عندما كنت في الصف الثاني الابتدائي في مدرسة الاخوة المريميين ، كان السرور ينتابني عندما ينادي استاذ المدرسة اسمي في بداية الاسماء، حيث ان حرف الباء يأتي في بداية الأبجدية بعد الألف، فكان الأستاذ ينادي حسب التسلسل الأبجدي
أحمد باسم نحاس
أحمد توفيق مصري
أحمد رضا الجابري
أحمد ميري
.....
باسل قس نصر الله
.....
جورج ناصح
ثم كانت الاسماء تتوالى حتى نهاية الابجدية وآخر اسم
كنت استغرب حينها أن يأتي اسم رضا وتوفيق قبل اسمي بعد ان يضيفوا اسم "أحمد" الى أسمائهم، حتى أنهم كانوا لا يعرفون انهم يملكون اسماً مركباً من أحمد و...رضا أو توفيق أو باسم... وكان الكل يناديهم باسمهم الثاني إلا من كان لا يملك الا اسماً واحداً مثل الأخ أحمد ميري.
وعندما كبرنا فهمنا ان هناك أسماء مركبة تبدأ باسم أحمد او محمد...
اليوم توزع الطلاب في أنحاء العالم وبقيت شلة منّا أصدقاء الى يومنا هذا..
هكذا كانت مدرستنا في حلب، تضم الوطن بمسلميه ومسيحييه، بأطفاله الذين كانوا أحيانا يتبادلون "الصندويشات" بين بعضهم .
هكذا تعلمنا في مدرسة للرهبان أن الوطن يضم الجميع ولا يضم طائفة فقط، وعندما كانت تأتي حصة الديانة، كان الرهبان المسيحيون يتأكدون - الى مرحلة التشدد - أن الطلاب المسلمين يحضرون حصص الديانة الاسلامية التي كان أحد المشايخ يعطيها، وكان هذا الشيخ رجلاً كبيراً في السن – برأينا الطفولي – وكنا نتراكض لنحمل عكازه وكنت لا أفهم لماذا لا احضر حصة الديانة الاسلامية مثل رفاقي كما لم افهم لماذا لا تكون هناك حصة واحدة.
كان الكاهن الذي بعطينا حصة الديانة المسيحية ايضا رجلاً طيباً وكان الاثنان من حسن الحظ يستقلون نفس باص المدرسة ويجلسون سوية وكان هذا هو أول درس في الوفاق الديني.
كنت صغيراً أرقبهم من مقعدي وهم يتهامسون ويضحكون سوية، كما نضحك ونلعب وندرس نحن الطلاب المسلمين والمسيحيين .
أرجعوني الى المدرسة التي كان الرهبان فيها يتشددون لكي يحضر الطلاب المسلمين دروسهم الدينية الاسلامية، لكي اعطيكم شعباً يفهم معنى الإخاء الديني والوحدة الوطنية.
أخطأنا في تربية أجيال.
وانتقلنا من اطفال متنوعة مشاربهم يلعبون مع بعضهم في وطن يجمعهم وإلــه واحد يحميهم، الى هجرة مقيتة في الكبر.
سافرنا نحن المسيحيون الى بقاع متعددة وقمنا بتغيير اسمائنا من صديق الى جوزيف ومن سهيل الى انطوان، أما أنا فسأبقى في هذا الوطن احمل ذكريات الطفولة ويبقى اسمي باسل.
Syriadailynews
2014-02-01 00:01:17