المقال ليس تحليلاً سياسياً بل حصاد متابعات مع قيادات تعليمية وسياسية روسية وقبلها سوفياتية.

ـــ هناك علاقات تزاوج بين جميع سكان الاتحاد السوفياتي من كل الأعراق والأديان والإثنيات والأجناس.

ـــ يلاحظ أي متابع بأن الشعب الروسي أقل شعوب الاتحاد السوفياتي عنصرية أو التعصُّب القومي يليه الشعب الأرمني فالتسامح لغة الشعبين.

ـــ الشعب الأوكراني والشعب الجورجي مع شعوب دول البلطيق أكثر شعوب الاتحاد السوفياتي تعصباً قومياً وينظروا إلى الروس كفلاحين غير مؤهلين لقيادة الاتحاد السوفياتي.

ـــ قرَّب خروتشوف الأوكرانيين من مراكز القرار كما وهب شبه جزيرة القرم لأوكرانيا في سنة 1954. وسبقه ستالين عندما قرَّب سكان جورجيا إلى مراكز القرار في عهد حكمه للاتحاد السوفياتي. وما يحْدث الآن في أوكرانيا متابعة لما حدث في جورجيا سنة 2008.

ـــ ما أن تُذكر شبه جزيرة القرم أمام الروس حتى يلعنوا خرتشوف فقد اعتبروا عمله سرقة موصوفة فشبه جزيرة القرم عزيزة على قلب كل روسي للتضحيات التي قدمها لتحريرها من المعتدين عليها وآخرها تحريرها من النازية ولا ينسوا تحرير شبه الجزيرة من أيدي الأتراك في عهد الإمبراطورة يكترينا الثانية.

ـــ معظم سكان شبه جزيرة القرم روس ولهم علاقات قرابة مع السكان الروس في روسيا الاتحادية.

ـــ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عانى السكان الروس في دول البلطيق حالات انتقام حاول العالم الغربي طمسها فقد مورست عليهم جرائم إرهابية وطُرِد بعضهم من بيوتهم إلى المجهول. علماً بأن نسبة السكان الروس تصل إلى 20 % كحد أدنى في كلٍ دولة من دول البلطيق. ودَمَّرت قيادات تلك الدول الآثار التي تدل على تحرير تلك الدول على أيدي الجيش الأحمر من الفاشية الهتلرية بينما ما زالت واقفة في النمسا.....هل المجهول سيأتي من تلك الدول أيضاً. هذا ليس كلامي ولكنه كلام استاذ من جامعة ستنكين الحكومية حضَّرت معه رسالة الدكتوراه في روسيا وقد حدث ذلك في نيسان 2013 أي قبل الأزمة الأوكرانية وهو جورجي الأصل وزوجته روسية.

ـــ جرت حوادث مشابه في جورجيا ولكن أقل حدة كما جرت حوادث متقاربة معهما في شبه جزيرة القرم وفي المناطق الشرقية والجنوبية لأوكرانيا ضد الروس قبل الأزمة الأوكرانية بكثير وهذه المناطق غنية بفلزاتها وصناعاتها السياحية والمعدنية. وهي الآن تنتفض رداً على ممارسات الحكومات الأوكرانية المتعاقبة.

ـــ انتفاضة سكان شبه جزيرة القرم كانت من الأمور الطبيعية بعد إعلان حكومة كييف المؤقتة  بأن اللغة الرسمية الوحيدة في المشافهة والكتابة هي اللغة الأوكرانية ولم يكن لروسيا الاتحادية أي يد لدفعها ولكنها نادت العالم المتحضر للضغط على السلطات الانقلابية لتنفيذ إصلاحات دستورية وفي مقدمتها أن تتشكَّل أوكرانيا من فيدراليات بحسب جنسية أغلبية السكان لضمان حقوق تلك الشعوب.

ـــ إن ضغط سكان شبه جزيرة القرم ومنطقة سيفاستوبل دفع بالقيادة الروسية للاستجابة لنتائج الاستفتاء وقبول شبه جزيرة القرم ومنطقة سيفاستوبل كجزء من دول الاتحاد الروسي الفدرالي وقدمت للسكان هناك دعماً مالياً من خلال رفع الأجور إلى الضعف ومساندة الميزانيات وتأمين منتجات غذائية للسكان بسبب حالات الفقر وغلاء المعيشة التي يعانى منها السكان.

ـــ تعْلم واشنطن والغرب وحتى كييف بأن انضمام شبه جزيرة القرم ومنطقة سيفاستوبل نهائي وقانوني وحق

دولي للسكان في المنطقتين ومحاولات التحريض ليست إلا ذرائع لإشغال روسيا الاتحادية في حديقتها الداخلية لحماية مشاريع واشنطن وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وتوجهات واشنطن نحو الشرق الأقصى.

