر غير متشابهة. سيريا ديلي نيوز : ما تأثير ذلك على الطالب الذي بات سلعة رخيصة في قرارات وزارتي التربية والتعليم بالبلد ؟؟ هذا الشيء جعل معاناة الطلاب تزداد، وإمكانية تخرجهم تصبح مستحيلة رغم أنهم لم يكونوا لمسببين بالأزمة، وليس لهم إرادة بها، وإن طلاب المدن غير الآمنة يقدمون وكأنهم بجامعاتهم، وأكيد نحن مع الظروف المريحة لجميع الطلاب لأنهم أبناء بلد واحد، ويجب أن تكون الظروف مسهلة وتخفف عنهم آثار الأزمة، وللأسف لم ولن يرتقي أداء وأسلوب الكوادر بما يتماشى مع الظروف، وبما يساهم بالعلاج النفسي وزيادة التواصل، وهذا الموضوع بحاجة لسياسة تعليمية ممنهجة ومدروسة وهامة، كون هذا القطاع من القطاعات التي يعول عليها للتجاوز التدريجي للآثار النفسية للأزمة، وتكوين موارد بشرية واجتماعية بناءة، وكون هذه المؤسسة وأدائها غير المتوازن وغير الفعال كان من أسباب تخريج حاملي شهادات بيدين عن الثقافة والجهل الذي وجدناه أكبر دليل. سيريا ديلي نيوز : دكتور قطع الرياضة الذي نشط في الفترات الأخيرة في سوريا قبل الأزمة أين هو اليوم وما الضرر الذي لحق به ؟؟ وبالنسبة للرياضة المبتلية أصلاً، فقد ساءت الحركة الرياضية بدرجة كبيرة جداً لتكاد تختفي، إلا من باب تأدية واجب واستمرارية ضرورية، نتيجة الظروف وطرقات النقل والحالة النفسية، ونتيجة تغيير القبعات والاعتماد على شخصيات كثيرة ملّها الشعب من كثرة فشلها وفسادها.

