شكّلت الانتخابات الرئاسية السورية صدمة للدوائر الغربية التي تخوض الحرب على سورية، ومعها الحكومات الإقليمية المتورطة في دعم الجماعات الإرهابية والتكفيرية. وكان تدفق الناخبين السوريين بالملايين إلى صناديق الاقتراع رغم التهديدات وإلقاء بعض القذائف في المناطق الساخنة، بمثابة إعلان لوجود إرادة شعبية كاسحة خلف قيادة الرئيس بشار الأسد والدولة السورية وقواتها المسلحة.
هبّة السوريين في يوم الانتخابات كانت حافلة بالمعاني، إذ جسّدت الوحدة الوطنية للشعب السوري بجميع مكوّناته وقدمت بذلك صورة عن الوعي الوطني الذي عزّزته سنوات المحنة التي ضاعفت من تمسك السوريين بسيادتهم واستقلالهم الوطني، وأظهرت لهم أن الجيش العربي السوري والدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس الأسد هي الكتلة صانعة خلاص سورية، واكتسبت تلك الدولة مزيداً من ثقة الناس بفضل تماسكها واستمرار عملها في خدمة مواطنيها. وقد لا يصدق أحد في العالم أنه رغم الحرب الضارية والحصار الشديد والعقوبات الاقتصادية والمالية الجائرة تستمر الدولة الوطنية السورية في رعاية مواطنيها، فرواتب الموظفين والبالغ عددهم أكثر من مليوني موظف، تصل إلى آخر نقطة في سورية، والسلع الأساسية المدعومة تسلم بانتظام إلى جميع المواطنين الموجودين على الأرض السورية، ونجحت الدولة في إيواء ملايين السوريين الذين اضطروا إلى مغادرة مناطق سكنهم والانتقال عبر المحافظات. أما الجيش العربي السوري الذي يحظى بعطف ودعم شعبي كبير وقدّم التضحيات دفاعاً عن سورية في وجه عصابات الإرهاب والتكفير وأدوات التدخل الأجنبي، فهو القوة التي توحي الثقة وقدرته على استعادة الأمان، والعبارة الأخيرة كرّرها السوريون قبل الانتخابات وخلالها وبعدها.
أما الرئيس بشار الأسد فيمثل في وجدان السوريين فكرة قوة سورية كدولة مقاومة وفاعلة في المنطقة والعالم، يرمز إلى صلابة التمسك بالاستقلال والسيادة ورفض جميع المساومات مع الجهات القريبة والبعيدة التي سعت إلى النيل من خيارات سورية المبدئية. كان تصميم الرئيس على إجراء الاستحقاق الدستوري في موعده تنفيذاً للمبدأ الذي تمسك به منذ بداية الأزمة، وهو رفض التدخلات الأجنبية والضغوط والشروط والمساومات وحتى الإغراءات بالتمديد للرئيس الأسد ثلاث سنوات والتي نقلت إليه مراراً، فهو اعتبر منذ البداية أن السوريين وحدهم يقرّرون مستقبلهم في صناديق الاقتراع والتي هرب المعارضون منها. وينظر السوريون باحترام وتقدير إلى حرص الرئيس الأسد على حماية الوحدة الوطنية للشعب السوري والأرض في وجه مخطط التفتيت الغربي، واستطاع أن يكسب تأييد المؤسسات الدينية في البلاد والفئات الاجتماعية المختلفة من جميع المكوّنات السورية، راعياً المصالحات الدائرة في مناطق النزاع، ومحدداً من خلال مراسيم العفو المتلاحقة الاتجاه الواقعي لتراجع المتورطين في حمل السلاح ضد الدولة الذين شارك بعضهم في نشاط الجماعات الإرهابية والتكفيرية. وحظيت المصالحات بصدقيّة عالية، وهي تشمل المزيد من المناطق وتساهم في تفكيك ما سمي بالبيئة الحاضنة للتمرد والإرهاب.
المعنى السياسي الأبرز للانتخابات الرئاسية هو سير سورية بقيادة الرئيس الأسد في طريق التعافي ونحو التعددية الديمقراطية التنافسية، إذ أكد الرئيس الأسد حرصه على الدفع بها عن طريق الحوار الوطني المستمر.
ما بعد انتصار سورية في الانتخابات الرئاسية سيكون غير ما قبلها، داخل سورية وحولها، مع التأكيد أن الأشهر المقبلة ستشهد مزيداً من التقدم في عمليات الحسم والمصالحة والحوار لتفتح الأبواب أمام مرحلة إعادة البناء الشاملة للبلاد بعمرانها واقتصادها الوطني ولدورها المحوري في المنطقة والعالم.
سيرياديلي نيوز- نور الدين الجمال
2014-06-14 19:08:06