سيريا ديلي نيوز

 

استنكر العالم الجرائم الإرهابية التي أودت بحياة آلاف الأميركيين الأبرياء في الاعتداءات السافرة على مبنيي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع "البنتاغون" في واشنطن. وتعلقت عيون الناس مع الأخبار التي بثتها الفضائيات في العالم. لقد ملأت عبارات الشجب والإدانة العناوين الرئيسية للصحف في جميع أرجاء المعمورة، فلا يوجد إنسان سمع بالخبر إلا وعبر عن اشمئزازه من هذا العمل الإرهابي الفاجر، فقد نهت عنه جميع الأديان السماوية وحذرت من ارتكابه واعتبرت مثل هذه الأعمال من أكبر الكبائر، وقام الإعلام الأميركي بدوره في شحذ الهمم للتعاضد مع الشعب الأمريكي، وتنادى قادة العالم لمحاربة الإرهاب معبرين عن مساندة أميركا في مواقفها من أجل وضع حدٍ لأعمال العنف والإرهاب.

بعد هذا الاستنكار الشامل والتأييد المناسب للشعب الأميركي هدأت النفوس وفكرنا بالعقول لنصل إلى التحليل الصحيح للأحداث الإرهابية التي صدمتنا بعنفها وبشاعتها مؤكدين أن العقاب العادل يجب أن يطال جميع من يمارس الإرهاب في العالم مع التمييز الدقيق والواضح بين الإرهاب المنظم وإرهاب الدولة وإرهاب الأفراد مع نضال الشعوب ضد إرهاب الدولة المستعمرة والمحتلة لأراضي الغير بالقوة مثل الأعمال الإرهابية التي تمارسها الدولة العنصرية الصهيونية إسرائيل ضد الشعب العربي في الأراضي المحتلة وفي فلسطين ضد أطفال ونساء الانتفاضة وتغتال القيادات الفلسطينية التي لا تملك إلا حجارة طاهرة من فلسطين المحتلة، لقد صرخ أطفال الحجارة والنساء من فظاعة إرهاب حكام إسرائيل ولم يسمع العالم صراخهم من ضجيج حضارة زائفة مبنية على صناعة القتل قبل الحياة، وحتى أبقى في نفس الموضوع أكتفي بذكر عبارتين عن الانتفاضة وحضارة القتل:

1 ـــ إن صوت فلسطين الجريحة وانتفاضتها الباسلة سيستمر عالياً قوياً وأقوى من أصوات قذائف الدبابات والمدافع ومن أزيز طائرات الإرهابيين الصهاينة.

2 ـــ إن الأموال التي تنفقها الدول العظمى على وسائل الدمار الشامل تفوق عشرات المرات الأموال التي تنفقها تلك الدول على البحث العلمي من أجل صحة الإنسان والمحافظة على البيئة المحيطة، لهذا نحن نعيش حضارة صناعة القتل قبل الحياة.

النقطة الأولى في أصل الموضوع هي حالة إرهاب الأفراد، فلو أردنا أن نرتب دول العالم بحسب عدد جرائم القتل والاغتصاب منسوباً لعدد سكان كل دولة لوجدنا أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى بين جميع دول العالم، ففي جميع مدنها شوارع كاملة لممارسة الأعمال الإرهابية من أجل حفنة من الدولارات وأحياناً من أجل سيجارة واحدة، ونجد أيضاً أن اغتصاب الفتيات من غير البالغات أصبح عادة دارجة يعانيها المجتمع الأمريكي، وحتى أطفال المدارس يستخدمون السلاح الحربي في القتل، لأن الثقافة المرئية في البلد مليئة بأفلام الرعب والقتل والدعارة وهي تؤثر في بناء جيلٍ لا يتورع عن القتل وارتكاب كل أشكال الإرهاب.

النقطة الثانية  حول الإرهاب المنظم وإرهاب الدولة: فإذا استبعدنا إرهاب منظمات المافيا المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية فيبقى أمامنا أن نستعرض إرهاب الدولة من حيث ممارسته بشكلٍ مباشر أو باستخدام رجال المخابرات وعملائهم، وفي هذا المجال تقف الولايات المتحدة في المرتبة الأولى، فقد بدأت أعمالها الإرهابية بإلقاء القنابل النووية على كل من هيروشيما ونكازاكي.

مهما حاولت أن أصف ما شهدته من مناظر الرعب في عيون الجثث المحنطة وأشكال الموت المعروضة في

متحف الكارثة بمدينة هيروشيما فلن أستطيع. أنه عمل إرهابي خارج الحدود التي يمكن أن يتقبلها العقل البشري. لقد كان هذا العمل انتقاماً همجياً من اليابانيين جمعيهم وليس من الجيش الياباني ولا يمكن أن يصدقه العقل.

 وبعد أن مضى أكثر من نصف قرن على هذه الكارثة تطورت خلالها "حضارة القتل قبل الحياة" بشكلٍ لا يمكن تصور النتائج المباشرة وغير المباشرة عندما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية التكنولوجيا الحربية الحديثة في انتقامها، و نتساءل مع البشرية جمعاء عن عدد المرات التي استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية ترسانتها الحربية الحديثة في انتقامها فهي لم تتوقف عن ممارسة أعمالها الإرهابية ضد معظم شعوب الأرض أذكر منها الممارسات التاريخية الآتية وحتى سنة 2001: 

1 ـــ الأعمال الإرهابية المستمرة على كوبا بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الجائر عليها.

2 ـــ جرائم الحرب ضد الشعب الفيتنامي.

3 ـــ  الإطاحة بنظام الحكم الاشتراكي في تشيلي وإيصال الدكتاتور بينوشيه إلى سدة الحكم وممارساته الإرهابية ضد الشعب التشيلي الأعزل ومن ثمَّ ضرب نظامه لخروجه عن طاعة واشنطن.

4 ـــ مساعدة تجار المخدرات في كولومبيا بالسلاح والعتاد ثم مساعدة الحكومة ضدهم بعد أن استفحل أمرهم وأصبح لهم تأثير على زيادة توزيع المخدرات في أميركا والعالم عن الحدود المقبولة من الإدارة الأميركية.

5 ـــ  مساعدة الأفغان في حربهم ضد الدولة السوفياتية وإيصال حركة الطالبان إلى سدة الحكم لممارسة التعصب الديني المرفوض من الإسلام والمسلمين، وها نحن نرى كيف انقلبت عليهم هذه الحركة.

6 ـــ  دعم الإرهاب الشيشاني ضد روسيا والسكان الآمنين فيها.

7 ـــ  ضرب معمل الأدوية في السودان بحجة إنتاج بعض الأسلحة الكيماوية زوراً وبهتاناً وفرض الحصار.الاقتصادي الجائر على السودان.

8 ـــ  توريد الأسلحة إلى المتطرفين في الجزائر بهدف إنهاء علاقة الجزائر مع فرنسا كي تحتل مكانها.

9 ـ محاربة الثورة الإيرانية من خلال دعمها للحرب بين العراق وإيران البلدين الجارتين المسلمتين وتقضي أيضاً على إمكانات العراق الاقتصادية، وكانت قبلها قد جعلت من شاه إيران شرطي في المنطقة لتنفيذ رغباتها.

10 ـــ الإيحاء للعراق في احتلال الكويت كي تجمع ضده معظم الدول العربية والإسلامية بالإضافة إلى الدول المتقدمة وفرض الحصار الجائر على الشعب العربي في العراق وتجميد أرصدته المالية ومتابعة شن هجماتها

ضده بشكلٍ سافر حتى تُحْكِم سيطرتها على منابع النفط وإقامة العديد من القواعد العسكرية في بعض دول الخليج.

