كنا نتخيل سابقاً كيف عاش الإنسان قديماً بدون كهرباء، ولكن هذا الخيال العلمي ذو الطبيعة التاريخية أصبح حقيقة في ظل الظروف المجحفة المفروضة علينا.

فكل ما يحتاجه الإنسان من أمور يومية وصحية من غسيل واستحمام وكوي للملابس واستخدام للوسائل الضرورية للحياة والإنارة تعمل على طاقة الكهرباء، فأن يعيش الإنسان بدونها في هذا العصر هو شيء لا يقبله عقل ولا منطق، ولكن المؤسف في حياة السوريين أن هذه الضرورة الحياتية الملحة التي لا غنى للإنسان عنها أصبحت تحسب عليهم من قبل وزارة الكهرباء كأنها أمر كمالي يمكن الاستغناء عنه، وأن الحصول عليه ضرب من الترف والرخاء، وكل عام يأتي تسوء فيه حال الكهرباء أكثر من قبله، من زيادة في التقنين وتقطع في الشبكة.
تراجع مستمر

أين هي الخطط والتدابير المتخذة من قبل الوزارة لحل هذه المشكلة التي يعاني منها السوريون منذ أعوام طويلة، وهي بتراجع مستمر، وكلما زادوا من وعودهم فالمشكلة تستفحل أكتر من السابق، وقد أصبحت أزمة كبيرة ومستفحلة.
فأضرار التقنين بالكهرباء لم تدع وجهة في حياة السوريين إلّا وطالتها بالضرر، بدءاً بالصناعة والإنتاج وانتهاءً بالصحة.
الريف له الحصة الأكبر بالتقنين، تزيد عن 18ساعة يومياً، وفي بعض المناطق يمتد أسبوعاً أو أكثر دون أن يروا النور، أما البدائل عن الكهرباء، كالبطاريات ونحوها، لم تعد تجدي معهم نفعاً لتعذر شحنها بشكل كامل، وأحياناً بسبب عجزهم عن شراء غيرها في حال استهلاكها وضعف أدائها، بسبب الواقع الاقتصادي المعيشي الخانق، الذي بالكاد يحصلون في ظله على غذاء يقيهم شرور الجوع.
حياة غير صحية

تزداد الحياة مأساة عندما لا يستطيع الإنسان العناية بصحته وبنظافته بالشكل المطلوب، من غسيل لثيابه واستحمام دوري، فساعات التقنين غير المقبولة، وساعات الوصل المتقطعة، تحول دون ملء خزانات المياه، وتشغيل السخانات للاستحمام، وحتى لغسل الأيدي بشكل مستمر، وكثير من ربات المنازل يشتكين من عدم قدرتهن على تنظيف ثياب أطفالهن بشكل مستمر، ما يشكل عبئاً حقيقياً بكل تفاصيل الحياة التي يحتاجها الإنسان، وخاصة في ظروف الوباء الحالي وما يستوجبه من نظافة شخصية للوقاية منه.
الطلاب بلا إنارة

كذلك لا يمكن إغفال أن الطلاب يحتاجون إلى إنارة جيدة من أجل دراستهم اليومية، فكيف لطلابنا، وخاصة الأطفال، أن ينهوا واجباتهم في المنزل، وأن يضاعفوا دراستهم وهم مقبلون على امتحاناتهم بهذا الواقع الكهربائي المزري، الذي أوصل الكثير من الطلاب إلى مشكلات في الرؤية بسبب طول فترات الانقطاع أيضاً.
بلغ السيل الزُّبى

متى ستعي الحكومة العتيدة، وأصحاب القرار في وزارة الكهرباء، أنّ الكهرباء حاجة ملحة، يسبب انقطاعها تدهوراً بكل جوانب الحياة بأدق تفاصيلها، وتنعكس سلباً على كافة القطاعات والأفراد.
فهل مصلحة تجار الأمبيرات والبدائل الكهربائية، ومصلحة الفاسدين، أهم لدى الحكومة ومن خلفها ممن يديرون شؤون البلاد والعباد؟ أم يريدون من الشعب أن يتأقلم على العيش في الظلام؟ أم أن حياة الملايين من الناس أصبحت بالنسبة لهم على هامش خططهم، إن كانت هناك خطط فعلاً؟.
فقد صبر الناس كثيراً حتى «بلغ السيل الزُّبى»!.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات