سيريا ديلي نيوز - بقلم: مجد عبيسي

في زمن من الأزمان.. ويروى عما كان، أنه في البلاد البعيدة كانت هناك مملكة سعيدة.. كان أمر الممكلة آية من العجب.. إذ يفد السواح ليروا كيف يجلس مواطنوها على الذهب !!

والأعجوبة لم تكن بفعل الجلوس، بل بكيفية وصول الشعب إلى ذلك المقام الملموس. والسر الكامن وراء السر، كان لربما بالفهلوة أو الشطارة.. أو لربما كان ضرباً من ضروب الإدارة..

بغض النظر عن الأسباب المرصودة.. إلا أن الراحة كانت موجودة رغم حفنات النقود المعدودة

نعم، الحفنات كانت معدودة يا سادة.. ولكنها كانت كفيلة بإجلاس خروف على وسادة !!

كان حكام المملكة السعيدة يبجّلون كالملوك، ومواطنوها معتزّون كالديوك. كلُّ يباهي بعَرفه ولا يخاف، ولا يتصادمون رغم اختلاف الأعراف. ورغم أنف المقدرات التي كانت نذراً من النذور.. كانت المخرجات تكال بالقدور.

مشاغل الأيام أكبر من ساعات الناس، والخيرات تكاد تطمر الأنفاس. ورغم المداخيل قليلة، إلا أن شعب المملكة كان أبو الحيلة... ليس أبيها فحسب، بل وأمها وسلالتها النبيلة.

ومرت الآماد.. وضاقت أعين الحساد.. وحاقت الشرور بالبلاد.. وشحت الفلوس من الجيوب.. وبات الإنفاق من دم القلوب

وبقيت المقدرات من النذور يسرا.. والمخرجات صارت تقطّر قطرا

حتى صارت الحيلة تساوي الأذية، ومن يمتص أولاً الرحائق الندية. والشاطر من يدوس أخيه ليعيش.. ونفي في الممكلة منطق الاحترام، واستوطن منطق "التجحيش" !!

وحين رفعت الرحمة ازداد مفعول أعين الحساد، وصارت الأصفار تأكل الآحاد. وانتشرت ظواهر ما كانت في الأسلاف.. من سرقة قسرية.. أو ارتماءات واستعطاف. وباتت كل المظاهر مبالغة وغريبة، كمطربة وطبيب متزوجان في زريبة !!

ومضت الأيام النحاس وغدا الإفلاس ديدن الناس.. وأرخى ثقله على العباد بلاء "التجنيط" حتى بات عاديّ وبسيط، ودلف السواح المنذرون يتحلقون حول نهر الجنون، ويخبرون العباد بهشاشة تأثير الحساد، وبأن هفوات السفيه.. منه وفيه، وما عليهم سوا أن يتراحموا ويستقيموا حتى بالجلوس على الذهب –مجدداً- ينعموا ويستديموا.

ولكن الطغمات المستفيدة أدهى من أن تصغي.. فمياهها هادئة ومياه الرعاعة ترغي، والرعاعة يتمسحون أرجل الطغمات.. ليقتاتوا من موائدهم على الفتات.. ولظنهم أن الفتات هو آخر المدى، وبأنهم لو عايشوا فلن يعيش أحدا !!

وعمت الفوضى.. وعمّ التفليس، وامتد بهم واعتصرهم من عصر الخميس لظهر الخميس. وهم في احتيالهم راحوا يعمهون.. وبدوس أكتاف ذويهم يسعدون !! فيئس من حالهم السواح المنذرون وغيروا لقب المملكة الميمون، وبعد أن كانت :

"مملكة العجب.. سكانها يبيتون على الذهب"

أصبحت "المملكة السعيدة.. سكانها صاروا على الحديدة" !!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات