في أغلب المقالات التي تناولتُ فيها المؤامرة المستمرة على سورية كنت أتجنب الخوض في دهاليز الإرهاب وتفصيلات المشهد والتطرق إلى أسماء التنظيمات الإرهابية وأسماء قادتها، وكما يقولون: زعاماتها وزعماؤها الذين يقودون عمليات الإرهاب غير المسبوق في العالم على الأرض السورية انطلاقاً من فهمي الإعلامي الذي أرى فيه أن التركيز على الأسماء وتسمية التنظيمات لابد أن يتسلل إلى الذاكرة الحفظية لدى المتلقي والجمهور ومن ثم إلى الثقافة العامة.. ولابد أن يعطي بعضاً من الأهمية الحفظية في غياب المصطلحات الواجب اعتمادها لخدمة التوجهات السياسية السورية وبخاصة بعد كثرة المحللين السياسيين وتباين المصطلحات عند بعضهم بعضاً فضلاً عن الرأي والرؤية.

 

    اليوم.. وقد بات مؤتمر جنيف2 الذي سيعقد في 22 الجاري، وجدت نفسي مضطراً للتسميات التي أتجنبها والأسماء التي تقزز النفس وتهتك العقل وتخترق الوجدان الجمعي بساطور أحدهم ولو افتراضياً، فزعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني ذراع القاعدة التي فجرت أبراج نيويورك والتي لا تزال أسرارها الحقيقية مخفية يخوض معاركه مع مجموعات تنظيم "داعش" بينما تعلن "الجبهة الإسلامية" في بيان لها أن كل من يشارك في مؤتمر جنيف2 من الطرفين يعتبر مطلوباً.. والمطلوب هنا يعني قطع الرأس أو التمثيل بالجثة وفق ثقافة الجهة التي استولدها الأميركي والسعودي من على يسار التنظيمات المسلحة الأخرى بحيث يكون الوليد الجديد طرفاً للحوار في جنيف كما تسعى الولايات المتحدة الأميركية.

 

    ومن المفارقات أن الوليد المشوّه قيصرياً في الوقت المستقطع ما بين انهيار بعض الجماعات المتقاتلة وفرار البعض الآخر، والاقتتال الدائر بين من تبقى يهدد الأطراف التي ستشارك في جنيف من الطرفين وهذه مقدمة لتهديد ليس كل من يشارك فحسب وإنما من ساهم ويساهم للتحضير لهذا المؤتمر ورعايته وترتيب أحداثه.. بمعنى لا تستبعدوا أن يكون رأس جون كيري وسيرغي لافروف ومعهما بان كي مون مطلوباً؛ ذلك أن مؤتمر جنيف إذا ما عقد ونجح واعتمد مجلس الأمن النتائج وباشر في عقاب كل من ساند الإرهاب وموّله وزوده بأدوات القتل والتدمير سيحوِّل هؤلاء القتلة والمجرمين والإرهابيين الدوليين إلى مجموعات عاطلة عن العمل.. وهم لا يجيدون أي عمل كان سوى الإرهاب.

 

    على الضفة الأخرى من المشهد الإرهابي.. فقد انسحبت ست كتل أو مجموعات من ائتلاف اسطنبول احتجاجاً على عقد مؤتمر جنيف2 وهذا يعني أن شظايا الائتلاف هي انعكاس لشظايا المجموعات الإرهابية.. وكلا الشظايا المسلحة وغير المسلحة لا تريد لمؤتمر جنيف أن ينعقد لأن نجاح المؤتمر كما ذكرت سيحوّل هؤلاء أيضاً إلى مجموعات سياسية عاطلة عن العمل من جهة وستضعها نتائج جنيف أمام استحقاق مواجهة الشعب السوري، وفي هذه المواجهة مقتلهم "السياسي والمجتمعي" فالشعوب تمهل ولا تهمل أبداً..

 

    كل ما تقدم وغيره يشير إلى أن الجهد الدولي المبذول لعقد مؤتمر جنيف أصبح مهدداً سواء خلف ظهر الولايات المتحدة الأميركية أم بالتنسيق معها وهذا يستدعي التصدي الدولي واتخاذ قرار أممي علني وواضح وحازم بتصفية المجموعات الإرهابية ومحاكمة المسؤولين عن تورّمهم بهذا القدر المرعب ليس لسورية وحدها وإنما للعالم كله واعتبار الجميع مطلوباً للعدالة الدولية إذا ما كانت العدالة الدولية والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين لا تزال شعار مجلس الأمن وعنوان ديمومة الأعضاء الخمسة الدائمين..

    في المحصلة ليس لنا للخلاص إلا سواعد وأقدام وأحذية وجباه وعقول وقدرة الجيش العربي السوري الصامد.. القادر على صنع المعجزات.

  

 للحديث بقية..

سيريا ديلي نيوز - د. فائز الصايغ


التعليقات