لطالما شكل تداخل صلاحيات عدد من الوزارات والجهات مشكلة أبطأت عمليات تطوير مختلف قطاعات الصناعة الوطنية على مدى العقود الماضية وظل حلها هاجس الإدارات المسؤولة المطالبة بخلق آليات ترفع الكفاءة وتطور خطوط الإنتاج.

إحدى أهم هذه القطاعات وزارة الصناعة المطالبة وخاصة خلال هذه الفترة بإعادة بناء وتأهيل الصناعة لتعود إلى الإنتاج بالمستوى المطلوب فالوزارة ليست الوحيدة المعنية بشؤون الصناعة بقطاعيها العام والخاص إنما هناك وزارات وجهات أخرى ذات علاقة مباشرة وغير مباشرة بها أبرزها وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والمالية والزراعة والإدارة المحلية وغيرها إضافة إلى اتحادات غرف الصناعة والزراعة والتجارة الأمر الذي يتطلب إيجاد إطار لتنسيق جهود كل هذه الجهات بما يطور الصناعة المحلية ويعيد إقلاع منشآتها.

وتلافيا لهذه المشكلات وبغية إنجاز الأهداف المتعلقة بالتطوير أعدت وزارة الصناعة صكا تشريعيا لإحداث مجلس أعلى للصناعة الوطنية يضم وزير الصناعة وعددا من الوزراء المعنيين بهدف تكامل العمل تكون قراراته نافذة في كل الوزارات والجهات الممثلة فيه ويعمل على التصدي للظروف الحالية عبر وضع استراتيجية القطاع الصناعي على السكة الصحيحة لتنمية وتطوير قدراته في ضوء ما تعرض له من اضرار ولتفعيل دوره التنموي في العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى.

ويقع على هذا المجلس كما أوضحت مديرة التخطيط في الوزارة ريم حلله لي مسؤولية تحديد رؤى مستقبلية للقطاع الصناعي من خلال استراتيجية طويلة الأجل تمتد لخمسة وعشرين عاماً قادماً تتحدد فيها مسؤوليات والتزامات الوزارات المعنية حيال المشاريع الاستثمارية التي ستقرها تلك الاستراتيجية المتضمنة إقامة صناعات تتوفر موادها الأولية محلياً وتحقق قيمة مضافة عالية.

وأشارت حلله لي في تصريح لمندوب سانا إلى أهمية انتقاء قطاعات صناعية للقطاع العام والتخلي عن بعض الصناعات للقطاع الخاص ولا سيما الصناعات التي تعتمد على الموضة وأذواق المستهلكين والصناعات ذات الصفة الحرفية بما يجعل هذا القطاع يؤدي دوره في عملية التنمية.

وأكدت ضرورة إعادة بناء الصناعة وتأهيلها بالشكل الذي يلبي الطموحات ويرتقي بها للمستوى المطلوب من خلال استقدام تكنولوجيا حديثة ومتطورة تنعكس إيجاباً على نوعية وكلفة المنتج إضافة إلى إيجاد بيئة عمل تجمع الوزارات والاتحادات المعنية ذات الصلة بالقطاع الصناعي وترسم ملامحه على المديين المتوسط والطويل وتحلل مفرزات الأزمة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب قرارات استراتيجية تعالج الوضع الصناعي الحالي القائم والتحديات التي يواجهها.

وينص الصك التشريعي على أولويات عمل المجلس المتمثلة بوضع استراتيجية صناعية تركز على الصناعات التي تتوافر موادها الأولية محلياً كونها تحقق قيماً مضافة عالية وتتمتع بميزة تنافسية إضافة إلى إعادة هيكلة القطاع الصناعي وتحديد نقاط القوة والضعف في الفروع الصناعية المختلفة وانتقاء صناعات يختص بها القطاع العام في حين يأخذ الخاص دوره في التنمية في الصناعات الأخرى.

وإلى جانب ذلك يتضمن الصك إقرار الخريطة الاستثمارية الصناعية وتوزع المناطق الصناعية النوعية على مستوى سورية بحيث تضم كل التجمعات الصناعية ولا سيما الواقعة داخل المخططات التنظيمية للمدن والتركيز على تطبيق مبدأ العناقيد الصناعية إضافة إلى إقرار دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية التي تدرج في الاستراتيجية.

ولأن تمويل هذه المشاريع يشكل قضية في غاية الأهمية لنقل هذه الدراسات الموافق عليها الى مرحلة الشروع بتنفيذها فقد أناط الصك التشريعي مسوءولية تحديد طريقة التمويل المناسبة بالمجلس مع السعي للتطوير المستمر والدائم لتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية والإدارية التي تحكم عمل القطاعين العام والخاص بما يتلاءم مع الحاجة الفعلية إلى جانب تفعيل مبدأ التشاركية مع القطاع الخاص ومنح التسهيلات اللازمة لجذب الاستثمار الخارجي.

وأكدت حلله لي أهمية الالتزام بمبدأ الإدارة الاقتصادية والمحافظة على ملكية الأصول الثابتة وصون حقوق العمال والابتعاد عن فكرة الخصخصة بكل أشكالها مبينة أن المجلس تقع عليه مسؤولية إقرار أنواع الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إلى تمويل ووضع سياسات إقراضها وإيجاد حاضنات للصناعات الحرفية التي تحمل الهوية السورية ومتابعة أوضاع القطاع الصناعي الخاص وحل مشكلاته بما يتوافق مع سياسة الدولة وبما ينسجم مع الاستراتيجية الصناعية التي يضعها المجلس.

وتتكافل هذه الخطوات مع جهود وزارة الصناعة في دعم وتطوير الصناعات التصديرية وصناعات بدائل المستوردات لتوفير القطع الأجنبي اللازم ومساعدة الصناعات القائمة في المناطق النامية والأكثر تضرراً وإقامة التجمعات العنقودية الصناعية ووضع خريطة صناعية تراعي التنمية المتوازنة جغرافياً الأمر الذي من شأنه أن يعيد للصناعة السورية ألقها ويرفع من كفاءتها لتستعيد مكانتها في دفع الناتج المحلي والوطني والنهوض بسورية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات