~~خاص - سيريا ديلي نيوز
لماذا تتمسك واشنطن بالإتلاف الوطني القطري وهو جسم متهالك؟, الجواب واضح فواشنطن غير مستعدة للتعامل مع الرجال فأول ما يتوجب على من يقف معها أن يتنازل لها عن كرامته كي تمرِّغها في الوحل فعندها يصبح من المقربين إليها كي تستخدمه ورقة في يديها تناور به حتى تحْصل على بعض المكاسب وحتى لا تخرج من التفاوض بخفيي حنين وهذا ما حصل في الماضي وما يحصل في الحاضر وما قد يحصل في المستقبل.
لم تقول واشنطن بأن الإتلاف الوطني القطري هو الممثل الوحيد الذي يحق له تمثيل الشعب السوري ولكن السعودي الهزاز قالها وقالتها فرنسا, وهذه هي ورقة تريدها واشنطن استخدامها عند تحديد الدول والجهات التي ستُدْعى لحضور مؤتمر جنيف. وهذا هو التفسير المباشر لما فعلته واشنطن عندما وافقت على دعوة إيران ثم طلبت سحب الدعوة بسبب موقف الإتلاف الوطني القطري المعارض فأهانت بان كي مون ومرغت كرامته بالتراب وأعطت دعما لصنيعتها الجسم المتهالك. وهذا شكل من اشكال الربح التي تسعى واشنطن ورائه.
لقد خسِرت واشنطن في فيتنام ولكن بأي ثمن دفعه الفيتناميون؟ ربح الفيتناميون استقلالهم وخسروا قتلى أكثر من
مليون وملايين من المشردين ومن المعاقين ودمار شبه كامل في معظم مدن وقرى فيتنام. لقد زرت هانوي في سنة 1995 وشاهدت الحالة هناك بعد عشرين سنة على الاستقلال الناجز وهذه هي الصورة البشعة التي تعْتبر واشنطن نفسها رابحة.
لقد خسِرت واشنطن في العراق وتركت فيه دماراً شبه شامل وقتلى وثكلى بالملايين وأكثر من ذلك تركت فيه أصابعها الإرهابية بدعمٍ مالي ومسلحين إرهابيين من السعودية. وهذا شكَّل ربحاً استراتيجياً لواشنطن فتعافي العراق سيأخذ سنوات وسنوات.
إن الربح الأميركي يتجلى في دمار الطرف الآخر المعادي لسياستها. ولهذا من الصعب أن نتصوَّر ماذا سيبقى في أفغانستان بعد خروج واشنطن منها في العام القادم؟.
وحتى تطمئن واشنطن إلى نتائج مؤتمر جنيف 2 أوجه السؤال التالي: هل اكتفت واشنطن من حالة الدمار الذي لحِقت بسورية أم ما زال لديها رغبة حتى تُشْبع وحشيتها من الدماء السورية وتدمير الوطن؟. أنا ليس لديَّ جواب الآن ولكنني متأكد بأنها ستعْمل كل ما في وسعها لزيادة أرقام وأعداد مؤتمرات جنيف بقدر ما تستطيع ولن تدَّخر جهداً شريراً لإعاقة الوصول إلى حل لما فعلته في سورية. ولتأكيد كل ما قلته يكفى متابعة ما يحْدث في اليمن وتونس وليبيا ومصر وخاصة أن القادة المخلوعين لتلك الدول كانوا في مقدمة عملاء واشنطن (طبعاً كرامتهم ممرغة في وحول التعدي على أبناء أوطانهم إرضاءً لرغبات العم سام). النتيجة: أشرس أنواع إرهاب الدولة تقوم به واشنطن مباشرة أو عن طريق أصدقائها في المنطقة وخاصة تل أبيب بعد أن باعت شاه إيران, وأظهرت بندر بن سلطان بعد القضاء على حمدي قطر, وعمدت مؤخرا لإبعاد بندر وستأتي ببندر جديد أو على شاكلته وستجد بين أمراء السعودية وأمراء دول الخليج بنادر مختلفة يطمحون لتمربغ وجههم في الوحل الأميركي.
إن التفسيرات الأميركية لاتفاق جنيف بين 5+1 مع إيران تبين كيف أظهرت واشنطن أنها رابحة وإن الخسارة لحقت فقط بإيران عندما صرحت من منابر واشنطن بأن الاتفاق منع إيران من امتلاك القنبلة النووية. متناسية بأن إيران صرحت ونادت وتعهدت مئات المرات بأن برنامجها النووي هو فقط لإغراض سلمية.
لقد تابعت سبعة نِسَخ من بنود اتفاق دول 5+1 مع إيران منها ستة نسخ مما سربه البيت الأبيض ونسخة واحدة
من صحيفة فارس الإيرانية. وباختصار شديد أبين التالي:
ـــ النسخ المأخوذة عن المصادر الأميركية تستخدم عبارات تلتزم إيران على جميع البنود التي تخص التخصيب بينما النسخة الإيرانية استخدمت عبارات وافقت أو توافق إيران وعن طواعية. إن الفرق بين الكلمتين واضح فعادة في الحوار لا يجوز استخدام كلمة تلتزم وإنما أما توافق المجتمعون أو يوافق طرف على طلب الرأي الآخر.
