لا يكفي في زمن الأزمات، أن نصدر الكثير من القرارات، اعتقاداً منا أن القرارات بوسعها حل الأزمات وإزالة العوائق، وهذا الأمر ينطبق على العمل الاقتصادي، الذي لا يحتمل الانتظار والتأجيل، كما أنه عمل لا ينتظم عندما يكون هناك تفرد في اتخاذ القرار؛ كون العمل الاقتصادي يرتبط بعدة جهات حكومية، خاصة بما في ذلك التجار والصناعيون والقطاع الزراعي ألخ.. وبالتالي سيكون لتطبيق أي قرار أثره غير المحدود، لاسيما في الفترة الحالية التي نمر بها والتي تتطلب جهداً متواصلا وجماعياً من كل الأطراف.
ولأن الأساس في اتخاذ أي قرار، هو أن يكون خلاصة نقاشات تعددت فيها الآراء، ساعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي على تفعيل مثل هذه النقاشات، حيث فتحت صفحاتها مجالاً للنقاش وتبادل الأفكار حول موضوعات قد تكون محددة، حيث يكفي طرح فكرة معينة حول موضوع ما لتتوالى التعليقات من بعدها، وهي تشكل مجالاً لاكتشاف أفكار جديدة ووجهات نظر، لتكوّن ما يشبه قاعدة من المعلومات الداعمة لتوجه ما.
وفي بعض الحالات، لا تأخذ هذه الأفكار حالة العمومية، بل تسعى مجموعات من الأفراد لتأسيس صفحة متخصصة توضح توجه أصحابها وتضم أشخاصاً قادرين على دعم الأفكار المطروحة، ومثال هذه الصفحات الموجودة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" باسم (مجموعة تنسيق الحملات الاقتصادية) والتي تتم من خلالها مناقشة أفكار ومواضيع متصلة بالشأن الاقتصادي من قبل خبراء اقتصاديين ومجموعة من الصناعيين والتجار أو مسؤولين سابقين، في محاولة لإيصال وجهات نظر تتعلق بما يجري على الساحة الاقتصادية إلى الجهات المعنية التي يتم التواصل معها عن طريق مكاتبها الصحفية، حيث تتولى الأخيرة إيصال نتائج اللقاءات إلى الوزير المختص ليطلع عليها.
حملات لمحاربة الشائعات
من جهته، يوضح منسق المجموعة والباحث الاقتصادي إياد أنيس محمد، أن السبب وراء إنشاء مثل هذه الصفحة، كان قناعة مجموعة من الشباب المختص والمدرك لأهمية الحرب الإعلامية الاقتصادية التي تشن على البلد بضرورة تقديم الدعم للاقتصاد، لذا قرروا إنشاء مجموعة لتنسيق الحملات الاقتصادية كانت باكورة أعمالها "الحملة الشعبية لحماية المستهلك " وحملة أخرى مهمة جداً هي "حملة الليرة السورية تمثلني " والتي تمثلت في تغيير بروفايل الوطنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ليضعوا مكانها صورة الليرة السورية، ونشر العشرات من المقالات في الجرائد ومواقع التواصل، وفي المجموعات عن طريق مختصين وإعلاميين، مع حملات مركزة تحارب الشائعات المتعلقة بالليرة وترفع الروح المعنوية، وقد لمس المتابعون أهمية الحملة إعلامياً وهو الهدف الذي كان مطلوباً تحقيقه، حيث أسهمت في طمأنة المغتربين عن الوضع الاقتصادي والليرة .
ويضيف محمد، أنه بعد تأسيس الصفحة أصبح هناك تفاعل مع المجموعة من قبل كل من غرفة تجارة دمشق وغرفة صناعة دمشق، واتحاد غرف الزراعة من خلال أعضاء مجلس الإدارة، إضافة إلى وجود عدد كبير من التجار والصناعيين والاقتصاديين المتخصصين والموظفين الحاليين في مراكز تتعلق بنطاق عمل المجموعة ومجموعة من الوزراء والمديرين السابقين ومجموعة كبيرة ومهمة من الأصدقاء الإعلاميين العاملين في وسائل الإعلام الوطنية والصديقة.