11 ـــ  ضرب العديد من مدن يوغسلافيا وخاصة بلغراد مما أدى إلى قتل آلاف السكان الصرب بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان التي تنتهك يومياً في قلب القارة الأميركية.

12 ـــ  ضرب الأحياء السكنية في ليبيا وفرض الحصار الجائر عليها وتجميد أرصدتها في جميع البنوك الدولية التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية.

13 ـــ أقامت النظام العالمي الجديد بزعامتها حيث لا مكان فيه للدول الفقيرة كي تستمر التروستات الغربية وخاصة الأميركية منها من استغلال ثروتها بشكلٍ بشِع.

14 ـــ محاباتها ودعمها للنظام العنصري الذي كان في جنوب أفريقيا رغم قرارات الأمم المتحدة بالوقوف في

وجه هذا النظام.

أن ما ذكرته أعلاه يشكل الجزء اليسير من ممارسات الإدارات الأميركية المتعاقبة في الإرهاب حتى سنة 2001 وهي مستمرة في اعمالها الإرهابية في احتلال العراق وترك بصماتها الإرهابية حتى هذه الأيام, كما مارست إرهاباً إجرامياً في أفغانستان واليمن وليبيا وفي سورية.... ولم أنسَ ولن أنسى الدعم اللا محدود الذي تقدمه للكيان العنصري في إسرائيل الذي مارس ويمارس كل أشكال القتل والتشريد ضد الشعب العربي في فلسطين والجولان وجنوب لبنان من دون أن تحرك ساكناً ضد تلك الدولة الإرهابية بل على العكس تشجعها على تنفيذ مثل هذه الأعمال. فماذا فعلت عند حدوث مجازر صبرا وشاتيلا أو مجزرة قانا والمجازر اليومية في فلسطين المحتلة سوى التأييد وتقديم الدعم.

ولن ننسى كيف وقفت الولايات المتحدة الأمريكية ضد الدكتور بطرس غالي عندما كان أميناً عاماً للأم المتحدة فقد سخَّرت كل إمكانياتها لمنع انتخابه للمرة الثانية أميناً عاماً للأمم المتحدة بعد أن كانت قد وعدته بإعادة انتخابه وضربت عرض الحائط كل مبادئها التي تزعم أنها تنادي بها لأنه أدان إسرائيل في تقريره عن مجازر قانا،

إن ممارسات أميركا الإرهابية أصابت معظم شعوب العالم ولهذا فإن العداء للسياسة الأميركية شامل لسطح الكرة الأرضية، ومع ذلك فأن العرب والمسلمين لا يقرون العمل الإجرامي في نيويورك وواشنطن لأننا مؤمنون بقوله تعالى " ولا تزر وازرةٌ وزرَ أخرى"، ومن عاني ويعاني من الإرهاب يستنكره في كل مكان ومهما كان مصدره ولا يريد أن يعاني منه الإنسان في أصقاع المعمورة0

وحتى تكون المواقف نابعة من العقل وليس من عواطف حيوانية غير إنسانية فعلى الإدارة الأمريكية أن تجيب وبالدليل القاطع على السؤالين الآتيين:

1 ـــ هل تستطيع القيادة الأمريكية أن تفسر لنا بوضوح كيف تمّّ تفجير البرجين؟ وهل يستطيع من اتبع بعض الدراسات في الطيران أن يقوم بهذا العمل الدقيق بدأً من اختطاف الطائرات وقياداتها وتغيير مساراتها والهبوط بها إلى هذا الارتفاع المنخفض وزيادة سرعتها على هذا العلو المنخفض ليتوجه بهذه الدقة نحو أهدافه؟!.

أن أي مواطن عاقلٍ لا يقبل بالعقل والمنطق أن يقوم بمثل هذا العمل إلا طيار ماهر ومدرب على أعلى المستويات، لأن أي إنسان إذا أراد قيادة سيارة(وليس طائرة) يحتاج إلى أكثر من ثلاثة أشهر للسيطرة عليها بشكلٍ مناسب، فكيف أستطاع المتهمون من إتقان عملهم والطائرة تطير بسرعة لا تقل عن 900 كيلومتر في الساعة؟.

