كل يوم جديد من عمر الازمة السورية المتفاقمة يعني زيادة احتمالات امتداد ذيولها الملتهبة الى دول الجوار الاربع، اي لبنان والعراق وتركيا والاردن، وربما الى دول جوار الصف الثاني ايضا مثل المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، لان اللون الطائفي للصراع بات يتضح ويتبلور بصورة اكثر وضوحا في طرفيه، او هكذا يراد له ان يكون.
الاعلان عن محاولة مقاتلين تابعين للمعارضة السورية المسلحة وحلفائها المنضوية تحت مظلة الجيش السوري الحر، نصب قواعد صواريخ في احراش منطقة بعلبك، وتدميرها ومقتل العشرات بعد هجمات لحزب الله اللبناني، يؤكد هذه النظرية، حيث من الواضح ان لبنان بات البلد الذي سيكون له فرس السباق في انتقال الازمة السورية الى اراضيه، خاصة بعد اعتراف السيد حسن نصر الله زعيم الحزب ان قواته تقاتل في جبهة القصير الى جانب القوات السورية.
الحرب الاهلية المذهبية في لبنان بدأت منذ فترة طويلة، ولكنها ظلت محصورة في مدينة طرابلس الشمالية واطرافها حيث شهدت المدينة صدامات دموية بين مقاتلين من اتباع الطائفة العلوية في جبل محسن وآخرين من انصار المعارضة السورية. وجميعهم من الطائفة السنية، في منطقة التبانة.
انحصار هذه الحرب الاهلية المصغرة في شمال لبنان لن يدوم طويلا، وانتقالها الى الوسط والجنوب بات مسألة وقت وتوقيت، فاللواء سليم ادريس رئيس هيئة اركان الجيش السوري الحر المدعوم سعوديا وتركيا وامريكيا، هدد بضرب معاقل حزب الله في الضاحية والجنوب اذا لم يسحب الحزب قواته من منطقة القصير في غضون 24 ساعة.
وجود مقاتلين تابعين للمعارضة السورية المسلحة في منطقة بعلبك ذات الطابع الشيعي، ومحاولة هؤلاء نصب منصات صواريخ يعكس امرين رئيسيين، الاول ان حزب الله متيقن، بل متأهب لوصول هؤلاء، والثاني ان هذه الصواريخ كانت موجهة الى القصير لمساندة القوات المعارضة المدافعة عنها والحيلولة دون استعادتها من قبل قوات الجيش السوري النظامي، ويمكن ان تستخدم لقصف اهداف لحزب الله في لبنان.
القوى الاقليمية والدولية المتورطة في الصراع على سورية، ارادت ان يظل لبنان في منأى عن اي امتدادات للحرب الطائفية السورية، حتى حزب الله نفسه، وعلى لسان السيد نصر الله في خطابه الاخير طالب الفرقاء اللبنانيين بالتقاتل على الارض السورية وليس اللبنانية، ولكن هذه كلها اضغاث احلام، فالمناشدة الكلامية شيء وما يجري على الارض شيء آخر.
الحرب الاهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 وامتدت لاكثر من 15 عاما، ادت الى تدمير معظم البلاد وتهجير اكثر من مليون لبناني ومقتل عشرات الآلاف من الجانبين، ولكن الحرب الجديدة في حال اندلاعها ستكون اكثر خطورة، ففي لبنان مليون لاجئ سوري على الاقل، وفتنة طائفية جمرها متقد تنتظر من يصب عليها بعض الوقود لكي تنفجر اشتعالا، وما اكثر هؤلاء في الوقت الراهن.
السوريون لجأوا الى لبنان للنجاة بحياتهم وارواحهم، فالى اين سيذهبون اذا ما طاردتهم الحرب الاهلية في ملجئهم الجديد، ومعهم ضعف هذا الرقم من اللبنانيين؟
الشيخ يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين فاجأ عشرات الملايين بفتواه التي كفرّ فيها ابناء الطائفة العلوية، وهاجم فيها السيد نصر الله وحزب الله بشراسة غير مسبوقة، وكان لافتا ان هذه الفتوى وجدت اصداء ترحيبية ومؤيدة في دول الخليج العربي على وجه الخصوص، مما يعني ان مجتمعات هذه الدول ربما تواجه اضطرابات مذهبية لقربها من ايران اولا ووجود اقليات شيعية في جميعها.
لبنان يظل الخاصرة الاضعف بسبب قيامه اساسا على اسس طائفية، وضعف حكومته المركزية، وهشاشة نسيجه الاجتماعي والوطني، ولكن الآخرين ليسوا في مأمن في الوقت نفسه.
2013-06-03 02:14:34