تكالبت اقتصاديات أمم عديدة على الاقتصاد السوري ولم تستطع، رغم مضي أكثر من سنة ونصف من عمر الأزمة السورية أن تثني ذراع أهم مكونات  اقتصادها الصلب (الليرة السورية) وذلك رغم العاصفة الهوجاء التي ألمت باقتصادنا والتي لم تستطع أن تخفض من القوة  الشرائية لليرة السورية أكثر من 30% وهذا ما اعتبر،وفق منطق الأدبيات الاقتصادية الراهنة،عامل قوة لأي عملة في العالم في ظل الأزمات خاصة  إذا ما علمنا أن الدينار الليبي وخلال الأزمة الليبية انخفض لأكثر من 100%، وهذا ما رده الكثير من الخبراء الاقتصاديين إلى عوامل قوة تتمتع بها الليرة السورية. انخفاض مقبول الدكتور قيس خضر،الخبير في الاقتصادي النقدي والمالي، بيّن أن انخفاض قيمة الليرة السورية بمقدار 30%  وهو رقم مقبول مقارنة مع حجم الأزمة الحالية. وأرجع خضر عوامل قوة الليرة السورية إلى ثلاثة عوامل رغم الظروف الصعبة التي تعصف بالبلاد أولها يتعلق بكون الاقتصاد يمثل حاملاً رئيسياً لقيمة الليرة ولا يزال يحتفظ بقوة مقبولة نسبياً من حيث القدرة على التوازن بين العرض، أي أن السوق السورية لم  تشهد نقصاً حاداً في السلع والخدمات بشكل يدفع الأسعار إلى الارتفاع الهائل ليترافق ذلك مع انخفاض قيمة العملة (نميز  هنا بين أزمة نقص المواد وبين أزمة توزيع المواد) وأما العامل الثاني فيتعلق بوجود رصيد جيد من الذهب والعملات الأجنبية الأخرى التي استطاعت أن تدعم قيمة الليرة من خلال عدم أخذ البلد إلى  حالة نقص بالقدرة على سداد الالتزامات تجاه الخارج  أو لجهة عدم القدرة على تمويل المستوردات،  في حين أن العامل الثالث تكتيكي يتعلق بإعادة السيطرة على  السوق النقدية من قبل السلطات النقدية بعد فترة من التردد والتهاون التي شهدنا خلالها  انخفاضاً حاداً في قيمة الليرة خلال فترة محددة. ثقة المواطن بعملته وأضاف خضر إلى هذه  العوامل مجتمعة عاملاً رابعاً يكثر الحديث عنه في الأدبيات الاقتصادية المعاصرة لا سيما في الأزمة ويتلخص في مفردة "الثقة"، فثقة المواطن السوري بالليرة السورية كان لها دور بارز بإعادة وقوف الليرة على قدميها والاحتفاظ بقدرتها الشرائية عند حدّ معين، لافتاً إلى أن النظريات الاقتصادية تقول بأن العملات  هي مؤشر نقدي لقيمة السلع والخدمات التي تمتلكها دولة فبقدر ما يكون لهذه الدولة إمكانية أكبر في السلع والخدمات وقدرة أيضاً على إدارة ميزان مدفوعاتها بشكل أكبر بقدر ما تكون إمكانية المحافظة على استقرار قيمة العملة أكبر والعكس صحيح يمكن أن يشير البعض إلى دور يعتبره الكثير أساسياً للأسواق المالية في التأثير على قيمة العملة وهذا ما يعتبر عاملاً محدداً لا سيما في أوقات الأزمات، ولكن في النهاية  يمكن إرجاع هذه العامل إلى موضوع الثقة لا سيما في زمن ما يعرف بالنفقات المالية. في مأمن من الأزمات هذا في حين أكد خبير اقتصادي آخر  أنه رغم الهجمة التي تعرض لها الاقتصاد السوري خلال أكثر من سنة  ونصف من عمر الأزمة إلا أنه استطاع أن يجابه تلك الضغوط ومن ضمنها الليرة السورية التي حافظت  على قوتها الشرائية، وأشارهذا الخبير إلى أن الليرة السورية باتت الآن في مأمن من الأزمات وذلك في ظل وجود سلطة نقدية باتت تجيد سبل الحيطة والحذر من خلال اتباع سياسات نقدية صارمة فضلاً عن إجادتها لكيفية الاستخدام الأمثل للأدوات المتاحة لديها،  ناهيك عن وجود عوامل ذات علاقة بالعرض والطلب على العملات  الأجنبية  في السوق  لجهة أن الحكومة تمول أكثر من 65٪ من إجمالي قيم التجارة الخارجية وإن ثمة مؤشرات إلى وجود نوايا قريبة لتمويل 100٪ من احتياجات تلك التجارة من القطع الأجنبي وهو ما يعتبر كفيلاً بالقضاء على السوق السوداء نظرياً وعملياً. سيريا ديلي نيوز - البعث

التعليقات