من لا يملك ألف باء التكنولوجيا اليوم أصبح في عرف من يملك متخلفاً، والتخلف هنا نسبي وله مستويات، فليس كل من ادّعى يملك.. وليس كل من أجاد تطبيق برنامج ما يملك.. ففي الحقيقة أغلبنا "متخلف" أو أميّ تكنولوجياً.
احتكر الإمساك بناحية التكنولوجيا جيل الشباب وبنسب مختلفة أيضاً، منهم من امتلك ما يلبي عمله.. أو هواية.. أو الضرورات. ومنهم من حوّلها إلى لغة العصر.. أتقنها وطورها.. ووظفها حيث يرسم معالم مستقبله الشخصي والوطني.
كان الزميل حسن م يوسف سبّاقاً في هذا المضمار.. وكانت له مداخلة تكنولوجية طويلة في كل مؤتمر كان اتحاد الصحفيين يعقده.. نبهنا كثيراً حذّرنا كثيراً.. علّمنا كثيراً، مع أن بعضنا اتهمه بالهرطقة التكنولوجية أو بالأصل الهرطقة الحاسوبية.
عندما انتقلت وكالة الأنباء السورية في عام 1995 على ما أذكر إلى أسلوب التحرير عن طريق الحاسب والتخلّي عن القلم والورقة الصفراء التقليدية كانت تعتبر ثورة في الانتقال التكنولوجي في طرائق وأساليب وأدوات التحرير. يومها رفض أحد صحفيي الوكالة الانخراط في دورات التدريب التي أقمناها آنذاك لدى المركز القومي للمعلومات وكذلك الدورات الذاتية. المحلية، التي أقمناها في الوكالة لتثبيت معلومات المركز وتحويلها إلى تطبيقات عملية.. أصرّ الزميل المذكور على تمرّده وقال الصحافة قلم وورقه فقط.. نقلت موقفه إلى الوزير آنذاك وتم نقله إلى إحدى الصحف على اعتبار أن الصحيفة لا تزال تتبع الأسلوب التقليدي إياه.. وعندما تم نقلي بعد سلسلة تنقلات إلى الثورة قدّم هذا الصحفي طلب انتقال إلى مكان آخر.. ظنّ أنني سأطارده بتكنولوجيتي المتواضعة وفعلاً انتقل لكن في وقت بدأت فيه الصحف أتمتة التحرير لديها ولا أدري أينه الآن.. غالباً أدركه التقاعد قبل أن تدركه.. التكنولوجيا.
سمعت حسن م يوسف في برنامج على إحدى الإذاعات السورية طيلة ليل انقطاع التيار الكهربائي.. الانقطاع التي نقلني من الشاشة إلى المذياع ومن حسن الحظ كان الزميل حسن م يوسف يدلي بتصريحات ومداخلات ورؤى تكنولوجية معاصرة.. تملّكني شعور عارم بالشكر والامتنان له لثلاثة أسباب أولها أنني فهمت وأدركت وتابعت جديده ورؤيته واستمتعت بها جداً وثانيها أن الزميل "الجد" وهو يتفاخر بحفيده لا يزال يمتلك القدرة الذهنية والإرادة الصلبة لمتابعة شؤون تكنولوجيا المعلومات التي تخدم عمل الصحفي، وثالثها أنني أدركت النتائج الملموسة التي كانت مقدماته ومداخلاته في مؤتمرات الصحفيين تشير إلى أهميتها على صعيد الاطلاع على المعلومات ومتابعتها أو على صعيد متابعة التطوير الذاتي في فهم عالم المعلومات.
شكراً حسن م يوسف على سهرة الاستمتاع بانقطاع التيار..
Syriadailynews
2014-01-07 23:26:13