كان إلى جانبي في اجتماع يستمع بهدوء إلى مداخلات وآراء وتحليلات عن حجم الإرهاب الذي تعرضت له سورية خلال الفترة الماضية من عمر المؤامرة وعمر الأزمة.. كان يخربش في قلم رصاص على ورقة بيضاء.. تأملته شخصياً.. ملامحه لا تشير إلى فنان تقليدي أبداً، هو ينتمي إلى شريحة الفلاحين وزرّاع الأرض باليد الخشنة لكنه يمتلك كما يبدو لي ناصية العلاقة العملية و الميدانية بين الإنسان والأرض.. ويتعامل مع هذه المعادلة - العلاقة - بشكل يومي وله في وجدانه أسبابه ومبرراته لهذه العلاقة وحيويتها و أبعادها النفسية والإنتاجية معاً. وبعد شوط من الحوارات وشوط من الإصغاء كان جاري يواصل الشخبطة على ورقته ويتوسع في الدوائر والزوايا والخطوط التي رسمها.. كثيرون يملكون القدرة على تحليل الرسوم والخطوط وتداعيات القلم، وقرأت أن جهات أمنية متخصصّة في الشأن السيكولوجي والنفسي تنقض على الأوراق التي يهملها المجتمعون أمامهم وتقوم بتحليل نفسيات المجتمعين واحداً واحداً بحيث يؤخذ بنتائج التحليل لهذه الوريقات المهملة في معرفة مكنونات كل واحد حضر الاجتماع والبناء على التحليل النفسي في اتخاذ القرار. رحم الله وزير الإعلام الأسبق الأستاذ  أحمد اسكندر أحمد  كنت وصديقي ننتظره في مكتبه بانتظار عودته من اجتماع تتدارس فيه القيادة تشكيل حكومة سورية جديدة، وعندما حضر والتقيناه سألناه عن الأسماء التي ستذاع بعد قليل قال خذا هذه الورقة التي دونت عليها الأسماء المتفق عليها، من بين هذه الأسماء وجدت اسماً وقد طالت واستطالت "شخبطة" الأستاذ ورسوماته وخطوطه.. فسألت هل طال النقاش حول هذا الاسم.. قال نعم وسألني مما عرفت؟ قلت من الزمن الذي استغرقه النقاش حوله بدليل الخطوط والرسوم والإشارات التي إلى جانب اسمه. أعود إلى جاري الفلاح الذي بدأت الحديث عنه، أنجز الرجل رسمته وإذ بها أشبه بلوحة صغيرة تشبه "البورتريه" إذا صحت التسمية لورقة الياسمين وقد عرشّت شجيرتها ورقته.. ملامحه وأساريره بَدَت مرتاحة وانفرجت عيناه قليلاً ليوحي إلي دونما اكتراث بأن ياسمينة دمشقية ولدت للتو بين أنامله الخشنة وكفّه المبسوط كما رقعة الأرض. همست بإذنه.. هل لي أن أقرأ ما أوحت به رسمتك من خلال الحوار الساخن عن الأوضاع.. و الإرهاب.. و القتل.. وجريمة حلب الجديدة وغيرها.. وافق.. قلت.. ألا تعني ياسمينتك المولودة من بطن هكذا حوار أنك متفائل في انحسار الأزمة ونهايتها.. قال بكل تأكيد.. وبرّر لي بأن البذرة الجافة التي تغرسها في الأرض تورف ظلالاً و إنتاجاً وفيراً في موسمها وقد زرعنا كشعب وكفلاحين البذور وكلّي يقين أن الإنتاج سيكون وفيراً أمناً وسلاماً وآماناً لشعبنا وبلدنا.. بوركت أياديكم وعقولكم وأناملكم يا زارعي الأرض، ويا راسمي المستقبل بريشة الواقع وبكف الوطن.. فالمواسم على قدر الإرادات.. وسوريا بخير.
  سيريا ديلي نيوز

التعليقات