كمال خلف

 

بينما كنت اقف على الحدود السورية اللبنانية عند نقطة المصنع بانتظار ختم اوراق الدخول كانت ثمة اعداد كبيرة تقف خلف سياج حديدي وعلى مقربة من السياج تفترش عائلات سورية الارض مع اطفالها كانت تبدو عليهم حالة التعب والارهاق من اشعة الشمس الحارقة وبفضول اقتربت من احد الرجال الواقفين بعد ان انهى شجارا مع زوجته وسالته عن سبب  جلوس كل هؤلاء دون ان يصطفوا مع الحشود على السياج بانتظار الدخول لختم اوراق الدخول فاجاب لا يسمحون لنا بالدخول ولا نعرف ما السبب.

بعض من لم يسمح لهم بالدخول حسب الرجل الغاضب هم من العمال الذين يعملون داخل لبنان من قبل الازمة السورية وبعضهم ممن يريدون زيارة اقارب لهم . هم ليسوا لاجئين فقد توقف توافد الاجئين السوريين الى لبنان خاصة من نقطة المصنع منذ بداية العام.

عند السياج التصق الناس بالحديد وبدا تدافع عند فتح بوابة صغيرة لدخول عدد صغير من الافراد  فخرج عسكري لبناني بدا بضربهم وشتمهم رايت بعيني عسكري لبناني يصفع رجلا في الخمسين من عمره. بينما وقف رجل بلباس مدني وبدا الصراخ لطردنا من المكان . قلت له انني صحفي فتجاهلني بينما تابع مسلسل الشتائم تجاه الاخرين . ثمة انسانية ضائعة هناك عند تلك الحدود ثمة غابة اذلال لنساء واطفال وكبار سن .. شخصيا كفرت بالعروبة والاخوه والانسانية  وتذكرت صديقي الذي هاجر الى هولندا مع عائلته عن طريق مهرب قال لي ما ان وصلنا الى حدود تلك الدولة الغربية حتى بدا عالم اخر عنوانه الانسانية لم يصدق ذاك الصديق عندما راى مختصة نفسية تحاول مناقشة اولاده لمعرفة ان كانت الرحلة قد اثرت في نفسيتهم. لم يصدق انه حصل في اقل من شهر على مسكن لائق وراتبا لاولاده. تلك الدول الاستعمارية الكافرة هي الملجا لابناء الامة العربية للحصول على الكرامة.

المعلومات من الحدود اللبنانية حسب ما عملت من الداخلين الى لبنان تقول ان رجال الامن العام اللبناني يقبلون دخول السوريين حسب الشكل ان لم تعجب رجل الامن فعليك ان تغادر المكان تاخذ معك اوراقك المرمية على الارض وتترك هناك كرامتك.

يتحدث اللبنانيون من النخبة الاعلامية والسياسية عن المدير العام للامن العام اللبناني عباس ابراهيم ويجمعون على انه رجل وطني وعروبي وشفاف.

 لا اعرف الرجل شخصيا ولكن سمعته بين كل المكونات اللبنانية على اختلافها تؤشر الى شخصية استثنائية وهذا يدفعني الى سؤاله عما يجري هناك وعلى نقاط حدودية اخرى  ان كانت لبنان تعاني من الوجود السوري وكثافة تدفق القادمين من سوريا فهذا حقها فلكل دولة حدود لامكاناتها ومقدرتها على استعاب وافدين ولا يمكن لا ان ياخذ ذلك  بالاعتبار.. لكن هذا يحل بقانون واضح يعرف قبله المسافر ما هو مسموح وما هو ممنوع قبل ان ياتي بعد رحلة طويلة ليفترش الارض ويسمع كل انواع الاهانات ويقبل او يرفض دخوله بسبب شكله او على مزاج رجل الامن.

يجب ان يكون هناك قرار وشروط معلومة للقادمين حفظا لكرامة شعب كامل لم يغلق بابه في وجه لاجئ او هارب  خاصة من اخوته اللبنانيين عبر سنوات الحرب الاهلية في لبنان وصولا الى حرب تموز2006 حيث فتح هذا الشعب بيوته لاخوته اللبنانيين الهاربين من القصف الاسرائيلي.

على المقلب الاخر لا تحرك الحكومة السورية ساكنا ازاء هذا الوضع رغم الشكاوي المتكررة منذ سنوات وليس الان للمعاملة المهينة التي يتعرض لها السوريون على المعابر اللبنانية حتى داخل لبنان اشير هنا انه في بعض المناطق اللبنانية يمنع تجول السوريين بعد التاسعة مساء.

ما عملته ان هناك شكاوي بالمئات وصلت الى السفارة السورية في بيروت.

ويقول ضابط سوري على الحدود السورية لا يوجد لدينا اي قرار من الحكومة اللبنانية حتى بالنسبة للفلسطينيين القرار بمنعهم تم من طرف واحد نحن نسمح للجميع بالمغادرة وفق للقوانيين ولكن هناك على الطرف الاخر لا ندري كيف تدار الامور لدينا شكواى كثيرة من سوء المعاملة . هل سيحتفظ الشعب السوري في ذاكرته هذا القهر من اخوته والقريبون منهم على وجه التحديد .. الشعوب لها ذاكرة جمعية لا تموت امل ان لا يكون ذلك ففي لبنان وسوريا شعب.

رحم الله شاعرنا الراحل نزار قباني عندما قال

 ابقى مرميا ساعات منتظرا فرمان المامور

 اتامل في اكياس الرمل ودمعي في عيني بحور

 وامامي ارتفعت لافتة تتحدث عن وطن واحد تتحدث عن شعب واحد

 وانا كالجرذ هنا قاعد اتقيأ احزاني وادوس جميع شعارات الطبشور

 واظل على باب بلادي مرميا كالقدح المكسور.

سيرياديلي نيوز


التعليقات


خالد بن هشام
كيف كان السوري قبل هذه الثورة اللعينة وكيف اصبح الله يلعن من أشعل نار هذه الفتنة التي أوصلتنا إلى هذا الحال

خالد بن هشام
دول الخليج مجتمعة كانت السبب فيما نحن فيه ولا تسمح بدخول سوري إليها لا أسأل الله ان يذيق شعب الخليج مانذوقه ولكن أسأله أن ينتقم من حكام الخليج الذين يعملون بأوامر من أمريكا