منذ عبّرت الأزمة السورية عن نفسها بهتاف للحرية هنا أو هناك، لم يأت عليها حين من الدهر تتراجع فيه نحو الهدوء والتقدم باتجاه حلول تحمي هذا البلد وشعبه! وإنما عرفت التصاعد المستمر وصولاً إلى الحال الكارثية التي نحن فيها، والتي لا أظنها مرت يوماً، ولا شبيه لها، في التاريخ الحديث لهذا البلد. ولعل أخطر ما فيها أنها تنذر بالأخطر.‏ منذ بداية الأحداث توافر من ينبه ويقول: سورية الدولة هي الهدف وليست الحكومة السورية. لكن لم يتوافر من يقول: أرفض كل شيء إن كان الهدف، النيل من هذا البلد.‏ قالت واشنطن يومها – ولا أتخيلها كانت صادقة - : التعويذة لإخراج الحكومة السورية من المأزق الذي ستواجهه، الوقوف ضد إيران وحزب الله، وسرعان ما تناسخ هذا القول، التابعون والمؤيدون في مواقع كثيرة، حتى أصبحت مناصبة حزب الله وإيران العداء العلني، لا يحرج أبطالها أين سيصبح موقفهم من إسرائيل وأرضنا المحتلة؟!، ولن أعود إلى أسطوانة الهرج من حول تقديم أوراق الاعتماد لواشنطن وتل أبيب.‏ ما يجري اليوم يؤكد أن الولايات المتحدة لم تكن صادقة في عرضها، وبمفعول رجعي لهذا الاستنتاج، لم تكن الولايات المتحدة صادقة في عرضها على صدام حسين بالانسحاب من الكويت لحل أزمة الخليج، مطلع تسعينيات القرن الماضي.لقد صممت في حينه على إخراج العراق من المعركة بغض النظر عن صدام وموقفهم من صدام.‏ الولايات المتحدة تلوّح بالسيناريو ذاته، وقد بدأت بتهيئة أجواء المعركة:‏ - مبرراتها أسلحة كيميائية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل، تدعي وجودها وخطورتها وفيما بعد، الأمن والسلم العالمي.‏ - شرعيتها تحالف دولي ما، يشارك فيه الأعراب وفي مقدمتهم الجنرالان آل «حمدان» أصحاب المآثر العسكرية والفتوحات الديمقراطية في العراق وفي ليبيا على وجه الخصوص. ويحظى بفتاوى كثيرة لا تنتهي بسدنة خدمة الحرمين الشريفين.‏ - أما أدواتها فستكون إسرائيل. ولاسيما بعد فشل تركيا واعتذار الناتو في التصدي للمهمة، وسيكونان جاهزان للدعم عند الحاجة.‏ أكلّ ذلك من أجل سورية؟!‏ لا....بل من أجل إسرائيل ... هل ثمة من يشك بأولوية أمن إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة؟‏ المسألة لا علاقة لها بمؤامرة ولا بما يجري، فقط علاقتها بإنهاء سورية. وما يبقى منها لن يسعد أحداً بتولي سلطته.‏ لا أعتقد أن المسألة خافية عن أنظار القوى الإقليمية أو الدولية. وقد أعلنت روسيا صراحة قلقها من الأمر. وطبعاً سورية أيضاً، التي نبهت إلى خطورة الأمر، فاتخذوا من تنبيهها، مبرراً جديداً لطرح بوادر مشروعهم.‏ فلنستعد لإسرائيل، هي الأخطر، وسترينا الأيام، ومعنا منفذو جريمة الأمن القومي، أن إسرائيل هي كانت المخطط والمبرمج والمستفيد، وإلا فمن الذي يعنيه قتل ضابط عمليات عسكرية كبير كالعماد داود راجحة، وزير الدفاع السوري؟ ومن قبلها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري؟!... وحدها إسرائيل...‏ بقلم: أسعد عبود

التعليقات