وتم اقتراح مجموعة من المواضيع للنقاش في الشأن الحياتي مثل موضوع الغلاء وبعض القرارات الحكومية المتعلقة بالقطع وبتمويل المستوردات والقرارات والإجراءات الناظمة وموضوع إعادة هيكلة وزارة الاقتصاد، من خلال إعادة المصارف والتأمين والجمارك إليها، وعدة مواضيع صناعية آخرها موضوع نقل المنشآت إلى المناطق الآمنة والعديد من الموضوعات التي تلاقي نقاشاً جدياً ومتخصصاً حول أغلب القرارات، وخطط الحكومة لإصدار القرارات الجديدة والمتعلقة بالشأن الاقتصادي، وما تساعد عليه هذه الصفحة، هي أنها لا تبقي النقاشات مجرد نقاشات، بل هناك سعي فعلي لإيجاد حلول للأفكار المطروحة، لأن المجموعة تتيح لعدد كبير من الصناعيين فهم آلية إصدار القرار الحكومي وأسبابه من خلال وجود أعضاء في مجالس إدارة غرف الصناعة والتجارة والزراعة الذين يحضرون اجتماعات حكومية لإيصال المعلومات إلى الصناعيين الذين لا يتمكنون من التواصل الميداني مع الغرف، وتوضيح خلفيات القرارات من خلال النقاشات.
تواصل مع الوزارات
وحول الأفكار التي تطرح للنقاش على صفحة المجموعة وتوجيه الآراء الناتجة عن هذا النقاش إلى الجهة أو الوزارة المعنية، يقول محمد: إن مدراء المكاتب الصحفية لعدة وزارات يأخذون النتائج والنقاشات ويرفعونها إلى وزرائهم بالشكل الذي يؤمّن دعم القرار.
أما عن أهم الأفكار والمشكلات التي يعتقد أنها تحتاج إلى إقامة حملات مستمرة تسهم في حلها أو التخفيف من آثارها، يوضح محمد أن أساس عمل الصفحة هو الإعلام الإيجابي وكل نقد لا بد من إرفاقه بحل مطروح. كما أننا نسعى لتشكيل هيئة استشارية للمجموعة من المختصين خلال الأيام القادمة، تقوم بتحديد محاور للنقاش، وتشرف على النتائج والحلول المقترحة، وتقدمها إلى الحكومة، وكنا حصلنا على وعد من عدة جهات وصائية فاعلة بأن تدعم مطالباتنا المحقة والمبررة وتتابع تجاوب الحكومة معها.
كذلك نخطط في المرحلة القادمة لندعم العديد من الدراسات والمشاريع الاقتصادية ذات الأثر الاجتماعي، بالإضافة إلى دعم الفعاليات الاقتصادية الوطنية التي استمرت في الأزمة والتي تضررت أيضاً، ونأمل أن ترتقي المجموعة لتصبح منصة بسيطة لاستطلاع الرأي العام الاقتصادي من قبل صانع القرار، وفي الفترة القادمة ستواكب المجموعة تطور الأحداث في البلد، لتكون لها مشاركة فاعلة من خلال أعضائها ومراكز أعمالهم في الحدث الاقتصادي بشكل عام، وستشارك بالتأكيد في الحوار حول الهوية الاقتصادية للبلد بعد الأزمة، والتحضير للعديد من الاقتراحات والسيناريوهات المحتملة.
الشفافية في العمل
من المقرر أن يكون للمجموعة مكتب للمتابعة والاتصال يتبع مبدأ الشفافية في الإعلام، يمكن بعد ذلك التوجه لإقامة فعاليات على الأرض انطلاقا من هذه الصفحة، وبشكل يتناسب مع ما تقوم به الجهات المعنية لدعم الاقتصاد السوري في أزمته، لاسيما وأن هناك جهداً كبيراً في البلد بهذا المجال، ويحتاج ذلك إلى التنسيق والتشابكية في العلاقات أكثر، كما يحتاج إلى شفافية أكثر في العمل الاقتصادي وفي ثقافة الرقم، كل ذلك بهدف إعادة إعمار البلد والوصول إلى مجتمع متطور باقتصاد تنافسي وفق المعايير العالمية.
Syriadailynews - ِBaladnaonline
2013-10-12 01:18:38