السويداء- فريال أبو فخر

يضع الرفيق (جميل بو قعقور) في الحلقات الأخيرة من مسلسل (الخربة) لليث حجو بداية صعود اللغة السياسية للعمل، وهنا يبدأ الوضوح في الرسالة الآيديولوجية التي يريدها الكاتب د. ممدوح حمادة من نصه الذي يقودنا من حكايات القرية البسيطة إلى قضايا الوطن السياسية المعقدة، والأحزاب الكبيرة التي كانت حاضرة على مستوى الحراك الوطني والفكري في سورية، وصولاً إلى نهايات الآيديولوجية بعد انهيار البنى الكبيرة الحاملة لها.
الرفيق جميل(ممدوح الأطرش) يقدم استقالته من حزبه، وينتقد أداءه السلبي، ويحاول جاهداً البحث عمّن يؤسس معه حزباً جديداً، فلا يجد في النهاية سوى (فياض) الراغب بإبدال حياته الوضيعة بمستوى جديد تدفعه إليه فقط غيرته من أقرانه.
القرية..الوطن
(الخربة) ليست قرية بسيطة في ريف السويداء البعيد عما يجري حولها، الخربة هي صراعات الوطن حيث تجسد الشخصيات وقائع من صعود الفكر السياسي ومن عدم جدواه، في العمل تصعد القيم السلبية لبعض المنتفعين، النفاق، الوصولية والانتهازية، ولا بد من بعض المخدوعين الذين تقودهم الحماسة تارة، والحب في أحيان أخرى.
بين عائلتين وصراعين في هرم الوطن الغارق في أعرافه، حيث (أبو نمر) من عائلة (بو قعقور)، و(أبو نايف) من عائلة (بو مالحة) يأخذ التحدي شكل النفاق والكذب والعيش على ذكريات الوهم، وهو في هذا السياق يشير إلى تاريخ عربي غارق في أسطورته الحكائية، مضافاً إليها الحضور الكبير لهذا الفكر في حياتنا المعاصرة.
(الخربة) وهو الاسم الذي تختبئ خلفه مقولة (الحرية) الاسم الحقيقي للعمل، كوميديا ترصد الواقع الآني لما يجري على ساحة الوطن من خلال إيماءات على ألسنة البعض من ترديد سري ومشفر لهتافات على ألسنة المحتجين في سورية (الموز ولا البازلا) على لسان توفيق (باسم ياخور)، إلى بعض المشاهد التي تدل على اعتقال البعض بعد صدور مرسوم رفع حالة الطوارئ كما حصل مع (فياض) الذي ألمح لوجود تظاهرات.
يشير العمل إلى فئات استثمرت القاع السياسي (جوهر بو مالحة) في خطاباتها التي عبرت فيها عن انتهازية طبقة العوائل، وحملت أفكارها وأعرافها، ومن ثم اكتشفت فجأة أنها وحيدة ولم تفعل شيئاً مما أرادت، ولم تحقق أياً من طموحاتها.
(الخربة) حراك الوطن بلسان الناس العاديين، في عمل يحمل تحت ابتسامته دموع أيام تتوالى على بشر يعيشون وسط طبيعة قروية خلابة، وحياة بسيطة.
نجوم بإدارة مسيطرة
استطاع الليث حجو أن يقدم فكرته بانتقائية ذكية لنجوم العمل، وأمسك دريد لحام من استطالاته، ولم يتمكن النجم الكبير سوى من المرور في الطريق الذي رسمه المخرج، فيما قدم رشيد عساف جولة كوميدية فريدة، وأما أبطال الصف الثاني من النجوم فقد استطاعوا أن يفعلوها، فمحمد حداقي حلّق كعادته في إبداع شخصية يعطيها مفردات واقعية حقيقية، وكذلك يصعد معه أحمد الأحمد في دور مختلف يؤكد نجوميته ككوميدي سوري قادم، ولا ننسى المتميزين رافي وهبي وأدهم مرشد ومروان أبو شاهين ومهند قطيش وشادي الصفدي.
فيما يسجل العنصر النسائي تميّزاً لـ ضحى الدبس ابنة اللهجة، وكذلك تفعل شكران مرتجى، فيما تصعد نجمة جديدة من بيت الفن في السويداء (مروة الأطرش).
ضيعة ليست ضايعة
يحاول البعض التقليل من قيمة العمل بمقارنته مع أعمال شبيهة من حيث الانتماء إلى بيئة خاصة، لكن هذا العمل يأخذ بيده المخرج إلى بيئة كبيرة، بيئة لكل السوريين.
لا يشبه مسلسل الخربة شقيقه (ضيعة ضايعة) إلا من حيث اعتماده على اللهجة المحلية وأماكن التصوير الواقعية البسيطة، ولكنه يتفوق من حيث الفكرة والمقولة الرئيسية.
الليث حجو مخرج العمل يقول في لقاء صحفي عن الفارق بين العملين: هناك فوارق كثيرة من حيث شكل الحلقات والبناء الدرامي؛ فمسلسل ضيعة ضايعة يعتمد على حلقات منفصلة ولكل حلقة موضوعها الخاص مع حلحلة للمشكلة المطروحة في نهاية الحلقة، أما مسلسل الخربة فهو عمل درامي متصل بخط انسيابي يسير بالأحداث والشخصيات من بداية العمل وحتى نهايته.
وفي تصريحات إعلامية لمعظم فريق العمل أشاروا إلى أن الفكرة أكبر من قرية بسيطة وحياة ساكنيها، وأن العمل يجسد تنوع المجتمع السوري وإيقاعاته السياسية المختلفة.
وأخيراً أقول: بالتأكيد.. انتصرت (الخربة) في نقل صورتنا.

سيرياديلي نيوز


التعليقات