يعقد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي اجتماعا غدا السبت في المنامة للتشاور حول قضايا ملحة ابرزها، او بالاحرى اهمها، التطورات الميدانية في الصراع السوري وامتداداته الى لبنان.
معظم الدول الخليجية تتدخل بقوة في الازمة السورية، سواء من خلال الدعم المالي او الدعم العسكري، ولعل التصريحات التي ادلى بها الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي التي اتهم فيها النظام السوري بارتكاب حرب ابادة ضد ابناء شعبه، ووصف سورية بالارض المحتلة هي الاقوى من نوعها في هذا المضمار.
اطالة عمر الازمة السورية، وقدرة النظام على الصمود، وتدخل حزب الله اللبناني الى جانبه في معارك فاصلة مثل معركة مدينة القصير، كلها عوامل اصابت الدول الخليجية بحالة من القلق لان انجازات النظام السوري العسكرية في ميادين القتال تشكل تهديدا لامنها، اي الدول الخليجية، وتعزز المحور الايراني الذي تنظر اليه وطموحاته الاقليمية بالكثير من الريبة.
ومن غير المستبعد ان يتناول الوزراء الخليجيون في اجتماعهم التشاوري هذا ‘التراشق بالاتهامات’ بين المملكة العربية السعودية وروسيا، الذي اظهر توترا في العلاقات غير مسبوق بين الجانبين على ارضية تورطهما في الازمة السورية.
الخارجية الروسية اتهمت المملكة العربية السعودية بـ’تمويل وتسليح الارهابيين والجماعات المتطرفة، وتزويدها باسلحة حديثة متطورة’ وذلك ردا على اتهام الامير سعود الفيصل لموسكو بالمشاركة في ‘ابادة الشعب السوري’.
واختيار العاصمة البحرينية المنامة لاستضافة هذا الاجتماع بمثابة رسالة تضامن مع مملكة البحرين التي تتحدث حكومتها عن مؤامرة ايرانية تستهدفها وامنها واستقرارها، وهي مؤامرة تنفيها السلطات الايرانية وترد باتهام المملكة العربية السعودية بالتدخل في الشأن البحريني الداخلي من خلال ارسال قوات عسكرية لدعم النظام البحريني.
دول الخليج تواجه مأزقا خطيرا هذه الايام ناجما عن تأييدها للمعارضة السورية في مواجهة النظام، فالصراع في سورية يتطور الى حرب طائفية اقليمية، بسبب عمليات التحريض المذهبي من قبل الجانبين السني والشيعي.
وما يقلق هذه الدول في الاطار نفسه وجود اكثر من 400 الف عامل اجنبي يقيمون فيها من معتنقي المذهب الشيعي، نسبة كبيرة منهم من الايرانيين، وهذا ما يفسر بدء عمليات الترحيل لبعض هؤلاء الاعلى صوتا في تأييد السياسات الايرانية او حزب الله في جنوب لبنان.
ولعل غياب الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير خارجية قطر القوي الذي كان بمثابة رأس حربة في العداء للنظام السوري للمرة الاولى عن هذا الاجتماع منذ 21 عاما، سيكون ملحوظا. وكذلك سيحاول الوزراء الخليجيون التعرف على ملامح السياسة الخارجية لامير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تولى العرش قبل ايام، وما اذا كانت ستستمر على ما كانت عليه في المرحلة السابقة ام ان تغييرات ستطرأ عليها بعد تولي رئاسة الدبلوماسية القطرية السيد خالد العطية وزير الخارجية الجديد.
الاجتماعات التشاورية الخليجية تأتي روتينية في غالب الاحوال، لكن اجتماع المنامة غدا ربما يكون مختلفا، والحكم عليه سيكون من مراقبة حجم ومستوى المشاركة فيه، مع الاشارة الى ان وزراء خارجية خليجيين بارزين غابوا عن لقاء اصدقاء سورية الذي انعقد في الدوحة قبل ايام.

التعليقات