أصدر مجلس الدوما الروسي بيانا "حول الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الأقليات الدينية والعرقية نتيجة الأوضاع السائدة في سورية والعراق" مقترحا وضع نهج مشترك وموحد لمكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره مبني على "أسس متينة مستندة للقانون الدولي يجري تنفيذه تحت رعاية الأمم المتحدة حصرا".

وأشار البيان إلى أنه "بات واضحا أن بروز مجموعات إرهابية ضخمة وقيامها بنشاط إرهابي واسع النطاق لا يمكن أن يستمر بدون دعم مالي ومادي خارجي يهدف إلى زعزعة الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك عبر إشعال الفتن الطائفية والعرقية" موضحا أن "زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط تعتبر إلى حد كبير نتيجة للسياسة الخارجية الحالية للدول الغربية التي تتجاهل مبادئ القانون الدولي وتلجأ لفرض سيناريوهاتها الخاصة على السياسات الداخلية لدول ذات سيادة وترفض الاعتراف بنظام عالمي متعدد الأقطاب وبالعمل المشترك بما يتفق مع جميع ممثلي المجتمع الدولي لوضع سبل حل للمشكلات العالمية".

وأكد البيان أن "خلق بؤر توتر عابرة للحدود لا يهدد دول الشرق الأوسط فقط وإنما دول أوروبا وآسيا أيضا" ودعا مجلس الدوما المجتمع الدولي للعمل "في أقرب وقت ممكن لوقف واجتثاث الشر الذي يهدد العالم المتحضر بأسره والمتمثل في الإرهاب الدولي الذي يستعرض قسوة خاصة تظهر جوهره اللاإنساني في سورية والعراق، ولتجفيف كل مصادر تمويله والدعم له".

ولكن عدم فرض عقوبات على تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي يتاجر بحرية بالنفط في الأسواق العالمية يجعل المرء يفكر بالعلاقة الحقيقية بين الولايات المتحدة وبين داعش وما يثير الدهشة أن منظمة إرهابية تقطع رؤوس مواطني الدول الغربية وتتمتع في الوقت نفسه عمليا بكل حقوق تجار النفط في الأسواق العالمية.

ويقول مراقبون إن داعش يبيع النفط إلى تركيا والأردن ولا أحد يفرض أي عقوبات ضده فهل سمع أحد أن وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري دعا لفرض عقوبات ضد داعش؟ فهذا ما يوصل إلى أفكار مثيرة للإهتمام بشأن معرفة الموقف الحقيقي للولايات المتحدة من هذا التنظيم وإن قصف مواقع له لا يسهم في حل المشكلة أبدا.

إن تنظيم داعش لازال يحتفظ بكل الدعم المالي المقدم له أضف أنه ظهرت لديه قاعدة اقتصادية جديدة مستندة لقطاع تجارة النفط التي لا تتخذ ضدها أي عقوبات دولية ما يتطلب فعلا صياغة نهج مشترك موحد في محاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط على أن يجري تنسيق الجهود المناهضة للإرهاب حصرا برعاية منظمة الأمم المتحدة كي نتجنب التصرف الفردي الذي تتوق إليه الحكومات الغربية والذي يؤدي غالبا إلى عواقب كارثية.

إن نشأة "داعش " أو "جبهة النصرة" لم يكن بمنأى عن الغرب أو حلفائه أو أدواته من الكيانات الاقليمية حيث أن تركيا والسعودية و قطر هي الدول التي رعت ومولت واحتضنت بشكل أكيد وموثق هذين التنظيمين الإرهابيين معولة عليهما لإسقاط الدولة السورية واقتلاع القلعة الوسطى من محور المقاومة تمهيدا للإجهاز على هذا المحور بكليته بحيث لم تعد هذه الأمور خافية أو محجوبة حتى عن أحد وبات واضحا وبالأدلة والقرائن القاطعة أن اندفاعة "داعش" الأخيرة في سورية ومنها إلى العراق جاءت في سياق ما يمكن تسميته "استراتيجية توحيد البندقية" تنفيذا للخطة الأميركية حول الشرق الأوسط الجديد.

إن القصف الأميركي والأطلسي جاء خدمة لأمن العراق وسيادته على أرضه أو عملا بالاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية المسماة اتفاقية الإطار الاستراتيجي للعلاقات العراقية الأميركية وإن الإدارة الأميركية لو كانت جادة بالفعل في ذلك لكانت استجابت للطلبات العراقية التي وجهت اليها غداة مسرحية الموصل الداعشية.

إن "أميركا لا تدافع إلا عن مصالحها" ولجوؤها إلى أسلوب الضربات الجوية مرده أنها رأت أن شيئا من هذه المصالح تم المس به من قبل "عناصر غير منضبطة" في داعش فتوجهت طائراتها لحمايته لتأديب الشاذين ولتذكر "داعش" بالسقف المرسوم لها في حركتها السياسية والميدانية من جهة ومن جهة اخرى لتتنصل أميركا من أي مسؤولية عن إرهاب داعش التي ينسبها كثير من الباحثين اليها ولتؤكد التزامها بالمعاهدة الموقعة مع العراق حول حماية أمنه والدفاع عنه من كل تهديد.

إن قرار الإدارة الأميركية بتوجيه بعض الضربات الجوية والمحدودة لـ "داعش" في شمال العراق على حدود كردستان والقرار الذي أصدره مجلس الامن رقم 2170 تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة ضد "داعش" و جبهة النصرة يفسرهما البعض بان الغرب قرر أخيرا أن يعترف بالحقيقة و يواجه بشكل جدي الإرهاب الذي يمارسه هذين التنظيمين .

فيما يرى آخرون أن الادارة الاميركية قد تكون في ضرباتها الجوية المحدودة الفعالية في العراق أرادت أن "تنشئ سابقة تبني عليها لاحقا في العمل داخل سورية تحت ستار ضرب داعش ثم تطور الأمر في اتجاه يناسبها دون أن تصطدم بعقبات من أي طبيعة كانت ولهذا جاء مجلس الأمن بقراره 2170 ليزيل من أمامها بعض العقبات في هذا السياق.

بالرغم من النظرة التشاؤمية فالايجابية الوحيدة لهذا القرار هي أنه إقرار أممي وبإجماع من مجلس الأمن بأن ما قالته سورية في وصفها للتنظيمين بأنهما إرهابيين وما يستتبعه هذا الوصف من أن سورية تشهد عدوانا إرهابيا خارجيا وليس "ثورة شعبية" وهو اعتراف من هذه الدول بأن ما يسمى بـ" جبهة النصرة" و" داعش" هما حركتان إرهابيتان.

سيرياديلي نيوز


التعليقات