ويجب أن نتذكر بأن الإدارة الأمريكية لم تبين بالدليل القاطع أن من اتهمتهم في تفجير برجي التجارة العالمية, وهم في عداد الموتى, هم الإرهابيون المفجرون للبرجين من دون دعمٍ لوجستي لهم, كما عليها توضيح علاقتهم مع أسامة بن لادن وبما يقطع الشك باليقين، فحتى هذه اللحظة كل الاتهامات التي توجهها هذه الإدارة هي شكوك لا ترقى إلى مرتبة الاتهام، وبانتظار التوضيحات فإننا نعتبر المتهمون مخطوفون وأبرياء. كما عليها أن تبين لماذا قتلت بن لادن وهو على فراش المرض ولم تعمل على القبض عليه ومحاكمته أمام العالم رغم مشاركته في تدمير برجيي التجارة العالمية في نيويورك.

2 ـــ إذا افترضنا أن الإدارة الأمريكية تمكنت من الإجابة على الفقرة الأولى بكل وضوح، فعليها أن توضح: لماذا تستمر في استخدام وسائل إرهابية إجرامية في الانتقام ورد الاعتبار لهيبتها المهدرة ؟، فلا يحق لنا أن نقف متفرجين من أعمالٍ انتقامية تغطي أهدافاً سياسية خلفية تهم تلك الإدارة والتروستات الاقتصادية حتى لا نحول العالم إلى غابة يحق فيه للقوي أن يفترس الضعيف، فشجب سكان الأرض لهذا العمل الإرهابي يرافقه رغبات قوية في إيصال الشعوب المقهورة إلى حقوقها وفي المقدمة إعادة حقنا نحن العرب في أرضنا المغتصبة من قبل الإرهابي شارون وزمرته ونتنياهو وزمرته في الحكومات الصهيونية المتعاقبة، وما نطلبه ليس حمايتنا، وإنما التوقف عن الدعم العسكري والمادي والمعنوي في المحافل الدولية للدولة الإسرائيلية والاعتراف بحقنا في النضال حتى تحرير كل ذرة من تراب أوطاننا.

وما نريده إقامة السلام العادل والشامل في منطقتنا وعلى أساس الانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران وإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية واحترام حق العودة للفلسطينيين إلى دولتهم وتحرير كامل الجولان وما تبقى من جنوب لبنان، فهل تستطيع الإدارة الأمريكية تنفيذ ذلك؟

إن الموقف الدولي لا ينتظر من الإدارة الأمريكية  أن ترسم سياسة إنسانية في المساواة بين الشعوب بل التوقف عن متابعة ممارساتها الإرهابية ضد البشرية، وإن تأييد بعض الحكام في الغرب وفي بلادنا العربية سيتبخر مع استمرار الانتقام الجائر غير العقلاني الذي تمارسه واشنطن وربيبتها تل أبيب، وسيستمر ضرب المصالح الأميركية ما دام هناك شعب مقهور ومغلوب على أمره في ظل السياسة الأمريكية الحالية.

أن واشنطن تحتل المرتبة الأولى في ممارسة إرهاب الأفراد وتتشارك مع تل أبيب في ممارسة إرهاب الدولة المنظم ضد المستضعفين في الأرض.

قال العرب: يا فرعون من فرْعنك؟ قال ما في حدا ردعني. انتهى فرعون وسينتهي جيله في واشنطن وتل أبيب.

 

 

دمشق في 24 آذار 2014                                               الدكتور المهندس محمد غسَّان طيارة

سيريا ديلي نيوز


التعليقات


عبد الرحمن الد غلي
wصدقت وكلامك ليس عليه غبار =وانت كما نعرفك منذ كنت مديرا للتدريب المهبي اصيل وطني مخلص