سيريا ديلي نيوز- الدكتور عصام ملحم..

لقد صدر منذ عدة سنوات مرسوم جمهوري بالسماح بافتتاح الجامعات الخاصة بسوريا.. والذي يهدف إلى منع هجرة الطلاب السوريين وسفرهم إلى الخارج بغية الدراسة وفتح المجالات أمام شريحة واسعة من الطلاب الذين يرغبون بالتحصيل العلمي، لكن لم يحالفهم الحظ بتحصيل الدرجات التي تؤهلهم بدخول الجامعات الحكومية، فكانت الجامعات الخاصة حلاً لهذه الشريحة.. إضافة إلى افتتاح تخصصات جديدة غير متوفرة بالجامعات الحكومية.. وكان يهدف هذا المرسوم إلى إحداث نقلة نوعية في مجال التعليم العالي من خلال رفع جودة التعليم والتحصيل العلمي.. إذ تم وضع ضوابط لهذه الجامعات من حيث عدد الطلاب في المحاضرة النظرية وعدد الطلاب بالنسبة للأستاذ الجامعي.. ونوعية المخابر والمكتبات والتجهيزات..لكننا بعد مضي عشرة سنوات تقريبا على افتتاح هذه الجامعات هل حققت الفائدة المرجوة منها.. وهل تخضع للرقابة الفعلية من قبل وزارة التعليم العالي؟؟!! أم أنها لم تحقق سوى استيعاب لفئة من الطلاب لتقذف بهم بعد عدة سنوات إلى سوق العمل -مفتقدين للحد الأدنى من المعرفة العلمية- مقابل أرباح مالية يجنيها أصحاب الجامعات..
حتى لا يكون كلامي في العموميات، وهنا لا أدعي معرفتي بالجامعات الخاصة جميعها.. لكن من خلال تدريسي بإحداها وسماعي لآراء بعض الطلاب في جامعات خاصة أخرى، يمكنني القول بأن هناك الكثير من التجاوزات والمخالفات التي ترتكب دون حسيب ورقيب.. وإليكم أمثلة عنها:
1- كثير من الطلاب اضطرتهم ظروف الحرب في سوريا الانتقال من جامعة خاصة إلى أخرى ضمن نفس الفرع لكن بقدرة قادر وجدوا أنفسهم يحملون كما كبيرا من المقررات لدرجة أن طالب السنة الرابعة بجامعة ما يعود سنة ثانية بجامعة أخرى.. بحجة عدم تطابق المقررات أو اختلاف عدد ساعاتها..
2- العدد الكبير للطلاب في المحاضرة النظرية والذي يتجاوز أحيانا60 طالبا.. مع أن شروط الجامعات الخاصة أن يكون العدد أقل من ذلك بكثير؛
3- عدم وجود كادر تدريسي متخصص فبعض الجامعات تفتتح فرعا لا يوجد على ملاكها أكثر من دكتورين أو ثلاث، ولتغطية النقص تقوم بتكليف اساتذة من خارج الملاك (التكليف يكون نظريا) بينما يقوم مهندسين أو متخرجين جدد بتدريس المقررات وإعطاء المحاضرات النظرية دون أن يمتلكوا الخبرة ، وذلك على حساب جودة التعليم .. ففي إحدى الجامعات الخاصة يقوم مهندس بتدريس أكثر من 12 مقرر كمحاضرات نظرية في كلية الهندسة المدنية .. فهل يعقل ذلك..
4 في إحدى الجامعات الخاصة كانت آخر إبداعات رئيس الجامعة بدمج المقررات المتماثلة في كليتي الهندسة المعمارية والمدنية وإعطاء المحاضرات لطلاب الكليتين معا (قام بدمج 11 مقرر، رغم اختلاف مفرداتها وعدد ساعاتها) دون أن يأخذ رأي الأساتذة المختصين، بحيث أصبح في القاعة أكثر من 70 طالباً.. وقسم من الطلبة يجلسون ولا يفهمون ما يجري لأن معلومات المقرر ومتطلباته تختلف بين الكليتين.. الهدف الوحيد من هذا الإجراء هو زيادة أرباح الجامعة على حساب جودة التعليم.
إن قائمة المخالفات الي تؤثر على مستوى التعليم تطول، دون حسيب أو رقيب.. وهنا نتساءل أين دور وزارة التعليم العالي في الإشراف على الجامعات الخاصة والمراقبة وتصويب الخطأ.. كما نتساءل ما هو الدور الحقيقي للجامعات الخاصة هل دعمت عملية البحث العلمي.. هل أصدرت ولو كتابا جامعيا أو موجعا علميا.. هل أصدرت مجلة علمية.. هل قامت بتهيئة مخابر متخصصة.. أم أنها خضعت لمنطق الربح واخسارة فقط، لكن التصدي لمهمة التعليم هي غاية نبيلة وهدفها أسمى من منطق الجشع التجاري..
في النهاية هل نرى خطوات جادة وفعالة من وزارة التعليم العالي للإرتقاء بواقع الجامعات الخاصة، أم نفقد حلمنا بارتقاءها..

سيريا ديلي نيوز


التعليقات


عبد الرحمن تيشوري - شهادة عليا بالادارة
احييك دكتور واوافقك 100% واضم صوتي الى صوتك ليصل الى معالي وزير التعليم العالي واسمح لي بالاضافة إن مدارسنا وجامعاتنا ما زالت تعاني من عدم فعالية الخطط الدراسية والمناهج وسوء النظام التعليمي وضعف وسائل التعليم ونقص الكوادر التعليمية والإدارية وعدم تطويرها ويغلب على هذا التعليم الأسلوب النظري والتعليب, كما أنها لا تخضع للمراقبة والتقييم والمتابعة بل تسير على هواها, وينأى عن التعليم التطبيقي العملي كما يعجز هذا التعليم على خلق عقول مبدعة وأيد ماهرة, وما زال التعليم بكافة مراحله بعيداً عن إمكانية ربطه بحاجات المجتمع وسوق العمل ومطالب التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهذا ما يجعلها عاجزة عن مواكبة روح العصر علمياً وتكنولوجياً.