الأزمة تعريفاً هي لحظة حرجة لا تنفع معها الحركة الروتينية المعتادة، وعلى هذا يمكن أن نقيس أي أزمة في أي قطاع أو مجال، ونقدّر الفعل غير المعتاد المطلوب لمواجهتها. إن الأزمة في سورية تستدعي تعاملاً مختلفاً عما كان يمكن أن يكون لو لم تكن، وعليه يمكن القول: إن على إعلامنا مهمات لم تكن مطلوبة منه في الماضي، سواء في توجهه نحو الخارج أو الداخل، وربما نستطيع القول إنه بات أمامه مهمات غير عاديه، وعليه أن يواجه تحديات لم تكن قائمة قبل الأزمة.. إنها مهمات أو ربما تحديات استثنائية في ضوء الحرب الكونية التي تشن ضد سورية في الأرض والفضاء معاً، وقد سخّروا لها من الإمكانات والطاقات ما لم يسبق أن تم تسخيره ضد أي دولة في العالم. وإذا توقفنا عند الإعلام نستطيع القول: إن مئات القنوات الفضائية بدأت حرباً إعلامية ونفسية عملت ولا تزال تعمل على بث الإشاعات والأكاذيب بهدف تدمير المواطن السوري من الداخل وإحباطه وتيئيسه، فربما حققوا من خلال ذلك هزيمته. مقابل ذلك بدأ إعلامنا بإمكاناته العادية مواجهة هذه الحرب التي لم يهيئ نفسه لها، سواء بهدف إفشالها، أو بهدف تحصين المواطن السوري ضد أكاذيبها، وقد استطاع أن يحقق تقدماً في هذا المجال، بدليل محاولة إسكات صوته من خلال وقف بث فضائياته على قمري عربسات ونايلسات، وتخريب إحدى هذه الفضائيات، واستهداف إعلاميين بقتلهم أو اختطافهم. باختصار إن إعلامنا قبل الأزمة هو غيره بعدها، لكن شأناً مهما يجب أن يستوقفنا هنا هو الشأن الاقتصادي في هذا الإعلام، بمعنى هل كان لدينا إعلام اقتصادي للأزمة ؟.. أو هل كان لدينا إعلام أزمة اقتصادي؟.. في الإجابة عن هذا التساؤل أجيب بأنني لا أعتقد أننا تعاملنا إعلامياً مع شؤوننا الاقتصادية كما ينبغي أن نتعامل في ظل هذه الأزمة، وأغلبية التصريحات الرسمية أو الكتابات كانت ولا تزال في أغلبيتها تركز على أننا في الطريق إلى خراب - وهذا ليس صحيحاً - فالمعامل يتم تدميرها، وخطوط النفط يتم تفجيرها، ومحطات التحويل يتم تخريبها، والبنى التحتية يتم استهدافها، والحقول يتم حرقها، والمواد التموينية تتم سرقتها، والمليارات خسرناها!.. إلى غير ذلك من تصريحات حكومية تقلق المواطن وتخيفه من الغد، وبعض آخر ما تم نشره في هذا المجال هو ما أوردته الموازنة العامة من أرقام وتوقعات محبطة للمواطن في العجز التجاري وفي سعر الصرف وفي التضخم وفي البطالة، وفي غير ذلك، وكان يمكن إغفال الفقرة التي تتحدث عن كل ما يمكن أن يحبط المواطن!.. فهل بمثل أخبار كهذه أو تصريحات نطمئن المواطن ونرفع معنوياته، وبالتالي صموده؟.. أم إن علينا طمأنته بالحديث عن مكامن القوة في الاقتصاد السوري، والعمل على توظيف هذه المكامن بالفعل، وأن يلمس هذا المواطن أفعالاً إيجابية في حل أزماته اليومية كي يثق بالحكومة وقراراتها، وباقتصاده ومكامن قوته، وهنا أشير إلى أن فضائيات ووسائل إعلامية تعادي سورية كثيراً ما أعدت تقارير تحدثت فيها عما وصفته بانهيار الاقتصاد السوري استناداً إلى تصريحات وزراء سوريين ولا سيما وزير النفط السابق، وكما يأتي في بعض تصريحات وزراء ومسؤولين حكوميين حاليين، وهي بذلك ترفع معنويات المسلحين، مقابل إحباط المواطنين!... إن مجرد إشاعة واحدة أو تصريح واحد يمكن أن يؤثر سلباً على الثقة بقدراتنا الاقتصادية وهي عديدة، وبإجراءاتنا الحكومية وأفترض أنها في الأزمة يجب أن تكون يومية، والاقتصاد المتين يدعم القرار السياسي، وهذا ما نريده من اقتصادنا، وهذا ما يستطيعه فيما لو وثقنا به ولم تفعل بنا التصريحات التي تتحدث عن الخسائر فعلها!.. بمعنى أن المطلوب التركيز على الجوانب الإيجابية فيه، والتأكيد على مكامن ومصادر قوته التي يختزنها، لرفع معنويات المواطنين وتجنيبهم الخوف من الغد على صعيد حياتهم ومعيشتهم، وهذا يتطلب أن يكون لدينا إعلام اقتصادي للأزمة.. أو إعلام أزمة اقتصادي، وفي هذا المجال أقترح تشكيل خلية إعلام اقتصادي للأزمة، أو خلية أزمة للإعلام الاقتصادي، على مستوى وزارة الإعلام ومؤسساتها، توجّه إلى ما يجب أن يُقال ويُنشر ويُبث ويُذاع، وما يحب أن يكون من حوارات أو العكس، وتكون هذه الخلية بمثابة العين الساهرة على الإعلام الاقتصادي في هذه الأزمة. لقد أهملنا الإعلام الاقتصادي للأزمة على الرغم من أهمية الشأن الاقتصادي لقرارنا السياسي ولصمودنا، فهل نتدارك الأمر ولو متأخرين؟.. سيريا ديلي نيوز - تشرين

التعليقات