انتظرنا حربا كونية في الشرق الاوسط، وبالتحديد في سورية او ايران او الاثنتين معا، ولكن تصاعد حدة التوتر بين الكوريتين بطريقة متسارعة وتهديد الرئيس الكوري الشمالي الشاب بقصف واشنطن وقواعدها بصواريخ نووية، قلب كل التوقعات رأسا على عقب. المتحدث باسم البيت الابيض قال يوم امس، ان اطلاق كوريا الشمالية صاروخا لن يكون مفاجأة، مما يعني ان واشنطن تأخذ التهديدات بصورة جدية، وانها لا تستبعد ان تنفذ القيادة الكورية الشمالية تهديداتها. الازمة موجودة منذ الحرب الكورية في مطلع الخمسينات، وتدخل واشنطن لصالح كوريا الجنوبية ضد الشمالية من اسباب التوتر الرئيسية في تلك المنطقة، ولكن استصدار واشنطن عقوبات اقتصادية جديدة من مجلس الامن الدولي ضد كوريا الشمالية بسبب استئناف تجاربها النووية، يمكن ان يكون عود الثقاب الذي قد يفجر الحرب. الحصار الاقتصادي الخانق الذي تفرضه واشنطن منذ سنوات على كوريا الشمالية خنق اقتصادها وجوع شعبها، ولذلك فان اي عقوبات اقتصادية جديدة ستزيد الوضع الاجتماعي تفاقما. واشنطن تقول ان هذه العقوبات جاءت بسبب عدم التزام القيادة الكورية بقرارات الشرعية الدولية ومعاهداتها التي تحظر التجارب النووية بغرض الاهداف العسكرية، وتعد باسقاط هذه العقوبات في حال الالتزام، بينما ترى بيونغ يانغ ان امتلاكها اسلحة نووية هو نوع من الردع في ظل التهديدات الامريكية المتواصلة. الرئيس الكوري الشمالي الشاب كيم جونغ تولى الحكم قبل عام ووجد ان التصعيد مع واشنطن هو الطريق الاقصر اما لرفع الحصار وتخفيف العقوبات مثلما حدث في مرات سابقة، او الدخول في حرب مدمرة لانهاء معاناة شعبه. اسلوب ايصال الازمة الى حافة الهاوية نجح في مرات سابقة في جلب واشنطن الى طاولة التفاوض وتخفيف العقوبات، وتقديم مساعدات غذائية لكوريا الشمالية، وهو اسلوب تصفه واشنطن بالاسلوب الابتزازي، وحتى لو كان الامر كذلك فان فرض حصار خانق على شعب يريد تعزيز قدراته الدفاعية هو نوع من الاذلال لا يمكن تحمله. القيادة الكورية الشمالية تبدو جادة هذه المرة في الذهاب الى الحرب، فقد الغت اتفاقية الهدنة مع جارتها الجنوبية التي استمرت لاكثر من ستين عاما، واصدرت الاوامر لجنرالاتها بالحرب واستخدام كل الاسلحة والصواريخ الباليستية البعيدة والقصيرة المدى لضرب امريكا نفسها وقواعدها في المنطقة. الادارة الامريكية ردت بحشد طائرات القاذفة المجهزة بصواريخ نووية من طراز 'ب 52' العملاقة لمواجهة كل الاحتمالات. جهود ضخمة تبذل حاليا مع الصين للتوسط لدى كوريا الشمالية لتخفيف حالة التوتر والتحلي باقصى درجات ضبط النفس، وهناك محللون يقولون ان الصين غير مرتاحة للتصعيد الكوري الشمالي، وان هذه الازمة قد تعزز التقارب بينها وبين واشنطن، لكن ما زال من السابق لاوانه الذهاب بعيدا في هذا الاتجاه. احتمالات الحرب باتت كبيرة، وكوريا الشمالية تستعد لها بجدية، فقد طالبت باخلاء السفارات وسحب الرعايا الاجانب لانها لن تكون قادرة على حمايتهم اعتبارا من العاشر من الشهر الحالي. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن عدم فرض اي عقوبات اقتصادية ضد اسرائيل وفرض الحصار عليها وهي التي تملك 300 رأس نووية؟ انها العدالة الامريكية العوراء. سيريا ديلي نيوز  

التعليقات