سيريا ديلي نيوز : الثقافة السورية أين هي اليوم دكتور سنان وخاصة في وجود ثقافات الغزو والقتل والترهيب الجديدة ؟؟ سؤال جميل للأسف لم تكن الظروف تسمح لنشاط ثقافي فعال، ولكن القادمات تتطلب ذلك عن طريق زج شخصيات فعالة ونخب عضوية بناءة لا كرتونية من أجل التنشئة السليمة والإحاطة بما تسببت به الأزمة وثقافاتها الجديدة، كثقافة العنف والشتم والقتل وقطع الرؤوس والطائفية والمذهبية والإقليمية من انعكاسات على الجيل الجديد الذي هو أساس المستقبل، وبالتالي يجب أن يكون هناك برامج موازية لإعادة تفريغ وملء عقولهم، وتكريس الصفات الإنسانية والمحبة والوطنية والسلام، بدلاً من هكذا ثقافات، وكذلك على النخب الحقيقية العمل على نشر ثقافة الحوار البناء المؤدية إلى نبذ ما أدخل من أمراض تدميرية ظهر جزء كبير منها، وما زال البعض يضمر أمثاله، ولا بد أن يكون هناك نشاطات فعالة مبنية على علم ومعرفة لنشر ثقافات وطنية غير تفتيتية لكسر كل الحواجز التي وضعت بين أبناء البلد الواحد الذين عاشوا تاريخياً يداً بيد. سيريا ديلي نيوز : ماذا عن الآثار الذي تم سرقتها والاعتداء عليها ؟؟ تعرضت للتهديم المنظم الكثير من الأوابد الأثرية التاريخية، وسرقة آلاف القطع الأثرية وتشويه معالمها وتهديم الأماكن الدينية التاريخية، وما سينجم عنه من انعكاسات على السياحة وعلى الاقتصاد بشكل عام وكذلك محاولة لمحو العمق التاريخي وتعويم الجذر السوري العميق. سيريا ديلي نيوز : تعرض المجتمع للتشتت وتشرد الكثير من الأسر السورية والأطفال هل يمكن أن نضيء هل هذه الناحية والتي تعتبر من أخطر التدهور المجتمعي ؟؟ وزادت حالات التشتت العائلي والتشرد وعمالة الأطفال التي ازدادت بشكل كبير رغم ما تمثله من انتهاك لحقوق الطفولة والإنسان، وكذلك ظاهرة تعلم جزء منهم حمل السلاح والمشاركة بالقتل والقتال، وازدياد أعداد المتسولين بشكل غير طبيعي، الزواج غير الشرعي أو غير المسجل في مناطق لا توجد بها محاكم نظامية، وكذلك عدم تسجيل الأولاد في تلك المناطق وانتشار حالات زواج القصّر في مخيمات النزوح والبلدان التي لجأ إليها النازحون، وما تشكله من مظاهر انتهازية تستغل الظروف ولا تراعي الإنسانية، وانتشار الفوضى التي شجعت السرقة والنهب من قبل فئات تافهة مارقة على مرأى الجميع بلا خوف، ولا وجل، ولا ضمير، ولا محاسبة، ولا جزاء، وما سيشكله ذلك من كره وحقد. سيريا ديلي نيوز : واقع المرأة السورية خلال الحرب وماذا انعكس عليها ؟؟ وبالنسبة للمرأة فقد كانت معاناتها كبيرة من خلال العقول المتحجرة التي أساءت لها ولما وصلت له من تطور وتحرر واستقلال في بلدنا، ومحاولة العودة بها للعصر الحجري، وممارسة أسوأ الممارسات كالسبي والاغتصاب والزواج الإجباري، إضافة للضغوطات التي عانت منها، أم فقدت ابنها أو أبناءها أو أم لمعاق أو كونها ربّة أسرة في الشتات، وفي القادمات ستزداد معاناة الكثيرات منهن نتيجة الترمل وتحمل مسؤولية فقدان الزوج المعيل وتحملها مسؤولية تربية الأسرة، وخاصة بعد أعداد الموت الفائضة ومانجم عنها من حالات ترمل وضرورة إيجاد فرص عمل للبعض بعد استقرار الأوضاع لتربية الأسرة. سيريا ديلي نيوز : دكتور ماذا ولدت الأزمة برأيك وتأثيراتها على الفرد والعائلة والمجتمع السوري ؟ ولدت الأزمة معاناة كبيرة بسبب فقدان المعيل أو الفقر والبطالة، وكذلك الفوضى الأخلاقية والأمراض النفسية من اكتئاب وكآبة وتوتر، وأمراض اجتماعية من فساد وتسول وعمالة أطفال وصراعات بنيوية من خلال نشوء طبقة ذات أموال سوداء، من تجار الأزمات ومستغلي الفوضى وصعوبة الانضباط والاستقرار مع تفشي ظاهرة السلاح بين يدي هؤلاء، ومحافظة الفاسدين على أموالهم وزيادتها من خلال استمرار فسادهم وزيادة وتيرته، وبالتالي خلخلة اجتماعية وتناقضات يجب أن تحل وتضبط حتى لا نستمر بمتوالية الصراع والانفلات الأمني والأخلاقي، وخاصة مع تلمسنا أزمة أخلاق مستفحلة، ومع وجود محاولات كبيرة لفرض نماذج تدّعي الدفاع عن الديانات وأنها معينة لهذه الوظيفة، علماً أنها أبعد ما تكون عن جوهر الدين البناء الخلاق، وبالتالي كذلك سيكون هناك صراع ضمن صفوف رجال الدين بين من يدعي ومن يحاول الإصلاح للوصول للدين الحقيقي ودوره المهم في الضبط الاجتماعي والبناء. سيريا ديلي نيوز : دكتور سنان ماذا ستقول في نهاية حلقتنا عن المنعكسات الاجتماعية ؟؟ مهما كانت الخسائر الاقتصادية والمالية كبيرة فإن الخسائر الاجتماعية التي أصابت الإنسان أكبر وأهم، وأفقدتنا كفاءات وطاقات، وهشمت بنية الإنسان السوري، وهو الأساس الأول لإعادة البناء.. سيريا ديلي نيوز تشكر وجودك معنا دكتور سنان ولقائنا معك الأسبوع القادم أفاق حلول الأزمة ..

سيريا ديلي نيوز


التعليقات