والالتزام يكون بقرار من جهة منتصرة على الطرف الثاني كما حدث مع ألمانيا واليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية ولا أعتقد بأن واشنطن كانت في وضع قادرة فيه على فرض شروطها على طهران. كما تناسى الجانب الأميركي ما هو مصير اليورانيوم المخصب إلى درجة 20% والموجود لدى إيران بينما الجانب الإيراني بين أن من حقه استخدام نصف هذه الكميات وإعادة تذويب النصف الثاني لتخفيض تخصيبه إلى 5%. ونقط ثالثة مهمة جداً عندما جاءت تصريحات واشنطن بأن واشنطن حرمت إيران من التخصيب. طبعاً إن هذا المفهوم من قِبَل الجانب الأميركي يدل على استخفافهم بعقول الناس, فحتى قراءة النماذج الأميركية لبنود الاتفاق توضح حق إيران في التخصيب حتى 5% وحتى يتضح لنا الربح الصاعق للجانب الإيراني يجب أن نعود للاقتراحات الإيرانية في عهد رئيس الجمهورية الإيراني السابق محمد أحمدي نجاد والتي تمثلت باستعداد إيران لتسليم يورانيوم مخصَّب بنسبة 5% ليتم تخصيبه لدى طرف ثالث حتى 20% واقترح الجانب الإيراني أن يتم ذلك عن طريق روسيا الاتحادية بينما كانت رغبة واشنطن بأن يتم ذلك عن طريق فرنسا وكل ما بنته إيران من آلاف مفاعلات تخصيب جرى بسبب عدم موافقة واشنطن على الاقتراح الإيراني يضاف إلى ذلك فتاوى السيد قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي بتحريم تصنيع أسلحة الدمار الشامل. فلو وافقت واشنطن على الاقتراح الذي قدمته القيادة الإيرانية منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام لما تمكنت السعودية وقطر وتركيا من التآمر على سورية بإيعازٍ أمريكي. وهنا يدلُ على قدرة القيادات الأميركية بوضع خطط لمدد طويلة تربط بها مشاكل المنطقة مع بعضها لتعْقيدها وصعوبة إيجاد الحلول لها إلا وفق رغباتها. ولهذا دائما اعترض على من يقول بأن واشنطن غبية وإنها في ورطة والحقيقة أن لدى واشنطن قدرة كبيرة على التلون بألوان قوس قُزَح أميركي ومفهومها للنصر والخسارة يختلف عن المفاهيم الوطنية لكل دولة.
خسرت واشنطن في مواقع مختلفة كما يراه بعض المحللين السياسيين في وطننا بينما واشنطن تربح من وجهة نظرها في تخريب الأوطان مما يسهِّل عليها الاستمرار في ممارسة إرهاب الدولة. فكل دمار في غير واشنطن وتل أبيب هو ربح لواشنطن حتى لو جاء بنتيجته الاستقلال كما حدث في فيتنام.
ومن واجبي أن أتطرق إلى التعليل الأميركي لأسباب جعل مدة اتفاق 5+1 مع إيران لستة أشهر فقط بأنها ترغب التثبُّت من شفافية الموقف الإيراني مما يوحي إلى عدم ثقة واشنطن بطهران بينما تناست واشنطن بأنه قبل الاجتماع الذي أُقِر فيه الاتفاق تحدث مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي مطولاً عن عدم ثقة الشعب الإيراني والقيادة الإيرانية بواشنطن ولهذا أخذت واشنطن لنفسها حق التثَبُت من نيات الجهات الإيرانية ومنعتْه عن إيران الذي أكدته القيادات الإيرانية على مدى كامل سنوات عمر الثورة الإيرانية المظفرة. فقد اعتبرت واشنطن إنها رابحة في هذه النقطة أيضاً. والسؤال الضروري في هذه النقطة: هل ستستمر واشنطن في اللقاءات ضمن مجموعة 5+1 مع إيران للوصول إلى اتفاق نهائي للملف النووي الإيراني خلال سنة أم هناك مطبات ستضعها واشنطن أمام الحلول النهائية لذلك الملف؟. وهنا يجب أن نتذكر الطلب الأميركي من إيران مساعدتها في خروجها كمنتصر من أفغانستان, وهل ستربطه واشنطن مع حل الملف النووي؟ وهل سترضى إيران بهذا الشرط والربط الأميركي أم سترفضه؟. الجواب سنعرفه قريباً.
في النتيجة: الحسابات الأميركية مختلفة عن سيادة أي شعب ومع تدمير كل حضارة؟. ولهذا أقول عن جنيف 2 بأن ربح المواطن يتجلى عند وقف التسليح وتدفُق المرتزقة من المسلحين والربح الأميركي الصهيوني سيتجلى في زيادة الدمار في سورية.
الدمار أصبح قدرنا ولا مفر منه وشعبنا قادر على إعادة بناء الوطن كما بنى اجدادنا دمشق مرات ومرات وبقيت اقدم عاصمة مأهولة في العالم. وكل ياسمينة ماتت ستعود برائحة اقوى لأنها ارتوت بدماء الشهداء الطاهرة.
كما سيعود زعتر جبال الساحل قويأً مع شجرات السماق فيه وأحراش السنديان في جبل العرب كلها ستعود وهذا قدرنا ولن نهرب منه. ربْحنا حياتنا الكريمة وربحهم موتنا ولن نسمح لهم.
دمشق في 7 شباط 2014
سيريا ديلي نيوز
2014-02-07 13:02:12