أعلن رئيس الحكومة التونسيّة المؤقتة مهدي جمعة رسميّاً عن إفلاس تونس، فماذا يعني أن تقترض تونس لسداد أجور موظفيها؟ وماذا يعني إعلان محافظ البنك المركزي بأنّه قد أحاط رئيس الجمهورية المؤقت علماً بتدهور وضع الميزان التجاري التونسي الذي بلغ مستويات دقيقة؟ وماذا يعني تحذير الحكومة من وضع اقتصادي «صعب»، قالت إنه قد يصبح «كارثياً» إذا لم يكن الشعب التونسي مستعداً لتقديم «تضحيات» لإنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد؟

تصريحات.. وتحذيرات

تزامنت التصريحات المتعلّقة بالوضع الإقتصادي في تونس والتي تؤكد جميعها أن تونس تعيش أزمة خانقة، قد تصل إلى حد الإعلان الرسمي عن إفلاس البلاد، ففي تصريح للخبير بالبورصة التونسيّة محمود البارودي لـ«تانيت برس» أكد أن الوضع الإقتصادي في البلاد كارثي، مضيفاً بالقول «تونس ستعجز عن خلاص أجور الموظفين العموميين في الأشهر القليلة القادمة ضف إلى ذلك أنه سيتم خلاص قسط من أحد القروض هذا الشهر وهو ما سيّجبر الحكومة التونسيّة أن تتخذ قرار بأن تقترض من أموال بيع أسهم شركة إتصالات تونس».

وأردف  البارودي  بالقول إن على حكومة مهدي جمعة مصارحة الشعب التونسي بالوضع الإقتصادي المتأزم جداً وتحديد المتسببين فيه، مضيفاً بأن البورصة في ركود تام وحجم المعاملات تقلص بشكل كبير.

وفي لقائه برئيس الجمهورية المؤقت بقصر قرطاج أشار العيّاري إلى أنّه قد أحاطه علماً بتدهور وضع الميزان التجاري التونسي الذي بلغ مستويات دقيقة بسبب التباين الكبير الموجود بين قيمة الصادرات وحجم الواردات وتراجع الاستثمار الوطني والأجنبي في البلاد.

وبيّن أنّ عجز الميزان التجاري الوطني يعد أمراً أخطر من العجز في الميزانية العامة للبلاد نظراً لما يتطلبه من موارد مالية من العملة الصعبة على عكس عجز الميزانية العامة الذي يمكن تسديده بالدينار التونسي، داعياً الجميع إلى ضرورة التّحرك السّريع لتدارك الوضع عبر تنمية الصادرات والضغط على الواردات وتشجيع الاستثمار.

وفي المقابل يرى رجل الأعمال التونسي حمدي المدّب أن الوضع في البلاد ليس بتلك الخطورة التي يروج لها البعض فقد مرّت البلاد التونسيّة سابقاً بضروف أكثر خطورة على غرار أحداث 1978 وغيرها، مضيفاً بأنه يتوجب على رجال الأعمال الوطنيين الإستثمار في تونس ومضاعفة مجهوداتهم لا مجرّد ترديد المقولات عبر المنابر الإعلاميّة والبحث عن الشهرة عبر الظهور الإعلامي.

أرقام مفزعة...

أفاد صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي بشأن الوضعية الاقتصادية في العالم، أن تونس سجلت أعلى نسبة بطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحسب التقرير فإنه من المنتظر أن يسجّل تقدم في النمو الاقتصادي بتونس.

وأشار التقرير إلى أن معدلات البطالة تتجاوز 25٪ في المناطق الداخلية غربي الجمهورية التونسية وجنوبها، كما يقدر عدد العاطلين عن العمل في صفوف أصحاب الشهادات العليا قرابة ثلاثمائة ألف عاطل عن العمل من أصحاب الشهادات العليا ينتظرون إدماجهم في سوق العمل، رقم تؤكد السلطات أن هذه السوق غير قادرة على استيعابه فيما يدعو العاطلون عن العمل والاتحادات الممثلة لهم إلى إيجاد حلول عاجلة بغية تحقيق مطلب تصدر مطالب الثورة التونسية.

وأشار التقرير إلى أنّ الناتج المحلي الخام لتونس سيشهد نمواً بنسبة 3٪ سنة 2014 مقابل 2.7٪ في 2013 أماّ بالنسبة إلى 2015 فقدّرت النسبة بـ4.5٪.

وبالنسبة لمؤشر السعر عند الاستهلاك فتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل انخفاض ملحوظ في الأسعار سنة 2014 بنسبة 5.5٪ مقابل 6.1٪ في 2014 على أن يتواصل الانخفاض في 2015 ليصل إلى 5٪..

قال  تقرير صادر عن البنك الدولي إن الدول التي تمر بمرحلة تحول في منطقة الشرق الأوسط وهي «مصر وتونس واليمن» بحاجة إلى تمويل خارجي بقيمة 50 مليار دولار في عام 2015.

وذكر التقرير أنه خلال الفترة من كانون الثاني2011 إلى شهر آب 2013 ، تم صرف ما يقدر 38.5 مليار دولار من الأموال الخارجية، أكثر من نصفها جاء من دول الخليج.

وأدى ارتفاع  الإنفاق الجاري وانخفاض الإيرادات إلى زيادة العجز المالي والدين العام، مما يجعل البلدان عرضة للصدمات الاقتصادية، ففي تونس، لا يزال دعم الطاقة يمثل 5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل مجموع العجز في ميزانية الحكومة.

وفيما يتعلّق بمعدلات الفقر فقد سجلت ارتفاعاً لتصل في سنة 2013 إلى 15.7% مسجلة إرتفاع بـ2.2% مقارنة بسنة 2012، وفقاً لما أكّده المدير العام المعهد الوطني للإحصاء، كما ان نسبة الفقر المتقع قد ارتفعت لتصل نسبته إلى 4.6% لهذه السنة.

ارقام ومؤشرات مفزعة وتصريحات ناريّة تدعوا التونسيين إلى مزيد تقديم التضحيات، في ظل تكتم من طرف حكومة مهدي جمعة عن الذين اغرقوا البلاد وأوصلوها إلى هذا المنعرج الخطير وفاقموا عجزها  وأغرقوها في حول التداين والإقتراض، تمهيداً لبيعها في المزاد العلني.

 

سيريا ديلي نيوز -تانيت برس


التعليقات