ـــ حصرت واشنطن الخلاف بين أوكرانيا وروسيا بأن السلطة الأوكرانية المؤقتة تريد إجراء الانتخابات الرئاسية بينما روسيا تريد أولا إصلاحيات دستورية وبعدها إجراء الانتخابات. وتعْتبر القيادة الروسية هذا الحصر هو تبسيط هزلي لما يحْدث في أوكرانيا فالأصل ضمان حق الشعب أي شعب في تقرير مصيره.

ـــ تعْتبر واشنطن وزبانيتها بأن الانتخابات في أوكرانيا ستكون ديمقراطية على الرغم من أن أكثر من ثلث مساحة أوكرانيا الجغرافية خرجت ومن دون عودة إلى أوكرانيا بينما هي لن تكون ديمقراطية في سورية مع معرفتها بأنه لا يوجد مناطق ساخنة أو مفصولة عن سورية بل بؤر متوترة. كما أن الفاشية الأوكرانية تمنع البعض حتى من الوصول إلى مكتب تقديم طلبات الترشُّح كما حدث مع أوليغ تسارييف في كييف.

ـــ إن أي اجتماع دولي حول أوكرانيا يهدف إلى إطالة الأزمة, كما أن الضغوط الاقتصادية على الاتحاد الروسي لا تزيد على فقاعة صابون تضيع في الهواء من دون أثر. ويعلم الغربيون وواشنطن بأن آثار الضغوط الاقتصادية على الاتحاد الروسي سترتد مضاعفة عليهم. ويجب أن لا ننسى ضغوط اقتصادية سابقة جرت خلال أزمة جورجيا وأبخازيا وتدخل روسيا المباشر لحلها وفق القانون الدولي ونجحت روسيا وخسر الغربيون. وقد وُجِهت الأزمة المالية والاقتصادية القبرصية في جزءٍ منها ضد الأموال الروسية في البنوك القبرصية ولكن ربحت روسيا الاتحادية وخسرت قبرص والبنك الدولي. منذ بداية عهد بوتين الجديد صدرت مجموعة من القوانين لتشجيع السكان في روسيا الاتحادية للاستثمار ضمن بلدانهم. يوجد بعض المساكن مملوكة من السكان الروس.

ـــ ليس لروسيا أي دور فيما يحْدث في المناطق الشرقية لأوكرانيا وهمها الوحيد منع نشوب حرب أهلية في تلك المنطقة أو أي منطقة أخرى في أوكرانيا.

ـــ أي متابع حيادي يعْلم بأن ما يحدث في كييف قريب من التصرفات الفاشية التي حدثت في بعض مناطق ألمانيا. والغرب يصم آذانه عن هذه الأحداث وكل ما يريده إطالة الأزمة في أوكرانيا لأنه لا يخْسر من أمواله ولا يعرِّض جيوشه لأي تضحية. والغرب المتوحش لا يهتم بسمعته الدولية فهي سيئة أمام كل الشعوب المستضعفة ما دامت قيادات تلك الدول تخضع للقرار الغربي الأميركي.

ـــ ليس من صفات القيادات الروسية إيصال الحالة في أوكرانيا إلى حالة من الانهيار بسبب قطع إمدادات الغاز وإذا قامت القيادة الروسية بهذا التصرف فهو سيكون لمدة قصيرة وبسبب دفع واشنطن للقيادة الأوكرانية المؤقتة نحو قرارات طائشة. وقد عبَّر بوتين عن ذلك بأن روسيا ما زالت تقدم الدعم لأوكرانيا بينما لم تُقدِّم واشنطن وأوربا الغربية سوى الوعود والتحريض.

ـــ لن يتعظ الفكر النازي المسيطر على القيادات المؤقتة الأوكرانية من كل تصرفات الغرب بزعامة واشنطن ومما حدث في جورجيا وأبخازيا. فالفكر النازي أعمى وأطرش ولسانه بعدة شطلات. 

ـــ من السخافة بمكان أن يتأثر اقتصاد روسيا بعقوبات مرتدة على من يفرضها. فإذا إيران صمدت في وجه عقوبات الغرب وواشنطن في ظروف صعبة وضعِف اقتصادي قريب من الانهيار ومع ذلك نهضت الثورة الإيرانية وبنت إيران القوية الحديثة وها سورية تصْمد في وجه عقوبات اقتصادية أميركية وغربية ومن العربان. فهل يُعْقل أن تتأثر روسيا واقتصادها القوي بعقوبات اقتصادية مردودها أقصى على فارضها؟ّ!.   

ـــ يراهن الغرب وواشنطن وربيبتهما إسرائيل على إجراء تحول في سياسة روسيا تجاه ما يحْدث في سورية بسبب ما يحدث في أوكرانيا. وهذا من أحلام اليقظة في تلك الدول, وإذا كان هناك من يشكك في ذلك فهو ليس ضمن قيادات تلك الدول بل من بين أصحاب النفوس المريضة وضمن الفئات التكفيرية والمجموعات المسلحة والدول الممولة والداعم لهم وقد عبرت عن ذلك القيادة الروسية بشكلًٍ مستمر وكان آخرها في برقية التهنئة للرئيس الأسد بعيد الجلاء.

