بقلم : مجد عبيسي

7.30 صباحاً :

كائن بشري متفائل يسير بعزم نحو مركز تسجيل "المازوت" وأصابعه قابضة بعزم "كملزمة" على بطاقتيه الشخصية والعائلية احتراماً منه للوقت "الثمين" الذي ظن أنه قد يضيعه في إخراجهم من جيبه عند كوة التسجيل.

الصدمة الأولى: أرتال مسلسلة من الخلائق تنتظر إشراقة "الشمس العالية" للموظف بهي الطلعة.

9.00 صباحاً :

حركة غير طبيعية في الصفوف الأمامية وتمايل وأصابع تتحسس البطاقات (الشخصية والعائلية).. موظفو المركز يفتحون الكوات "بكامل الرضا" على مهل عند التاسعة صباحاً، وتباشير السعادة تعلو الوجوه بأن الفرج قد أتى.

الصدمة الثانية: الكائن البشري ينتظر قرابة نصف ساعة من الزمان ليرى طيف المواطن الأول ينسلّ محتضناّ إيصاله فرحاً بما أوتي.

12.15 ظهراً :

الكائن البشري المتفائل بدأ بالتمايل وتحضير بطاقاته لإيلاجها في الكوة التي لا يفصله عنها سوى بضعة كائنات..

الصدمة القاضية: ترخى الواجهة المعدنية، وأصداء الموظفة غير المكترثة لمشاعر مورديها في الخارج توعز لهم أن يعودوا في اليوم التالي فالشبكة –على حد زعمها- خارج الخدمة.

ماذا يجرى وراء الكواليس ؟!

- قرابة الألف مواطن يذهبون ويأتون يومياً إلى مركز توزيع إيصالات المازوت دون تمكنهم من الوصول إلى كوة التسجيل، وموظفين اثنين فقط لا غير من وراء الحواسب مكلفين بتسيير أمور العباد!!

- السكينة اللامتناهية المتنزلة على الموظف والتي تدفعه للعمل بكل هدوء وتؤدة وكأنما الزمن قد توقف خارج شاشة حاسبه والوقت عديم القيمة للكائنات الواقفة في الخارج!.

-  الواسطات.. نعم، الواسطات التي تدخل من الباب الخلفي للتسجيل والتي تتراكم أمام موظف الحاسب، مما يجعل الكائن القابع أمام الكوة ينظر بحسرة إلى بطاقته العائلية وهي توأد حية على طاولة الموظف تحت أكداس من البطاقات التي دلفت من الخلف والتي تحكم عليه بالوقوف لنصف ساعة أخرى على أقرب تقدير ريثما يصل الموظف لبطاقته المنشودة.

أخيراً وليس آخراً، صاحبنا البشري الذي كان متفائلاً في البداية، دس رأسه الكبيرة في الكوة الزجاجية وصاح بالموظفة: هيه، أنت يا آنسة.. انظري في وجهي جيداً واحفظيه، سأعود غداً للمرة الرابعة والأخيرة.. هل إن جئت "بواااااسطة" أو دسست 500 ليرة في ثنايا الأوراق تتسلمين بطاقتي من فوق الرؤوس أو من الباب الخلفي –كالآخرين- وتسجلينها؟!

فابتسمت الموظفة في خجل العذراء في خدرها، وأخبرته بالإيجاب والقبول بصوت استحيى أن يفارق شفتيها، واستدارت بدلال مفتعل وغابت في غياهب المركز.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات


abo
هذه الموظفة تمثل الشرف الوظيفي السوري الذي غاب مع فقدان عذرية الشرف عند مسؤولي سوريا