خاص سيريا ديلي نيوز- خالد غندور

 

على الأرجح فإن الأمور تسير الآن باتجاه التهدئة الحذرة في المواقف بعد أن نجحت الدبلوماسية الروسية في وضع الرئيس أوباما في مأزق حقيقي أما شعبه بل وربما الكونغرس الأمريكي المنتظر تصويته على قرار الضربة، وبغض النظر عن أن الغالبية العظمى من الشعب الأمريكي ترفض هذه الضربة لعدم اكتمال نصاب الأدلة المقنعة له بمشروعية قيام حكومته بتوجيه ضربة ضد سورية بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، وبغض النظر أيضا عن كون غالبية أعضاء الكونغرس الأمريكي يعارضون أيضا هذه الضربة لعدم وجود الأدلة الحقيقية والبراهين الثابتة على استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية في حربها ضد الإرهابيين والمسلحين على الأراضي السورية، إلا أن الطرح الروسي المفاجئ قد أخذ على محملين وسار وفق خطوات هادئة ومدروسة ضمنت على أقل الاحتمالات احراج الادارة الأمريكية امام شعبها ، الأول أنه كان ضربة قاضية من ضربات الدب الروسي في سعيه لإثبات عودته للساحة الدولية كثقل سياسي وعسكري له الكلمة والقرار وله القدرة على امتلاك زمام المبادرة في كل حدث على الساحتين السياسية والعسكرية، والآخر أن الدبلوماسية الروسية ربما تكون قد أوجدت المخرج الدبلوماسي والسياسي لأوباما للتراجع عن الضربة بما يحفظ ماء وجهه أمام شعبه وإدارته.

في جميع الأحوال يجب علينا أن لا نفغل أن الدبلوماسية السورية قد انتهجت خطة محكمة وسلكت طرقاً صحيحة في سعيها لاحتواء الأزمة وطبقت اسلوب الاحتواء للموقف دون تقديم أي تنازلات أو الانصياع لأي شروط أو املاءات لأنها في حقيقة الأمر كانت تسير في اتجاه واحد ومن خلال كل مساعيها ألا وهو تجنيب سورية وشعب سورية ضربةً قد تؤثر تأثيراً كارثيا على الأرض والشعب من حيث النتائج الناجة عن قصف جوي أو بالصواريخ، كمان أن القيادة السورية أخذتبعين الاعتبار وحذرت من النتائج الغير محسوية لهذه الضربة كون أن التحالفات الأمريكية الغربية والعربية منها قد قابلها في الجانب الآخر تحالف قوي ومؤثر من أشقاء وأصدقاء سورية خصوصا وأن تحرك القطع العسكرية البحرية وتوجهها للمياه للمتوسط من قبل حلفاء سورية قد وضع التحالف الامريكي الغربي في موقف حرج خصوصا وأن ادارة الرئيس اوباما تعي تماما ان هذه التحركات لن تكون بقصد النزهة في مياه البحر المتوسط وبالطبع دون إهمال الموقف الإيراني الثابت والداعم والمدافع بشدة وثبات عن سورية خصوصا وأن إيران قد أعلنت بصراحة عن قدراتها الصاروخية والعسكرية بالمجمل وأن الادارة الامريكية تعلم جيداً أن اعلان ايران لامتلاكها أسلحة نوعية توضع بتصرف سورية في حال تعرض سورية لاعتداء ليس من باب الترويج والتسويق لقدرات هذه الأسلحة.

بالمختصر المفيد يبدو المشهد أقرب ما يكون إلى السير باتجاه التهدئة وعلى أبعد الاحتمالات فإنه لن يكون هناك ضربة أمريكية لا تتأثر منها أمريكا وربما العالم أجمع كما هو متوقع بالنسبة لتأثير الضربة على سورية، على الأرجح فإن الدب الروسي قد استفاق على أرض الحدث السوري كي يعلنها صراحة وبقوة أن هذا العالم لم يعد عالماً يتحكم فيه قطب أوحد وأن على أمريكا أو أي دولة من الدول أن تحسب ألف حساب قبل التفكير في أي اعتداء على أي دولة وليس فقط سورية لأن موازين القوى قد اختلفت ولأن روسيا اليوم ليست كروسيا ما قبل الأزمة السورية، أجل... روسيا وكما تزقع غالبية المحللين المنطقيين في طرحهم قد استعادت ثقلها ووزنها السياسي على الساحة الدولية من خلال مواقفها الثابتة في الحدث السوري.

 

سيريا ديلي نيوز- خالد غندور


التعليقات