ـــ لن يؤدي الصراع في الشرق الأوسط وخاصة الصراع في سورية وعليها من قبل دول متآمرة إلى حرب عالمية لتأثيرها المباشرة على ربيبة واشنطن إسرائيل وعلى منابع النفط المستولى عليها من واشنطن والغرب.

ـــ لم تختلف نتائج اجتماع الرباعية في جنيف عن نتائج جنيف 1 في حزيران 2012 والاختلاف في تفسير سحب

السلاح من الجميع والانسحاب من المباني الحكومية التي تسيطر عليها فالتفسير الأميركي يتجه نحو شرق وجنوب أوكرانيا بينما التوجه الروسي نحو ما يجري في كييف أولاً. نفس التناقض في تفسيرات مؤتمر جنيف 1.

ـــ تحاول أمريكا إطالة الأزمة في أوكرانيا وربطها فيما يجري في سورية بهدف تأمين انسحاب مشرِّق للقوات الأميركية من أفغانستان وليس هرباً كما حدث في العراق. ولن تنجح واشنطن في مساعيها لأنها تعاند المواثيق والقوانين الدولية التي تستند إليها روسيا الاتحادية.

ـــ انتهى اهتمام الغرب من مسألة شبه جزيرة القرم بعد عودته إلى حضن الدولة الروسية ولهذا فهو يبحث الآن عن مبررات جديدة لزيادة التوتر في مناطق أخرى من أوكرانيا الجغرافية فوجدها في شرق أوكرانيا.

ـــ تفعيل الغرب بزعامة واشنطن ضد أحداث سلافيانسك يتشابه مع يجري في سورية بعد القصير وبدء تحرير القلمون من أيدي المجموعات المسلحة. وما يحدث في سلافيانسك مناورة مكشوفة للضغط على روسيا ومحاولة لتمدد نفوذ حلف الأطلسي للحديقة الخلفية لروسيا وقد حذرت القيادة الروسية من هذا التمدد وعبرت عن ذلك على لسان الرئيس بوتين ووزير الخارجية لافروف. ومع حشد 700 جندي أمريكي في وارسو لمناورة عسكرية مشتركة قابله وبسرعة مناورة عسكرية روسية على حدود أوكرانيا الشرقية الجنوبية لجميع صنوف الأسلحة.

ـــ ادعت السلطات الأوكرانية المؤقتة بأنها أنهت "تمرد" سلافيانسك وهي كاذبة بما تدعيه كما كذبوا بشأن احتلال المجموعات المسلحة بعض المواقع في سورية.

ـــ تتهم واشنطن استخدام الروس في الشرق الأوكراني للأسلحة الكيميائية كما قامت بتوجيه نفس التهمة إلى الجيش السوري في مناطق متعددة ضد المجموعات التكفيرية المسلحة.

ـــ هاجم لافروف كيري بحدة وطالبه بالاعتذار على التهم الأميركية لروسيا ووصفه بالغباء وذلك على خلفية دور فضائية روسيا اليوم بفضح بعض ما يُحاك ضد أوكرانيا.

ـــ تستخدم واشنطن والغرب نفس السياسات التي اتبعوها في سورية وحتى نفس العقوبات الاقتصادية وحذرت الشركات الأميركية والغربية التي تعمل في روسيا بفرض عقوبات عليها إذا لم تنسحب من العمل فيها. وهذا العقوبات ستؤثر على الأموال لمواطنين من تلك الدول وستربح روسيا مشاريع قائمة.  

ـــ عمدت شركات بطاقات الدفع الإليكترونية مثل فيزا كارت لمنع استخدامها في روسيا مما دفع القيادة الروسية للبدء بمشروع وسائل دفع مشابهة مما يحرم تلك الشركات من أرباحها التي تصل إلى مئات ملايين الدولارات.

ـــ أعلنت القيادة الروسية عن استعدادها التصدي لأي جهة تحاول المساس بمصالحها. وهذا تهديد صريح وواضح

وعلني للولايات المتحدة الأميركية وأي دولة غربية أو من العربان.

ـــ أعلن أوباما تأييده لليابان بالمطالبة بالجزر التابعة لروسيا الاتحادية والتي تعْتبرها اليابان جزءاً من أراضيها وهذه مشْكلة جديدة تطفو كورقة جديدة لزيادة التوتر مع روسيا.

لم تنتهِ بعد دورة التاريخ وتثبيت الشكل الجديد للعالم الجديد. مما تؤكده الحكمة التاريخية بأن طباخ السم سيتذوقه في القريب العاجل, والقريب العاجل في عمر الدول قد يكون سنة أو بضع سنوات.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات