يبدو أن الجدل الإعلامي الذي يسبق موعد انعقاد مؤتمر جنيف.. إذا ما انعقد.. في سباق محموم مع ما يجري على الأرض وكلاهما في سباق مع ما يجري بين الكواليس السياسية الكبرى..!! فيما يبقى الوضع الراهن معلقاً على مشاجب الإعلام والسياسة وهو الوضع الذي يدفع فيه الناس ثمن المماحكات السياسية والإعلامية، ويدفع فيه الجيش السوري ثمن الصمود دماً وشهداء على مدار الساعة..

 

سورية وحدها.. والعرب ينخرطون هذه الأيام في المشهد الصهيوني.. وبيريز يلقي عليهم بيانه باستعلاء شديد وعنجهية غير مسبوقة.. إنه زمن الخنوع والخضوع والاستسلام العربي أمام العدو التاريخي الذي يسعى إلى تهويد الدولة والسكان.. والجغرافيا والحضارة العربية ورموزها على الأرض..

 

ولو لم تكن سورية قوية متماسكة بشعبها وجيشها ووحدة أبنائها، وقرارها السيادي لكان العرب.. كل العرب في خبر كان.. وأصبحوا من الماضي أمام ما تبيّته إسرائيل ومن معها من العرب من نوايا خبيثة.. ومن أطماع معلنة..

 

سورية اليوم تعيد ترتيب أوراق العالم كله.. تعيد موضعة الثوابت الوطنية والقومية في مواضعها الصحيحة بعد أن شرّد الربيع المزعوم البشر في أصقاع الفوضى الهدامة.. فوضى السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية السابقة.. سورية تعيد ترتيب أوراق القوة المستندة إلى قوتها الذاتية وإلى قوة تأثير الأصدقاء في العالم.. وهي الأجدر والأكثر تأهيلاً على الرغم من أعوام المعركة الشرسة لإعادة ترتيب البيت السوري وإعماره.. وإعادة ترتيب البيت العربي عموماً بعد أن تتضح الصورة أكثر وبعد أن يتوقف الإرهاب وتعود سورية إلى عهدها في الأمن والسلام والدور الإقليمي والعالمي فضلاً عن الدور العربي المطلوب..

 

فشلوا في تحويلها إلى ورقة على موائدهم وشطب خريطتها السياسية والعسكرية لتمهيد الطريق أمام الامتداد الصهيوني في المنطقة والذي يشارك فيه اليوم عدد من عربان الخليج علناً.. وعربان الصمت والنأي بالنفس وهدر النفيس من الفرص بين الأروقة المشبوهة والغرف المظلمة..

 

قدر سورية المواجهة.. وقدرها النصر وما انهزمت يوماً.. لا في المواجهة العسكرية ولا السياسية.. ولا الإعلامية.. وهي تخطو نحو النصر بخطى ثابتة وبأقدام راسخة على الأرض ورؤية ثاقبة في سماء التلبد السياسي العالمي والبلادة العربية..

 

أعود إلى مؤتمر جنيف2 والتسخين السياسي والعسكري المرافق والمتسارع مع إيقاع الساعات السويسرية. ومن المفارقات أن أسباباً عديدة متصلة بالتسخين إياه قد تحول دون ضبط إيقاع الموعد المحدد مع إيقاع ساعة الأخضر الإبراهيمي السويسرية كما يبدو.. فقد أعلن الإبراهيمي أن فنادق جنيف لا متسع فيها للمتحاورين ولا للضيوف بسبب المعرض الشهير للساعات السويسرية.. ولهذا فإن من المتوقع إما تأجيله أو الانتقال إلى مدينة أخرى..

 

لقد وجد الإبراهيمي المخرج.. ولكل مخارجه من الالتزام بالمؤتمر.. ومخازي التنصل من قراراته إذا ما عقد فعلاً على توقيت أية ساعة كانت ما دام العرب لا يصنعون الساعات ولا يتقيدون بإيقاعها الزمني إلّا عبوراً إلى الخلف..

Syriadailynews - د. فائز الصايغ


التعليقات